الأغوار-المحرر-موسى أيمن دراج وعلاء خليل-يأبى الثمانيني أحمد خلف سالم بني عودة الرحيل من خربة مكحول في الأغوار الشمالية التي تواجه حرب تطهير عرقي يمارسها الاحتلال.
رغم أنه يعيش في أرض تحاضرها أربعة معسكرات لجيس الاحتلال وست مستوطنات، يصحو الرجل الثماني صباحا ليفلح أرضه، ويرعى أغنامه، غير آبه بما يدور حوله من عمليات تهجير لكل ما هو عربي في المنطقة، التي سكنها منذ سنوات قادما من بلدة طمون المجاورة.
يستذكر بني عودة وهو يزرع أرضا تبلغ مساحتها 400 دونم كيف كانت المنطقة قبل سنوات، فهذا المعسكر الذي يقع على مقربة قريبة من أرضه كان للجيش الأردني، وآخر كان للجيش العراقي، وكان في المنطقة (18) تجمعا سكانيا عربيا لكن الاحتلال مارس عبر سنوات عمليات تطهير عرقي أجبر أصحاب الأرض الأصليين على الرحيل.
تعرض بني عودة لعدة اعتداءات، ولممارسات قهرية من أجل دفعه إلى مغادرة أرضه، لكنه ظل صامدا مؤمنا أن الصمود واجب وطني وديني. حكمت محكمة احتلالية بترحيل بني عودة في عام 2018، وعندما حاول جنود الاحتلال التنفيذ واجههم مهددا إياهم بالقتال حتى الموت، فآثروا التراجع.
كانت الحياة حلوة ببساطتها قبل سنوات خلت، حينما يأخذ بني عودة عودة أغنامه لتأكل من عشب الأرض بالقرب من نهر الأردن وفي منطقة “عين شبلي” و”عين البيضاء” بعد أن يتزود بالحطب والمؤونة المطلوبة.
ظلت الحياة جميلة كذلك، إلى حين عقدت المحكمة الاحتلالية جلستها لكن الرجل الثماني الذي كابد الحياة بكل تحدياتها لم يتمكن من الحضور بسبب عدم منحه تصريحا لدخول اسرائيل، ورغم صدور القرار الجائر لكنه رفض الامتثال ومازال يتشبث بأرضه يمارس حياة الفلاح البسيط والراعي المجتهد في مواجهة آلة عنصرية مدججة بأعتى أنواع الأسلحة.
يوما ما، صادر جنود الاحتلال أغنام بني عودة، وحينما واجههم بأنهم سرقوا عددا منها، رد عليه الجنود بإطلاق النار فأصيب بثلاث رصاصات في يده وقدمه، نزع حطته عن رأسه وضمد بها يده وعاد إلى بيته، قام بغلي زيت وملح وسكبه على جرحه، لكنه يرى أن تلك الجراح والمتاعب أهون عليه من الرحيل.”أنا صامد ولن ارحل حتى لو عرضت علي الفردوس، اذا لم تسعني أرضي فأي أرض تسعني، لن اخرج من هنا حتى لو كنت أحبو رغم صحتي السيئة”.
يمضي صاحب الرواية الحقيقية في مسيرة الصمود، ووصيته أن يدفن في مغارة بجانب تلك الشجرة في أرضه ووصيته مكتوبة بدم وعرق مواطن أفنى عمره في خدمة الأرض ملخصها”لن ارحل”، فما يخطه على الأرض من ثبات سيبقى أسطورة تحكى لأجيال تتمسك بالحق رغم قوة الطغيان والظلم.