رام الله-المحرر- اسيل جبارين
حذر الأسير المحرر شاي شلالدة أبناء شعبنا الذي يتعرضون لتجربة الاعتقال من انتشار ظاهرة العصافير خلال مرحلة التوقيف.
وتحدث الشلالدة في لقاء مع “المحرر” حول بعض القصص المرعبة التي يتعرض لها الأسير خلال فترة التوقيف لدفعه إلى الحديث عن معلومات يتم استخدامها ضده وضد العمل المقاوم.
واستعرض الشلالدة الذي أفرج عنه مؤخرا عن تجربة أسره التي استمرت (14) عاما، مستعرضا الوضع داخل سجون الاحتلال. وفيما يلي نص اللقاء:
*حدثنا عن اعتقالك، ومتى كان ذلك؟
– أعتقلتُ بتاريخ 15-5-2006 إثر عملية فدائية نفذتها وحدي، وأصيب خلالها ثلاثة مستوطنين، وتم اعتقالي بعد مطاردة دامت خمس سنوات.
*ماذا حدث معك بعد الاعتقال مباشرة؟
تم تحويلي إلى مركز التحقيق “المسكوبية” في القدس ، واحُتجزت هناك أربعة أشهر في ظل التحقيق الانفرادي.
كيف بدأ التحقيق معك بعد الاعتقال، وما الاسئلة التي وجهت لك، وهل كان هناك تعذيب في التحقيق أم لا ؟
التعذيب النفسي اليوم أكثر من التعذيب الجسدي، الذي يمارس في مراكز التحقيق مثل : الجلمة، والمسكوبية وتم إغلاق المسكوبية بشكل نهائي من قبل حقوق الإنسان، وتم تحويل التحقيق اليوم في عوفر والجلمة.
الأساليب التي تم استخدامها معي كانت بشعة وسيئة جداً ومن ضمن هذه الأساليب المستخدمة جلب زوجتك، كما كان لدي طفلان بعمر الأربعة أشهر وقالوا لي بأنهم سوف يجلبوهم ويرموهم أمامي، ونقوم باعتقال والدتك، وغير الأساليب الشائعة التي كانت تستخدم مثل: الشبح، والحرمان من الطعام لمدة (24 ساعة) أو التقليل من كمية الطعام، الحرمان من النوم ، منع الشخص المدخن من التدخين . الأساليب النفسية كانت تستخدم أكثر من أساليب الضرب، وأسلوب قانون “تميز ” الذي يمنع من مدة اليد نهائياً .وخلال هذه الفترة التي أمضيتها نزلتُ ما يقارب أكثر من (15) كيلو خلال فترة التحقيق معي، وأخر ستة أيام من الأربعة أشهر تم تحويلي إلى التحقيق العسكري الذي يُسمح به الضرب على أعلى مستوى حتى يصل الاحتلال إلى أكبر كمية من المعلومات.
هل كان التعذيب متواصلا معك أم لا؟
بالنسبة لي كان التعذيب فترة الأربعة أشهر فقط، ولكن هذا يختلف من شخص إلى أخر فأشخاص مدة تعذيبهم قد تصل إلى عشرين يوما، وشهر، شهرين، وخلال فترة الأربعة أشهر كانت تمنع زيارة الأهل لدي وقد تم عزلي عن العالم الخارجي، وخلال هذه الفترة تعرضت لتمديد الداخلي لأنني لم أعطيهم ما يُريدون، فكانت المحكمة الداخلية تعمل على تمديدي كُل أربعة أيام حتى وصلت إلى مُدة الأربعة أشهر، وهذه المدة قد تجاوزت أكبر مدة في القانون الذي وضعوه .
-هل معنوياتك كانت محطمة أثناء الاعتقال؟
من خلال مطاردتي الخمس سنوات لم أر شراسة الاحتلال إلا عندما دخلت السجن وبالتحديد في غرفة التحقيق، فشعرتُ بأن لا أحد معي سوى الله عزوجل، بسبب تبديل المحققين وأساليب تعاملهم معي، وكانوا يعملون على تسريب معلومات دنيئة وسيئة ويجعلون من الشخص بأن يشك في نفسه وفي جميع من حوله.
