أريحا–المحرر- نزيهة كسبة- في الصباح الباكر، يمر الزائر بممرات ضيقة مطلة على واد، تجري المياه من خلاله وحوله الكثير من النباتات، وعلى يساره بناءٌ ذو قناطر وزخارف عثمانية، وطيورٌ تحلق في المكان. هذا المشهد الجمالي الذي رسمته الطبيعة بين الصخور في أحد أغوار مدينة أريحا لم يكن سوى واحداً من المسارات التي نظمتها “مسارات الخير الشبابية”.
يقول أحمد الأسمر منظم هذه المسارات “فكرتنا قائمة على خروج مجموعة شبابية فلسطينية وأجنبية للترفيه عن نفسها، والتعرف على المناطق الفلسطينية والتاريخية”، مشيراً إلى أن العائد المادي من هذه المسارات يعود إلى الفقراء والمحتاجين ومساندتهم ودعمهم.
وأوضح أن فكرة “المسارات” قائمة على أن نظهر للاحتلال أننا باقون في بلادنا، وصامدون فيها، ومستمرون في التجول في مناطقها؛ لأن هذه الأرض أرضنا وملكاً لنا وإن كانت محتلة ويعمل الاحتلال على مصادرتها”.
وأضاف” لن نتخلى عن الأرض المقدسة مما كلف الأمر، وسنبقى صامدين ومرابطين لكي يرى الاحتلال المتغطرس مدى قوة علاقتنا بأرضنا”.
وتكمن أهمية المسار وأهدافه في تعزيز وتثبيت الرواية الفلسطينية، وخلق جيل واع في تحسين البيئة والحفاظ على المعالم الموجودة في فلسطين، والحفاظ على الطابع التراثي الفلسطيني لتعريف السياح به خلال المسارات.
“مسارات الخير” واحدة من عدة مسارات ينظمها شبان فلسطينيون، فهناك العديد من المسارات من بينها “فلسطين ع البسكليت”، و”تجوال”، و”مسار”، و”فرسان الأرض”، و”فريق مسار الشبابي”، و”مسارات مشي”، ومسار “تعرف على بلادك”.
وتعمل هذه المسارات على كسر الروتين لدى الشباب والهروب من ضغوطات الحياة، وتشبيك العلاقات فهي توفر فرصة لتكوين صداقات ومعارف جديدة بين المشاركين فيها من مختلف الثقافات وتعزز فكرة تقبل الجميع واحترامهم، كما تسهم في إنشاء جيل واعٍ يتمتع بمهارات إضافية مثل التواصل والتصوير، والهدف الرئيسي من المسارات هو حماية الأراضي المهددة بالتوسع الاستيطاني وإثبات وجود الفلسطينيين فيه.
صهيب سمارة منظم مسارات (فلسطين ع البسكليت) يقول” قمنا بتجربة جديدة وهي المسارات التجولية، وزاد الإقبال عليها لأنها فكرة تقوم على التجول في مناطق فلسطين التاريخية، بهدف تقوية العلاقات بين أهل فلسطين كافة، سواء كانوا في مناطق 67 أو في مناطق 48، للتأكيد على أننا شعب واحد يواجه المصير ذاته”.
وبين أن هناك عدة أسباب تسهم في زيادة الإقبال على المسارات من بينها سهولة الترويج لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ بدأت الفئات الشبابية تلتفت للأماكن التي تجسد طبيعة بلادهم وتغرس الوعي لديهم بأهمية الدفاع عنها، والعمل على زيارتها وإعمارها، بالإضافة إلى وعيهم بأهمية الرياضة للحفاظ على الصحة الجيدة.
وتقام فعاليات وأنشطة عدة في المسارات كتجربة الحياة الريفية الفلسطينية مثل تجربة الطعام الريفي على طرقهم الخاصة كالصاجية، والمشاركة بالدبكة الشعبية الفلسطينية والاستماع للعزف، وتجربة التخييم، ويمكن عيش مغامرات أخرى كتسلق الجبال والغوص في جداول المياه والينابيع والأنهار مثل نهر العوجة ووادي القلط في أريحا، واكتشاف المواقع التراثية والدينية والأثرية، والمشاركة في المناسبات الدينية، مثل المولد النبوي الذي يقام في مقام النبي موسى، ومراقبة الحياة البرية من طيورٍ ونباتاتٍ وغالب هذه المسارات تكون منظمة من قبل جمعيات الحياة البرية، وممكن تجربة مسارات ركوب الخيل، ومن ضمن المسارات يوجد مسارات تختص بالعلاج النفسي كالجلوس في الطبيعة وتأمل وممارسة الرياضة العادية أو رياضة اليوغا، ويمكن للمغامرين ومحبي الطبيعية والتصوير الذهاب للمسارات من أجل التصوير وممارسة هوايتهم، ويوجد مسارات مخصصة لمحبي ركوب الدراجات الهوائية.
وأشار سمارة إلى أن الاحتلال يعمل على عرقلة هذه “المسارات”، قائلا”80% من جولاتنا يعترضها الاحتلال ويمنعنا من المرور ويصادر مستلزماتنا كالبسكليت، ونجبر على تغيير طريقنا بالكامل بسبب اعتداءات المستوطنين المتكررة على المواطنين”.