18 منزلاً في البلدة القديمة مهددة بـ”المصادرة”
القدس المحتلة-المحرر-عرين جبارين-نافذة يضيئها انعكاس القبة، ورائحة القهوة المقدسية تعبق في المكان، وصوت الآذان يحتضن بيوتاً عريقة يحاول أصحابها حراستها من غول الاحتلال، هو نفس مقدسي يصارع للبقاء، هكذا بدا المشهد من بيت أم أحمد التي تعيش في حي عقبة الخالدية في البلدة القديمة بالقدس المحتلة التي تتعرض منذ احتلالها عام 1967 لحملات تهويد ممنهج.
” أنا طلة بيتي بتسوى العالم كله، فاوضوني على ملايين لكن أنا مش بياعة “، نورة غيث تروي لنا ما تقاسيه العوائل المقدسية من تضييقات الاحتلال، لمصادرة منزلها الذي ورثته أب عن جد ولا يبعد سوى أمتار من المسجد الأقصى المبارك، بعد أن استأجره والدها من حارس أملاك العدو عام 1953.
بصوت يخنقه الحزن والهم تقول غيث: ” انا معتبرة بيتي أسير، والأسير لابد أن ينال حريته “، مؤكدة أن بيتها هو واحد من بين ثمانية عشر منزلاً مهدداً بالإخلاء من الاحتلال.
تضيف غيث أنها تقارع حكومة الاحتلال التي تطاردها لتهجيرها من منزلها منذ خمسين عاماً بمجموعة من القضايا المتتالية، تحت ذرائع، كانت آخرها محكمة في 2016 وصدر خلالها قرار بأن يتم اخلاء منزلها بعد عشر سنوات، ويستمر الاحتلال بتضييق الخناق عليهم، لكنها ليست إلا محاولات لنزع الأرض من أصحابها الحقيقيين وستبقى بلا جدوى.
ويذكر أن البلدة القديمة هي أحد الأحياء المقدسية الرئيسية وتقسمها سلطة الاحتلال إلى أربعة أحياء بأسماء طائفية وهي: الحي المسيحي، والحي الأرمني، والحي الاسلامي والحي اليهودي، ويُمنع أصحاب البلدة القديمة من البناء والترميم والتراخيص لبيوتهم، والبالغ عددهم نحو 35 ألفاً، بينما يصل عدد المستوطنين في البدة القديمة إلى خمسة آلاف مستوطن.
يوضح خبير الاستيطان أحمد صب لبن أن الجمعيات الاستيطانية هي ذراع يخدم سلطات الاحتلال، ويبلغ عدد البؤر الاستيطانية ما يقارب ثمانية وسبعين بؤرة تتغلغل داخل الحي الإسلامي والمسيحي، مشيرًا إلى أن سكان الأحياء المقدسية، يتعرضون يومياً لكافة أشكال التشديد والتهديد والإخطارات بقصد دفعهم الإمضاء على عقود جديدة ، فيما يتم مراقبتهم وفي حال لم يتواجودوا في عقارهم لمدة ستة شهور يتم إخطارهم للإخلاء.
ويبين صب لبن أن الاحتلال يستهدف العائلات التي تقطن في العقارات التي تعود إلى الفترة الكامنة بين عامي 1948 -1967، وتصنف أنها عقارات “اسرائيلية” وضعت تحت وصايا حارس أملاك العدو، فيما وصف العراقيل التي تواجه سكان البلدة القديمة والتي لها علاقة بمؤسسات حكومة الاحتلال مثل “مؤسسة التأمين الوطني ” عن طريق قطع التأمين عنهم أو اعتقالهم لإضعاف مسيرة الصمود.
ويقول المواطن المقدسي رامي الخطيب : إن تضييقات الاحتلال تتصاعد مؤخراً لسلب المواطن المقدسي أبسط حقوقه مثل الضرائب والمخالفات والإغلاقات التي تثقل كاهل التجار وأصحاب المحال، ومنع العملية التعليمية من سيرها في النطاق الصحيح بهجمات على المنهاج وإستهداف العصب الأساسي للحياة في الشارع المقدسي، مشيرًا إلى الامتيازات الممنوحة لجماعات المستوطنين المتطرفة من قبل الحكومة الجديدة.
سياسة ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال، لترسيخ السيطرة على القدس عن طريق محاولات التهجير والاقتلاع والطرد وصولا إلى أسرلة المدينة المقدسة، لكنها ستظل محاولات فاشلة أمام إرادة وتمسك المقدسيين بأرضهم وثقافتهم العريقة.
يذكر أن مساحة البلدة القديمة تعادل 1 كيلو متر مربع أي ما نسبته 0.71% من المساحة الكلية للمدينة، وهي أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في الضفة والداخل المحتل، وفي حال إتمام إسرائيل خطتها بتوسيع حدود القدس لتصبح 600 كيلومتر مربع، ستتقلص مساحة البلدة إلى أقل من 0.15% من المساحة الكلية.