الرئيسيةUncategorizedآبار المياه العشوائية تهدد بكارثة إنسانية وبيئية

آبار المياه العشوائية تهدد بكارثة إنسانية وبيئية

إعداد براءة كيلاني

حلول فردية لجأ إليها المواطنون في قطاع غزة للهروب من شح المياه وملوحتها بحفر آبار عشوائية تلبي حاجاتهم، لكنها وإن كانت حلول مؤقتة إلا أنها ستسبب كارثة خلال السنوات المقبلة بحسب دراسة أجرتها سلطة المياه في غزة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP).

وتنتشر آلاف الآبار العشوائية غير المرخصة في قطاع غزة، بسبب ضآلة المخزون الجوفي والذي يقدر حوالي 10% فقط من مساحة فلسطين التاريخية، ما يعرض مياهٌ لاستنزاف كبير من قبل المواطنين الذين يستهلكونه بآبارهم العشوائية، خاصةً التي حفروها خلال السنوات العشر الماضية.

ومن الملاحظ أن قطاع غزة حاليًا بسبب الاكتظاظ السكاني يحاول أن يخرج من هذه المشكلة بالبناء بشكل طولي أي عن طريق الأبراج السكنية، التي يرفض السكان شراء الشقق فيها إن لم يكن يوجد بها بئر مياه خوفًا من التعرض لانقطاع المياه خاصةً في فصل الصيف، فيضطر صاحب البرج لحفر البئر قبل البدء في البناء وطبعا يكون ذلك بلا تراخيص ولا إشعار لسلطة المياه.

وفي لقاء مع مدير المعهد الوطني للبيئة والتنمية (NIED) أحمد حلس أفاد أنه لا يحمل المواطن أي  مسؤولية لممارسته مثل هذه السلوكيات الغير منضبطة مؤكداً أن هناك العديد من  الأسباب التي دفعت المواطن لممارسة تلك السلوكيات.

 وأوضح أن مشكلة تزويد السكان بالمياه البلدية اللازمة للأنشطة اليومية المنزلية في قطاع غزة تتفاقم بسبب غياب التيار الكهربائي وعدم توافق وصول الكهرباء مع وقت الإمداد بالمياه للمنازل عبر موفري الخدمات كالبلديات وخصوصا في المناطق الحدودية والتي أصبحت تكتظ بالسكان ويزداد فيها الطلب على المياه، وعدم توافق موعد وصول المياه مع وقت وصول التيار الكهربائي للأسرة يحرم الكثير من السكان من فرصة تشغيل

مدير المعهد الوطني للبيئة والتنمية (NIED) أحمد حلس

المضخات اللازمة لرفع المياه الى الخزانات المتواجدة فوق اسطح منازلهم، الأمر الذي يحرم هؤلاء السكان من مياه البلدية لفترات قد تصل الى في بعض أيام الأحيان، ليضطر الكثير من السكان إلى شراء المياه من الباعة والمتجولين )غير المأمونة من حيث الجودة( بأسعار باهظة أو العمل على حفر بئر مياه غير شرعي لسد احتياج الأسرة أو العيش ضمن ظروف الفقر المائي التي تؤثر سلبا على حياة الأسرة،  وبالتالي تسود حالة من غياب العدالة في توزيع المياه في الكثير من المناطق في القطاع،  بحيث تصل المياه البلدية الى أصحاب المنازل القريبة من بئر البلدية أو المنازل الأرضية بشكل اكبر ومستدام لفترة أطول من الآخرين في المناطق البعيدة أو سكان الطبقات العليا خاصة بالأبراج. تؤثر ساعات انقطاع الكهرباء الطويلة على إنتاج وتوزيع المياه بشكل سلبي، كما تحد من قدرة السكان على الحصول على المياه. إضافةً إلى ذلك، في بعض مناطق قطاع غزة يحصل الناس فقط على المياه مرة واحدة أو مرتين أسبوعياً.

وتابع حلس بأن التقارير والدراسات الواردة من سلطة المياه ومصلحة مياه بلديات الساحل تؤكد  أن حوالي %97 من مياه الخزان الجوفي هي مياه غير صالحة للشرب بشكل أو بأكثر ، نتيجةً لتسرب مياه الصرف الصحي المعالجة جزئياً أو غير المعالجة إلى الخزان الجوفي بمتوسط 12 مليون متر مكعب في السنة،  كما ويصب ما يقدر ب 35 مليون متر مكعب من مياه الصرف الصحي في البحر بشكل مباشر كل عام والتي تعود ولو بشكل جزئي إلى الخزان الجوفي عبر التسرب المباشر.