كيف تم استقبالك من قبل الأسرى الذين سبقوك في المعتقل ؟
يتم استقبال الأسير بطريقة ملائمة له وبنضاله وبرفع معنوياتهم، حيثُ يروي الشلالدة قصة حدثت معه في سجن ” نفحة “ويقول :عند التقائه في أسير ممن سبقه في الأسر سأله عن مدة محكوميته، فأجابه : تم حُكمي مدة 20 سنة تم قضاء 18 سنة وتبقى سنتين، وكتشفت خلال فترة أنه محكوم مؤبد و20 سنة وتم قضاء 18 سنة منهم، وعندما أخبرته لماذا لم تُخبرني بالحقيقة ؟ أجابني : ” بصراحة يا شادي ما كُنت بدي أحكيلك أني محكوم مؤبد و20 سنة ، لأنك دخلت جديد وما بدي أخفض من معنوياتك وتحزن لأنو بكفيك الحزن والتعب يلي حاملوا على كتافك “.
-هل هناك تفاعل وتفاهم بين المعتقلين، أم هناك ملل وصراعات شخصية؟
يوجد تفاهم بين المعتقلين ولكن لا يُخلى من المشاكل الداخلية بين الأسرى وخاصة أنه يوجد أسرى قدامى وأسرى حديثين لا يعلمون بالقوانين ويحتاجون إلى وقت للتعرف عليها، ويصعب على الشخص استيعاب أنه في المعتقل بعيد عن عائلته، وأهله، وأصدقائه.
-ما مدى صحة وجود عصافير (عملاء) بين المعتقلين ؟
يتم تواجدهم خلال فترة التحقيق، حيثُ يظهرون على شكل أسرى طبيعيين ، في البداية لا يعلم الأسير ما معنى عصافير، حيثُ يعمل ذلك العصفور على التلاعب في عقل الشخص وتهيئته على اخراج جميع المعلومات التي لديه وتوصيلها إلى إدارة السجون، وأنا خلال فترة قام بزيارتي محامي قال لي: بأنه رأى زوجتي وأطفالي التوأمين، وأن أخي يُسلم علي ويسألني عن مكان الأدوات لأنه عند اعتقالي لم يكن يوجد شيء معي، فمن هنا بدأ الشك يتلاعب في عقلي، وعرفت لاحقاً أنه عصفور يعمل لدى قوات الاحتلال، ويعمل الاحتلال على اغراء المعتقلين بأمور مثل تخفيض مدة اعتقالك، السماح لك برؤية والدتك وزوجتك، فمنهم من يستجيب لذلك ويعمل لصالحهم ومنهم من يرفض ذلك، ويتابع شادي كلامه ويقول : أنه تم اخباره بوفاة أخيه داخل السجن وقبل خروجه بأربعة أشهر من خلال عصافير كانوا يتواجدون داخل المعتقل.
كيف يقضي الأسرى معظم وقتهم؟
يوجد برنامج مخصص للأسرى يحتوي على مواعيد معينة تشمتل مشاهدة التلفاز، والقراءة، والتعليم ، ولعب الرياضة.
الأسير الشلالدة في سطور
الأسير شادي الشلالدة من مواليد 8 كانون الثاني 1981حيثُ ولد لأسرة من مدينة رام الله تتكون من 4 أشقاء وهو الخامس و3 شقيقات، درس بكالوريس علوم سياسية وعلاقات دولية داخل السجن وتحت أشراف الأسير القائد مروان البرغوثي.
عاد الأسير المحرر شادي الشلالدة إلى أحضان عائلته بعد 14 عاما قضاها في الأسر، على خلفية عملية فدائية نفذها في عين قينيا ، حيثُ كان في استقباله المئات من مختلف أنحاء البلاد في مدينة رام الله .
