بقلم: رامي الخطيب
حظيت القضية الفلسطينية بحضور واضح وبارز في مباريات مونديال قطر 2022، فلم تتردد الفرق العربية وجمهور المباريات من رفع العلم الفلسطيني وعبارات التأييد والمناصرة لقضية الأمة العربية، في مشاهد فرح جمعت الشعوب العربية ووحدتها بعد قطار سياسات تطبيع من قبل حكوماتهم.
فبعكس المتوقع، عاش الإعلام الإسرائيلي أياماً صعبة في قطر، ومشاهد مواقع التواصل الاجتماعي الفكاهية كانت واضحة حول ردة فعل الجمهور العربي بمجرد علمهم أن الذي يقف أمامهم من”الإعلام عبري”، فمنهم من أنكر وجود إسرائيل ومنهم من حاول استفزازهم، ومنهم من لم يتعاط معهم أصلاً.
فقد صرح مراسلو القنوات العبرية بجمل قصيرة عن تجاربهم القاسية في قطر، معبرين عن مدى كراهية العرب لإسرائيل، وبعضهم قال “سنغادر قطر لأن الشعور سيء للغاية هنا!! الشعوب تقوم برفع علم فلسطين خلف الكاميرات، ومنهم من هتف الحرية للشعب الفلسطيني بلغات مختلفة: ارحلوا من هنا أنتم قتلة الأطفال ومحتلين لأرض ليست ملككم”.
وأعرب صحفي إسرائيلي عن استيائه من ردة فعل جماهير المونديال حينما عرفوا عن أنفسهم أنهم من إسرائيل، وكأنها مواجهة صعبة مع المناصرين للقضية الفلسطينية، قائلاً: قررنا تعريف أنفسنا على أننا من الأكوادور، فيما تزامن أن قامت هيئة البث التابعة للاحتلال بالتعاون مع ما يسمى بجهاز الأمن الداخلي “الشاباك” بتحذير جميع المراسلين والمواطنين الإسرائيليين الموجودون في قطر بعدم وضع أي شارة أو رمز يدل على أنهم من إسرائيل.
شعور أنك غير مرحب بك؟
شعور أنك منبوذ ؟
ألم يسأل المراسلون لماذا تعاملت معهم الشعوب العربية والأجنبية بهذه الطريقة ؟
ألم يسأل المحللون السياسيون وأصحاب القرار لدى الاحتلال لماذا كل هذا التضامن مع الشعب الفلسطيني؟
ألم يقتنعوا أنهم يطبعون فقط مع الحكومات المحكومة بمنطق القوة من قبل إسرائيل وامريكا؟
ببرنامج المونديال كانت التصفيات بين 32 فريقاً، أما على الأرض كانت الفرق 33 بعد حضور فلسطيني قوي في معظم المباريات، فقد كانت فلسطين اللاعب الأقوى والفائز بامتياز في هذا المونديال. حيث طغت القضية الفلسطينية على أرض قطر والعلم الفلسطيني سيطر على الملاعب والهتافات كانت تصدح في كل زاوية من زوايا قطر سواء خلال المباريات أو خلال الفعاليات، وحتى في الاحتفالات لوحظ لدى كل فريق عربي يفوز في احدى المباريات يقوم لاعبوه برفع علم فلسطين قبل رفع علم بلده الأم ليؤكد على أن الشعوب العربية شعوب حية بعيداً عن الأنظمة… مباراة المغرب وأسبانيا وفوزها أروع مثال.
التعامل مع إسرائيل كان ردة فعل طبيعية لشعب حي ذي كرامه وعزة، رفض قتل شعب أعزل، ورفض هدم البيوت وسرقة القرى وجدار فصل عنصري قسم أوصال البلاد، شعب رفض الاقتحامات الصهيونية المتطرفة لباحات المسجد الأقصى، بحجة بناء هيكل مزعوم.
على إسرائيل أن تدرك بأن الشعوب العربية تفهم المعادلة جيداً، وتفهم غاياتها من عمليات التطبيع مع أنظمة تخاف حرمانها من كراسي السلطة.
يتساءل الإسرائيليون الآن: لماذا السلام مع مصر والأردن (سلام بارد) بلا حرارة أبدا؟
لماذا لا يتصرف الشعبان المصري والأردني وكأن بينهما وبين إسرائيل سلاما؟ لماذا لا يتدفق السياح من مصر والأردن ومن الدول التي طبعت حديثاً إلى إسرائيل؟ لماذا يرفض الكتاب والفنانون والصحفيون والنقابيون والرياضيون إقامة علاقات مع نظرائهم في الجانب الإسرائيلي؟ المطلوب من إسرائيل حكومة وشعباً فحص ذاتي عميق وشجاع وعندئذ ياخذون أجوبة على هذه الأسئلة.
إن الشعوب العربية تدرك بالحس الشعبي المرهف وبالغريزة أن ما يجري بناؤه ليس السلام بل هو شيء ما مرفوض، وبنظر قطاعات شعبية واسعة هو السلام بـ”الاسم” أما حقيقية الواقع على الأرض فهو فرض واقع سياسي على غير إرادة الشعوب.
فإذا كانت إسرائيل تريد سلاماً بقوة العسكرة فلماذا اتفاقيات السلام اذا؟ فليأخذ رئيس الحكومة ورئيس الأركان قرارهما بالزحف لاحتلال العالم العربي؟!