رام الله-المحرر- موسى ايمن دراج– بضع دقائق مرت على مغادرة الفتيين آدم وجوهر حلبية لإحدى التدريبات الكروية لنادي أبوديس شرقي مدينة القدس المحتلة؛ قبل أن يتعرضا لإطلاق نارٍ كثيف من قبل جنود مدججين بالحقد وأسلحة كاتمة للصوت، رصاصتان أحداهما في القدم اليمنى والثانية في القدم اليسرى قتلت حلم آدم حلبية في مواصلة مسيرته الكروية قبل أن تقتل عشر رصاصات أخرى سبعة منها في القدم اليسرى وثلاثة في القدم اليمنى حلم جوهر حلبية أثناء محاولته اسعاف زميله آدم.
جوهر حلبية وآدم حلبية لاعبا نادي شباب أبو ديس، انضما إلى قائمة اللاعبين الرياضين المعتقلين داخل سجون الاحتلال دون تهم واضحة بعد عودتهما من رحلة علاجية في الأردن إثر تعرضهما لاعتداء من قبل قوات الاحتلال الاسرائيلي.
ولم ينته عنف الاحتلال عند هذا الحد، بل أطلق كلابه البوليسية تجاه جوهر وآدم لعرقلة وصول سيارات الاسعاف أليهم وبعد محاولات تمكنت طواقم الإسعاف من الوصول إليهم ونقلهم الى المستشفى لتلقي العلاج.
وأوضح والد جوهر حلبية: “إسرائيل تعمدت اعتقال آدم وجوهر لإخفاء جريمة الاعتداء عليهما دون تهم واضحة بحق اللاعبين، بهدف زجهم في السجون واخفاء جرائم الاعتداء الوحشية بحق الحركة الرياضية“.
اما اللاعب مؤيد طومار فقد انضم أيضاً إلى رحلة الاعتقال التي تعاني منها الحركة الرياضية الفلسطينية، وفي سياق حديثه كشف عن قصة معاناة ضمن قصص عدة يتعرض لها الرياضيون بشكل مستمر.
فأثناء عودة مؤيد من نشوة انتصار فريقه اسلامي قلقيلية وفرحة فوز لم تكتمل اعتقلته قوات الاحتلال على حاجز عسكري اسرائيلي بعد عودته من مدينة قلقيلية إلى بلدة بيت أمر مسقط رأسه.
لم نستطع التواصل مع مؤيد، لكننا تواصلنا مع الدائرة الإعلامية لنادي إسلامي قلقيلية التي أكدت ان طومار هو أحد الركائز الأساسية للنادي هذا الموسم وهو أبرز هدافيه، وسيؤثر غيابه سلباً على الفريق.
طومار حكم عليه بالسجن 8 أشهر إداري، وتتواصل إدارة الفريق معه في محاولة منها للاطمئنان عليه باستتمرار.
وتؤكد إدارة النادي إن طومار بعث براسلة مفادها إن اعتداءات الاحتلال لن تكسر عزيمته كسائر أبناء شعبه الذين لا يركعون للمحتل.
اما سامح مراعبة لاعب منتخب فلسطين ونادي شباب الأمعري، فقد خاض رحلة الاعتقال ايضاً بعد أن كان مسافراً إلى قطر لقضاء معسكر تدريبي رفقة المنتخب الفلسطيني تحضيراً لتصفيات لآسيا وبطولة التحدي، وأثناء عودته إلى الوطن تم حجزه لمدة خمس ساعات على الحاجز الاسرائيلي دون أي تهمة قبل أن يصدر قرار اعتقاله في مركز تحقيق الجلمة لمدة ٤٥ يوماً.
