الرئيسيةتقاريرمدرسة للذكور في كفر عين..حلم يقترب من التحقيق

مدرسة للذكور في كفر عين..حلم يقترب من التحقيق

 

رام الله-المحرر-شرف الرفاعي-مرت الأيام وتعاقبت السنون وما زال أهالي قرية كفرعين شمال غرب رام الله يعانون الأمرين بسبب عدم وجود مدرسة للذكور في قريتهم، ما يجبرهم على إرسال أبنائهم للتعليم في القرى المجاورة.

فقبل ما يزيد على سبعين عاماً كان أبناء القرية يذهبون لتلقي التعليم في مدرسة بشير البرغوثي الواقعة في قرية دير غسانة المجاورة، الأمر الذي كان يثقل كاهلهم جسدياً ونفسياً كون الطريق الواصلة بين كفرعين ودير غسانة جبلية ووعرة، بالإضافة إلى السير لمدة تصل إلى ثلاثين دقيقة للوصول إلى المدرسة وعقبات في التأقلم مع أبناء البلدة الأخرى، لكن هذه الأمور كلها لم تقف عائقاً أمام تفوق الطالب “الكفرعيني” بشهادة المعلمين وحصد المراكز الأولى في المدرسة.

الصعاب ظلت متواصلة ولم تختلف كثيراً عندما اتفق البلدان المجاوران أيضاً، كفرعين وقراوة بني زيد، على بناء مدرسة مشتركة بينهما تحمل اسم مدرسة قراوة وكفرعين الثانوية، لكن الصعاب المذكورة آنفاً بقيت تلاحق الطالب الكفرعيني وما زالت إلى يومنا هذا بانتظار الفرج.

معاناة الطلبة

يقول الأستاذ عبد المعطي البرغوثي (85 عاماً)، أحد الطلبة الذين درسوا في مدرسة بشير البرغوثي قبل أزيد من سبعين عاماً: “كنا نخرج من المنزل قبل موعد قرع الجرس بساعة لنصل في الوقت المناسب، وكان الطالب الذي يتأخر يعاقب، التأخير ممنوع. في أوقات الشتاء كنا نصل وملابسنا مبللة جداً عدا عن البرد القارس، وفي فصل الصيف تكون الحرارة مرتفعة والعرق يغدق من أجسامنا… هكذا كانت حياتنا التعليمية صعوبة في صعوبة”.

وحول معاناة الطلبة والتأخر في بناء مدرسة للذكور قال محمود الرفاعي، رئيس مجلس قروي كفرعين: “المدرسة حلم يجب أن يتحقق، وإن وجود مدرسة في القرية يخفف على الطلاب من أعباء الطريق إلى القرى المجاورة وما يعانونه في فصلي الشتاء والصيف وكذلك مشاكل الطرق والحوادث”.

 وحول الزيادة العددية للطلاب، أضاف: “أصبحت القرى الأخرى غير قادرة على استيعاب طلاب قرية كفرعين في مدارسها، وهذا بحد ذاته بداية لمشكلة تزيد من إصرارنا على إنشاء مدرسة للذكور في بلدتنا، وهذا ما سنحققه”.

وذكر الرفاعي أن الأسباب التي أدت إلى عدم وجود مدرسة تتمحور حول إطارين هما الإطار الرسمي والذي يتمثل في الحكومة بشكل عام ووزارة التربية والتعليم بشكل خاص، وعدم استجابتهما لبناء مدرسة للذكور بحجة وجود مدرسة قريبة تستوعب الطلاب، وكأن هذه النظرة آنية ولا تنظر للمستقبل، بالإضافة إلى عدم قدرة المؤسسات الرسمية والشعبية على التأثير على أصحاب القرار لاتخاذ قرار بدعم بناء مدرسة للذكور في القرية.

فيما الآخر هو الإطار الشعبي والذي يتمثل في المؤسسات والشخصيات المؤثرة في القرية، فالتواصل بين الإطارين الرسمي والشعبي كان شبه معدوم لوجود آراء تميل إلى الاكتفاء بمدرسة الإناث والمدرسة المشتركة مع قراوة بني زيد. مشيراً إلى أن المناكفات الاجتماعية العائلية أو التنظيمية وما تفرزه من فرقة، وكذلك انتخابات المجاس القروية، كان لها الأثر الأكبر في تأخير بناء المدرسة، حيث زادت هذه الانتخابات الفرقة بين أبناء القرية.

طرح لاقى اقبالا

    استبشر أهالي كفرعين خيراً عندما طرح عليهم أحد رجال أعمالها في الإمارات وهو الحاج جودت البرغوثي ببناء مدرسة “عظم” تقدر قيمتها بـ(400 ألف دينار) بشرط توفير قطعة أرض. وبناء عليه، بدأ أهالي البلدة بالتعاون مع المجلس القروي بجمع الأموال والتبرعات لشراء قطعة أرض وهذا ما حصل، حيث قدموا الغالي والنفيس وما تجود به أنفسهم لراحة أبنائهم حتى يتلقوا تعليماً كما أرادوا وأحبوا، في بلدتهم وبين أهلهم.

وقال الرفاعي حول وجود خطوات جادة لبناء المدرسة: “منذ البداية أدركنا أن بناء المدرسة لا يمكن أن يتحقق من الجهات صاحبة القرار من خلال الحكومة ووزارة التربية والتعليم والانشغال في بناء مدارس في المناطق المهددة بالمصادرة لتعزيز صمود أهلها وإبقاء السيادة الفلسطينية عليها، ولكن هذا لن يثنينا عن تحقيق الحلم… فعملنا على توفير الدعم المادي والتمويل الكافي والأرض المناسبة في مساحتها وموقعها”.

حلم أصبح حقيقة

بالفعل، بدأت المدرسة بالولادة عام 2018 وتم التوافق بين أهالي البلدة ووزارة التربية والتعليم على تسميتها باسم المتبرع “مدرسة الحاج جودت البرغوثي”، حتى أصبحت صرحاً شامخاً في أواخر عام 2019، ولكن بدون تجهيز كامل.

وقال عضو مجلس قروي كفرعين المهندس أيهم البرغوثي إنه من المتوقع أن تستقبل المدرسة الطلاب في أواخر عام 2023، ولكن هناك بعض الصعوبات التي سنتجاوزها بكل تأكيد والمتمثلة في الصيانة الدورية للمدرسة وتوفير مسلك خاص للطلاب، لا سيما على الشارع الرئيسي، بالإضافة إلى تخصيص مبلغ مالي من المجلس القروي لغرض الصيانة الدورية للمدرسة.

وكون الكمال لله، فإن أي مشروع من صنع الإنسان تعتريه بعض النواقص، إذ قال أحد أهالي القرية: “إن المدرسة تقع في الجهة الشرقية من القرية ما يضطر الطلاب للسير في الشارع الرئيسي الذي سيكون نشطاً في ساعات الصباح بالمركبات بالإضافة إلى بعد المدرسة خاصة عن الجهتين الشمالية والغربية”.

ولأن الاستثمار في البشر أولى الأولويات نجح أهالي قرية كفرعين في إنشاء مدرسة لتأوي طلابها وليبينوا أن العلم والتعلم أمر مهم في حياة البشرية، ولا يمكن أن يكون هناك مجتمع مدني مدرك وواع لما يحدث من حوله دون أن تكون لديه المعرفة والعلم الكافي.