كما وأشار أن فقط ما يقارب %17.9 من المياه التي يتم توفيرها من خلال الشبكات العامة تتوافق مع المواصفات الخاصة بمياه الشرب حسب منظمة الصحة العالمية مقارنة بـ %18.4 خلال العام 2017. تمثل هذه النسبة ثلاثة مصادر مختلفة )%2.1 مياه جوفية ،%11.7 ميكوروت ،%4.1 مياه محلاة( .ويمكن تفسير هذا التدهور من خلال تدهور نوعية المياه الجوفية .

وبالاستناد إلى مسح سابق لليونيسف أجرته مؤسسة GVC عام 2016، يعتمد غالبية سكان قطاع غزة على إمدادات المياه العامة للاستخدام المنزلي مثل الغسيل والتنظيف ، ومع ذلك، فإن %17.7 من الأسر تستخدم المياه التي يتم توفيرها من خلال شبكة البلدية أيضاً للطهي )بشكل رئيسي( وكذلك للشرب،  إضافة إلى ذلك،  لا يعرف ٪6.9 من الناس ما إذا كان مصدر المياه الذي يستخدمونه صالحًا للشرب أم لا. هذا الوضع أكثر شيوعا في محافظتي خانيونس والشمال،  حيث يستخدم %25.5 و%24.4 من الأسر على التوالي المياه المنزلية للطبخ وكذلك للشرب .

وفي ختام حديثه قال حلس أن استدامة قطاع المياه في غزة مهمة ملقاة على عاتق سلطة المياه الفلسطينية بالدرجة الأولى، بشراكة وتعاون حقيقيين مع مقدمي الخدمات والمواطن بالإضافة إلى كافة المؤسسات ذات العلاقة. ومع أن المعيقات كثيرة إلا أن توزيع المهام قد يذلل هذه العقبات. وقد أظهرت التجارب السابقة أن تحقيق نجاحات حقيقية في تطوير قطاع المياه على المستوى الوطني والمحلي ليس بالأمر المستحيل،  كما أثبت عدد من مقدمي الخدمات ووفق مؤشرات محددة أن هذا النجاح ممكن أن يتحقق إذا سمحت الظروف السياسية والاقتصادية أن تتغير بما يدعم ذلك.

من جانبه ذكر مدير عام المياه والصرف الصحي في بلدية غزة المهندس سعد الدين الأطبش، أن البلدية ليس لها أي دور في الآبار غير المرخصة، وقال إن البلديات أيضا لا يُسمح لها بحفر الآبار وإنشاء شبكات مياه داخلية، لما له من تأثير على الخزان الجوفي.

وتبرر سلطة المياه منع البلدية حفر الآبار إلى تدني كفاءة شبكة توزيع المياه في غزة حيث تصل نسبة المفقود من المياه لـ 40% تقريبًا بسبب رداءة الشبكة لذلك عليها في البداية حلّ المشكلة ومن ثم حفر آبار جديدة.

وأضاف  الأطبش أن استهلاك المواطن الغزي يتراوح بين 30 إلى 90 لترا يوميا، في حين يجب أن تكون حصته وفق منظمة الصحة العالمية 150 لتراً، مؤكدا أن القطاع يحتاج إلى 200 مليون كوب سنويًا معانياً من نقص مقداره 100 مليون كوب، مشيرا إلى أن 85% من آبار غزة غير صالحة للشرب أو حتى الاستهلاك الآدمي ويقتصر استخدامها على الجانب الخدماتي فقط.

وأوضح الأطبش أن الحل الوحيد للتخفيف من الآبار العشوائية هو إيجاد بدائل لتوفير المياه للسكان بشكل أكبر.

وبحسب تقرير المعهد الوطني للبيئة والتنمية بدأت مصلحة مياه بلديات الساحل بالتعاون مع سلطة المياه الفلسطينية من خلال تبرعات مختلفة في تنفيذ ثلاث محطات تحلية قصيرة المدى صغيرة الحجم وهي:

  • تم الانتهاء من إنشاء وحدات تحلية مياه البحر بالتناضح العكسي 2000 م3/يوم وتشغيل المحطة لمعالجة مياه البحر وتحويلها إلى مياه صالحة للشرب.
  • إنشاء محطة تحلية مياه البحر بقدرة 6000 م3/يوم: تم الانتهاء من محطة تحلية مياه البحر بالتناضح العكسي بطاقة 6000 م3/يوم لخدمة حوالي 75000 من سكان خانيونس ورفح الغربية.
  • إنشاء محطة تحلية مياه البحر بقدرة 10000 م3/يوم في مدينة غزة:
  • إنشاء محطة جديدة لتحلية مياه البحر سعة 10000 م3/يوم لخدمة 250000 ساكن في الجزء الغربي من مدينة غزة .