رام الله-المحرر-هلال علي- لم يعد خافياً على أحد من أهالي بلدة سنجل، والبلدات المجاورة لها، أن ثمة مشروع استيطاني كبير يستهدف أراضي شاسعة في المنطقة.
هذا المشروع السرطاني المعلن عنه في أوساط المستوطنين، يستهدف سرقة أراض تعود في غالبيتها لمواطنين من بلدة سنجل في مواقع أبو العوف، والرفيد والمغربات، ورأس العقبة وغيرها.
تلك الأراضي تقع في قلب المشروع الاستيطاني الذي يسمى (غوش شيلو) أي تجمع شيلو، والذي سيضم كل من المستوطنات( شيلو، وعيلي، ومعاليه لبونة) إضافة إلى بؤرتين عشوائيتين هما (جفعات هروئيه وجفعات هرئيل).
المواطن مروح عبد الحق (أبو ثائر) من مواليد 1953 واحد من أصحاب الأراضي الذين يعانون يومياً خطر هذا الاستهداف، صمدوا ولا يزالون، ثبتوا في أراضيهم رغم ما يدفعون من أثمان كبيرة جراء اعتداء المستوطنين المتكرر، وبحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يساندهم بالقمع، والتضييق عليهم بالتفتيش الجسدي، والترهيب، وطردهم من أراضيهم تحت تهديد السلاح وإعلان المنطقة كمنطقة عسكرية مغلقة، ويمنع التواجد فيها، وفي بعض الأحيان اعتقالهم بدون سبب.
يقول أبو ثائر: “بلدة سنجل من اكثر البلدات في المنطقة المستهدفة للتوسع الاستيطاني . لإسرائيل ف هذه المنطقة أطماع استيطانية للاستيلاء على مساحات شاسعة لإنشاء ما يطلقون عليه تجمع شيلو، الذي يضم جميع الأراضي المصادرة من بلدة سنجل، وترمسعيا، وقريوت، واللبن الشرقية، والساوية، بحيث يكون لهم تجمع استيطاني كبير فيها” .
فصل شمال الضفة عن وسطها
هذه المنطقة تفصل بين محافظتي رام الله ونابلس، وفي هذا الشأن يقول أبو ثائر:” يريدون أن يزرعوا حزاماً استيطانياً ممتد بين جبال سلفيت غرباً، إلى الأغوار شرقاً، بحيث يتم فصل شمال الضفة عن وسطها”.
ويضيف :”أحنا كأصحاب أراضي في المنطقة، دورنا أن نقف أمام هذا الاستهداف والممارسات التي يقوم بها المستوطنون، حيث يلجأ رعاة هذا المشروع الاستيطاني إلى القيام بعمليات تخريب مستمرة، ومن أشكالها قلع الأشجار، وخلع الأشياك، وهدم السلاسل، واتلاف المزروعات بواسطة رش مبيدات لحرقها، وسرقة المحاصيل وغيرها” .
يهدمون فنبني… يقتلعون فنزرع
لم ييأس أبو ثائر، وباقي المزارعين من عمليات التخريب المتواصلة التي يقوم بها المستوطنون، حيث قال : “هم يهدمون، ونحن نبني مرة أخرى، هم يقتلعون الأشجار المثمرة، ونحن نعود لزراعة المزيد . ليس أمامنا خيار إلا الثبات على هذه الأرض، فهذه أرضنا، ورثناها عن أبائنا، وأجدادنا، وسنحافظ عليها، وسنحميها مهما كلفنا ذلك من أثمان!”.
وعن اعتداءات المستوطنين كشف أبو ثائر قائلا :”ولأننا موجودون باستمرار في أراضينا نواجه اعتداءات مستمرة من هؤلاء الزعران، وبحماية من جيش الاحتلال الإسرائيلي”.
ويضيف :”فأنا على المستوى الشخصي، تعرضت مرتين،لاعتداءات جسدية، حيث تم كسر يداي الاثنتين، في اعتدائين منفصلين، كما تعرضت لرش غاز الفلفل في وجهي، عدة مرات وتم تهديدي بشكل مستمر بإطلاق النار، مع ذلك فإننا صامدون في أرضنا، نعمرها، ونزرعها، ولن نسمح لهذا التمدد أن يبتلعها”.
الجميل في هذه القصة، أن هذا الصمود قد خلق حافزاً، لدى كثير من المواطنين، في بلدة سنجل للاقتداء بأبي ثائر، حيث يلاحظ الاهتمام المتزايد من قبل المزارعين، في أراضي تلك المناطق، لا بل أن كثير من المواطنين أصبحوا يزورونها بشكل عائلي، ويتنزهون بها في أيام الجمع، والعطل، والأعياد، حتى أنهم أحيانا يغنون( السامر السنجلاوي) أحد أوجه التراث المعروفة في بلدة سنجل.
في الحقيقة لا يوجد نهاية لقصة أبو ثائر، فهو صامد في أرضه، لا يفارقها كما أن الاستيطان كالسرطان ينتشر، ويتمدد، ويستحوذ كل يوم على أراضِ جديدة.
فهل ينجح أبو ثائر ورفاقه من المزارعين أصحاب الأرض المهددة في إحباط هذا المشروع الخبيث؟ سؤال يبقى برسم الإجابة في قادم السنين.