وأفاد أيضاً انها كانت فترة صادمة له كونه لاعباً يخرج كل يوم ويمارس عمله وهواياته ، فقال إن الجلوس في غرفة لا تتجاوز المترين دون أي شباك أو منفذ للخارج ودون رؤيته لأهله قد أثر عليه بشكل كبير جدا، وبعد مضي 45 يوما من التحقيق المستمر وتوجيه الاسئلة له دون وجود أي تهمة واضحة، تم نقله إلى سجن مجدو، فكان في السجن ساحة صغيرة، وقام فأعد برنامجاً منظماً للتدريبات بشكل شبه يومي، ليمارس التمارين الصباحية في تمام السابعة صباحاً، إضافة إلى وجود نظام غذائي ليستطيع الحفاظ على لياقته البدنية بغض النظر عن ظروف اعتقاله الصعبة.
وأوضح أيضا أنه بالرغم من صعوبة الوضع إلا انه كان تحديا له للعودة إلى عمله وتقديم أفضل ما لديه عندما أفرج عنه من سجون الاحتلال بعد قضائه لثمانية أشهر ودفع غرامة مالية باهظة.
وقال إن فترة عودته الى الحياة كانت فترة صعبة بعض الشيء فكان هناك زيادة في الوزن رغم محاولته جاهداً للحفاظ على لياقته البدنية وعودته للوضع الطبيعي وعاد للتدريبات الرسمية في الملاعب الرياضية بعد خروجه من السجن، وانضم الى المنتخب الفلسطيني من جديد، وسافر رفقة المنتخب، فاحتجزته قوات الاحتلال لخمس ساعات قبل اصدارهم قراراً برفض سفره الى استراليا للمشاركة في بطولة أمم اسيا، فجاء قرار اللواء جبريل رجوب رئيس اللجنة الاولومبية الفلسطينية رئيس الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، بأن يكون هناك تدخل من الفيفا لتسهيل حركة اللاعبين الفلسطينيين وبعدها صدر قرار السماح له بالسفر وشارك في كافة المحافل الدولية رفقة المنتخب.
وأكد أن الاحتلال يستهدف الرياضيين الفلسطينيين منخلال اعقتقالهم او منعهم من السفر في ظل تطور الرياضة الفلسطينية.
لم تقتصر انتهاكات الاحتلال على كرة القدم، فكان لرياضة التايكوندو نصيباً من هذه الاعتداءات والاعتقالات.
يروي شادي نعيم وردة لاعب رياضة التايكواندو قصته وما تعرض له اثناء اعتقاله، مشيراً إلى أنه تم اعتقاله على حاجز زعترة حيث وجد جيبا احتلاليا ينتظره، فقام جنود الاحتلال بالتدقيق في هويته، وبعدها تم اعتقاله ومكث في السجم لقرابة العامين.
وعن حياته الرياضية في السجن افاد نعيم بانه يوجد نظام “الفورات” في السجون أي الخروج ثلاث مرات من الغرفة الى الساحة، في كل مرة مدتها ساعة حيث كان الجميع مجبراً على ممارسة الرياضة من السادسة صباحاً حتى السابعة صباحاً بعد ذلك يمنع ممارسة الرياضة.
ويقول”كان تدريبي فقط في هذه الساعة وكان يمنع ممارسة الألعاب القتالية مثل الكاراتيه والتايكوندو بداخلها”.
أما عن حياته بعد الافراج عنه من سجون الاحتلال “في البداية كانت الأمور صعبة لأن الأسير يكون قد اعتداد على نظام حياة معينة، فيخرج ليتقبل الناس، لكن لأن مدة اعتقالي لم تكن طويلة، فكان هناك تقبلا للآخرين بمساعدة الأهل والأقارب، فتجاوزت الأمر وقررت العودة الى ممارسة رياضة التايكوندو بقوة عن طريق الالتزام والانضباط في التدريبات”.
وفي خضم احتلال يجثم على الأرض، ويقاتل البشر والحجر، يستمر الرياضيون الفلسطينيون في خوض معاركهم بالميادين الرياضية، إلى جانب تصديهم لاعتداءات الاحتلال التي طالتهم في كل الساحات، ليظلوا دوماً عرضة كأبناء شعبهم إما للأسر أو الاستشهاد كونهم قد يتعرضون لإطلاق النار.