نابلس-المحرر-إلهام سلامة- تتعالى الأهازيج والأغاني الفلكلورية التراثية، من زقاق بلدة عصيرة الشمالية، والتي تعرف بتاريخها العريق، وكذلك احتوائها على العديد من المواقع الأثرية التي تعكس تنوعاً حضارياً يعود لحقب زمنية مختلفة، بحيت تمتاز البلدة بطابعها العمراني التقليدي من أقواس، وزقاق، وعقود، والأحواش الداخلية.
وتميزت نساء بلدة عصيرة الشمالية، بحبهن الشديد للتراث الفلسطيني، أذ يجتمعن يوم الثلاثاء من كل أسبوع من كبيرات في السن وأخرى فتيات، لخلق جو من الألفة والمحبة بينهم، وتتحدث كبيرات السن عن أيام الزمن الجميل فإذا بكل حاجة تروي تفاصيل حياتها القديمة وكيف هي الحياة بين الماضي والحاضر، ومن هنا انطلقت فكرة تأسيس فرقة زنار للتراث الشعبي.
تأسست فرقة زنار للتراث الشعبي الفلسطيني من 2005، وتعود فكرة التأسيس للسيدتين بثينة ياسين وسوسن سعادة وهي من ضمن أطار جمعية الهدى الخيرية، وتتكون الفرقة من (10) نساء.
وتقول بثينة ياسين وهي من مؤسسات فرقة زنار إن الفكرة جاءت مبادرة من صديقتها إلهام درويش ومن ثم أسست الفرقة مع سوسن سعادة، ومعنى اسم الفرقة (زنار) وهو الحزام الذي يلتف حول الخصر، ويلبسه كل من النساء والرجال وهي حكاية طويلة متعلقة في عمل المرأة الفلسطينية وجديتها في الحقل ومواسم الخير والعطاء ومعاونه الرجال فيما يخص الزراعة والتعشيب و الحصاد وقطف الزيتون.
وان الهدف الرئيسي من إنشاء الفرقة هو تعزيز التراث الفلسطيني والتمسك بالهوية الفلسطينية والأرض، وما يبث في نفوس الأجيال من أنغام الأرض المشبعة بالتضحية.
وأضافت بثينة أنه تتم دعوتهم للمشاركة في إحياء أعراس وحفلات وطنية كثيرة كزهرة الريف الفلسطيني عام 2015 بحيث فزن بالمركز الأول على مستوى فلسطين التاريخية، ومهرجان الجوافة في قلقيلة، يوم الأرض، ويوم التراث الفلسطيني، واليوم الوطني، وكذلك في أيام قطف الزيتون، وتتم أيضاً دعوتهن لتغطية فعاليات في البلديات ومعظم الجامعات، وتتميز الفرقة بنجاحها عربياً ودولياً وعالمياً، ولولا جائحة كورونا لكانت لنا حفلات في الدول العربية والأجنبية.
وقالت سوسن سعادة وهي من مؤسسات الفرقة، بأن الفرقة تمتاز بعدة صفات مقارنتها بالفرق الأخرى الموجودة في فلسطين، بحيث تقوم الفرقة بوصلاتً من الأهازيج والأغاني التراثية القديمة، ولا سيما أيضاً تميزهن باختلاف أعمارهن إذا تتراوح ما بين الـ (45) والـ (77)عاماً، وهذا يخلق جواً لطيف وألفة بين نساء الفرقة، وعند النظر إلى وجوه كبيرات السن البشوشة فسرعان ما يعدن بك إلى الماضي والأجداد والقصص والحكاية القديمة.
ويعد الزي التقليدي للفرقة من ثوب فلسطيني مطرز، وطرحة، وزنار، هو تأكيد للحفاظ على الزي بالتزامن مع سرقة الاحتلال ونسبه إليه في المهرجانات الدولية.
وذكرت سوسن بأن الأعراس قديما، كانت أجمل وأبهج بكثير، فيقومون بالغناء للحنة والخطبة وزفة العريس وطلعة العروس، ويتخللها صوت الطبلة بعكس أعراس اليوم التي تفتقر إلى مثل هذه الأهازيج والفقرات.
ومن أكثر نساء الفرقة شعبية الحاجة فاطمة البيراوي (ام ساهر) والتي تبلغ من العمر (77)عاماً، لها حضور وصوت جميل وكذلك ارتجالها في غناء الأغاني القديمة، وتقول بأنها حفظت هذه الأهازيج ظهراً عن قلب وأنها ستحفظه لأحفادها حتى يبقى راسخاً في عقولهم وليتم تداوله بين الشباب.
عند الجلوس برفقة أم ساهر تشعر وكأنك تعرفها من سنين طويلة، لكلامها الجميل وحديثها عن الماضي والعادات والتقاليد والحكايات والقصص التاريخية والتراثية، فهي من نساء القرية اللواتي يتحزمن حالياً بـ”زنار” للحفاظ على التراث الشعبي وحمايته من الاندثار، كيف لا وهن ينتمين إلى شعب يأبى إلا أن يبقى متجذراً في أرضه محافظاً على هويته وثقافته وتراثه.