الرئيسيةتقاريرالاستيطان الرعوي.. حينما ترسم الأغنام والأبقار حدود المستوطنات!

الاستيطان الرعوي.. حينما ترسم الأغنام والأبقار حدود المستوطنات!

الأغوار-المحرر– نداء مليحات-“أينما تضع أغنامنا أقدامها فتلك لنا”، بهذا الشعار يسيطر المستوطنون على مساحات واسعة من أراضي المواطنين في الأغوار والتجمعات البدوية، باعتبارها مناطق تقل فيها الكثافة السكانية، وتكثر فيها الثروات الطبيعية، وذات مساحات شاسعة، والتي تمثل ما نسبته 30% من أراضي الضفة الغربية.

“الاستيطان الرعوي” مفهوم جديد للاستيطان ترسم فيه أغنام وأبقار المستوطنين حدود مستوطنات هدفها السيطرة على الأرض الفلسطينية في الأغوار ذات البعد الاستراتيجي الهام، باعتبارها مناطق حدودية مع الخارج، في ظل مخططات الاحتلال لمضاعفة عدد المستوطنين في الأغوار وشرعنة وجودها، وتزويدها بكافة خدمات البنية التحتية.

استهداف مناطق الرعي

بجانب التجمعات البدوية المهمشة يحاول المستوطنون إقامة بؤرهم الاستيطانية، مستهدفين المراعي، حيث يقومون بممارسة الحياة البدوية باقتناء المواشي، وجلب المياه لها من مناطق بعيدة، وهم متمسكون بهذا النمط من الحياة.

في هدف واضح، يسعى المستوطنون من وراء تلك البؤر الرعوية للاستيلاء على مناطق الرعي وحمايتها لقطعان المواشي من أغنام وأبقار، في ظل غلاء أسعار الأعلاف، فبات واضحًا أن أحد الأسباب هو اقتصادي هدفه السيطرة على المراعي عشبًا وأرضًا.

استيطان جديد يعتمد على الخداع والحيلة وتوظيف الثروة الحيوانية للسيطرة على مساحات شاسعة من المناطق والأراضي الفلسطينية المصنفة (ج)، وكل ذلك يتم بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي.

استفزاز الرعاة الفلسطينيين أحد أساليب المستوطنين من أجل رد الرعاة عليهم، وبالتالي استدعاء جيش الاحتلال للفلسطينيين والاعتداء عليهم واعتقالهم بحجة الأعتداء على المستوطنين، لتبدأ رحلة عذاب وفرض غرامات مالية على الفلسطينيين، مما يدفعهم إلى ترك المراعي وبالتالي السيطرة على الأرض.

هندسة الوجود الفلسطيني

يهدف المستوطنون من الاستيطان الرعوي إلى إعادة هندسة الوجود الفلسطيني في مناطق (ج)، والسيطرة على ظروف التطور الديمغرافي، من خلال التهجير القسري للبدو، كي يتم خلق واقع ديمغرافي يتفوق فيه عدد المستوطنين على الفلسطينين، والسيطرة على ثرواتهم الطبيعية، وصولاً للقضاء على أية فرصة لقيام دولة فلسطينية متصلة جغرافياً وديمغرافياً.

تبدأ رحلة الاستيطان الرعوي ببناء المستوطنين خيمة أو (بركسات) في منطقة قريبة من سكان البدو الفلسطينيين، ثم يجلب المستوطنون أغناماً وأبقارًا لترعى بجوار رعاة الأغنام الفلسطينين، ويسيطرون على مساحات شاسعة من الأراضي.

استيطان الأراضي الفلسطينية بهذا الشكل، يتخلله قيام المستوطنين بأعمال عنف ليلية تهدد حياة أهالي تلك المناطق، وكذلك سرقة مواشيهم أو بيوتهم أو الاعتداء على أطفالهم وترهيبهم بطرق بشعة مستفزة، مخالفة للقوانين الدولية وحقوق الإنسان.

يحاكي المستوطنون بطريقة الاستيطان الجديدة حياة البداوة الفلسطينية، والهدف ترحيلٌ قسريٌّ للتجمعات البدوية الفلسطينية والقضاء على إرث الفلسطينيين هناك، عبر خلق “نكبة جديدة” والتهجير القسري للبدو، وحرمانهم من أرضهم.

مراهقون يسيطرون على الأرض

مستوطنون مراهقون لا يتجاوز أعمارهم العشرون عامًا يملك واحد منهم فقط قطيع كبير من الأغنام والأبقار يتجاوز الـ200 رأس، ليفرض سيطرته الكاملة على المكان بحماية قوات الأحتلال الإسرائيلي، التي توفر له كامل الدعم والمساندة.

يقوم أولئك المستوطنون الرعاة بتسييج مساحات شاسعة جدًا من الأراضي، ويمنعون الفلسطينيين الدخول إليها، بادعاء ملكيتهم لها، ويسرقون ماشية الرعاة الفلسطينيين أو يسممونها  برش الأعشاب بالمبيدات.

تعد سياسة الاستيطان الرعوي الأسرع والأكثر جدوى لتهويد الأرض، فهي استيطان واسع بطريقة صامتة، في مقابل قمع قوات الاحتلال أية مسيرات سلمية أو أية تغطيات صحفية لما يجري في تلك المناطق.

اعتداءات تهدد الفلسطينيين

لم يكتف المستوطنون بالرعي وإقامة بؤر استيطانية، بل إنهم يعتدون على الفلسطينيين، ما عرض حياتهم للخطر، حيث يروي المواطن عطا مليحات من منطقة المعرجات شرق رام الله، بأنه تعرض لهجوم مستوطنين على قطيع أغنامه وتصدى ابنه لهم وضرب أحدهم على رأسه، فهاجم بقية المستوطنين مسكنه ليلاً، والبحث عن الشخص الذي ضربه، عدا عن مصادرة جراره الزراعي الذي يقوم بجلب المياه فيه لعائلته وأغنامه.

محمد سليمان مليحات يروي كذلك بأنه تعرض لمحاولة دهس من مستوطن عندما كان يرعى أغنامه، وكذلك محاولة المستوطنين الاعتداء عليه ومحاولة قتله، بعدما نصبوا له عدة مرات كمينًا لتنفيذ جريمتهم!

ويقول أمين سر حركة فتح في منطقة المعرجات سليمان مليحات: “إن المنطقة المحاطة بعديد المستوطنات، تشهد اعتداءات متكررة، حيث إنه كان قد أمسك بثلاثة مستوطنين تسللوا إلى منازل المواطنين في ساعات الفجر للسرقة أو الاعتداء على الأهالي، أو تنفيذ جريمة ما”.

محاولات للتصدي والصمود

يحاول البدو الفلسطينيون التصدي لسياسة المستوطنين الجديدة، عبر فضح ممارسات المستوطنين والاحتلال الإسرائيلي، محليًا ودوليًا، سواء عبر المؤسسات الدولية أو من خلال الإعلام المحلي والعالمي.

تؤكد منظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو، على أهمية تكثيف الجهود الدبلوماسية الفلسطينية لفضح تلك الممارسات الاستيطانية، ومن خلال عرض وشرح تلك القضية الوطنية والسياسية في جميع المؤسسات الحقوقية الدولية، وشرح معاناة الأهالي بسبب الاستيطان الرعوي، حتى لا يتم خداع العالم حول مجريات الوقائع على الأرض.

يدرك أهالي التجمعات البدوية، أهمية التصدي للمستوطنين ومواجهة سياسة الاستيطان الرعوي، فشكلوا فرق حراسة ليلية، للتصدي لأي هجوم ينفذه المستوطنون عليهم.