رام الله-المحرر- صلاح كُلّاب- “أغلقوا خمسة حسابات لي على منصة فيسبوك بشكل نهائي، وإجمالا تعرضت حساباتي لأكثر من 78 انتهاكاً سواء بالحذف الكامل أو التقييد أو منع البث المباشر أو الإعلانات وغيرها، يقول الصحفي علي عبيدات.
اعتقالاتٌ متكررة لصحفيين فلسطينيين وإغلاق مقرات العديد من المؤسسات الإعلامية كانت واحدة من الممارسات التعسفية التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي على أرض الواقع، إلى أن جاءت الثورة الإلكترونية من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، التي أفقدت الاحتلال الإسرائيلي قدرته على التحكم بالخطاب الفلسطيني أمام العالم، رغم قدرات الاحتلال الهائلة في التحكم بالوسائل الإعلامية التقليدية حول العالم.
وكان لتلك الوسائل دور بالغ الأهمية في إيصال الرسالة الفلسطينية، على سبيل المثال في الحروب الأخيرة على قطاع غزة، أو معركة بوابات القدس، أو معارك الإخلاءات في حي الشيخ جرّاح وغيره.
هذه المعادلة الجديدة التي فرضها المحتوى الفلسطيني أربكت الاحتلال الإسرائيلي ودفعت به نحو شنّ حرب إلكترونية، بالتعاون مع إدارات تلك الوسائل تحت ذرائع متعددة أثّرت على المحتوى الفلسطيني.
ويكمل الصحفي عبيدات قوله: ” الحساب الحالي على فيسبوك تعرض للتقييد لمدة 90 يوماً، أما على انستغرام فلدي حساب حذف بشكل نهائي من شهر أيلول العام الماضي، والحساب الحالي في حالة تقييد بنسبة 50 % للوصول، وكذلك ممنوع من الإعلان والبث المباشر”.
وتطال عمليات التقييد الأشكال المختلفة من النشر سواء الكلمات أو الصور أو الفيديو، وهذا ما أكّده حافظ أبو صبرا مراسل قناة رؤيا في فلسطين، علما أنّ منشوراته كلها مواد صحفية وعلى سبيل المثال حذف مادة صحفية كانت مرفقة بصورة لأحد أفراد كتيبة جنين، خلال فترة ما سُمي بالهروب الكبير لأسرى سجن جلبوع.
وكذلك تقرير فيديو عن الأغاني الوطنية الجديدة وخاصة التي تمجد عرين الأسود وكذلك كتيبة جنين، وأيضا حذف “ستوري” عن الطفلة جنى التي استشهدت برصاص القناصة في جنين خلال إنقاذها لقطتها على سطح منزلهم، أو قصة عن الطفل محمد زكارنة الذي استشهد بعد إغلاق بسطته بساعة عن آذان المغرب في رمضان الماضي وتلقى رصاصة بفخذه، علماً أنّ الموضوع كان عن حالة طفولة.
من جهته مركز صدى سوشيال وثّق تقريره الدوري عن شهر آذار المنصرف أكثر من 88 انتهاكاً رقميًا بحق المحتوى الرقمي الفلسطيني عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وأشار المركز إلى أنّ شركة ميتا تحتل قمة الانتهاكات حيث بلغت 71 انتهاكا متنوعا ( فيسبوك 56 و انستغرام 15)، ثم تليها منصة تويتر 13 وتطبيقي تك توك ويوتيوب بانتهاكين لكلٍ منهما.
وكانت أعلى نسبة انتهاكات خلال الشهر هي للمؤسسات الصحفية والإعلاميين حيث بلغ نسبة عدد الانتهاكات 69.3% تنوعت ما بين حذف الصفحات والحسابات الشخصية والمنشورات والتقييدات وحذف المضامين ومنع البث المباشر.
وبلغت نسبة عدد الذكور المستهدفة خلال الشهر 52% بينما بلغت نسبة عدد الاناث 18% من اجمالي الانتهاكات الشهرية، و تقييد الوصول 11.3% و حذف كامل للصفحة أو للحساب الشخصي 19.3%، بينما كان التوزيع الجغرافي للانتهاكات على النحو التالي: الضفة 60% و غزة 13.6% و الداخل والقدس 9% و الخارج 11.3%، كما رصد المركز أكثر من ٢١ منشوراً احتوى على خطاب كراهية وتحريض ضد الفلسطينيين.
ومن خلال الرقم الذي أظهره مركز صدى المتعلّق بانتهاكات للخارج وصلت إلى 11,3% فهذا فعلاّ ما تأكّد خلال حديثنا مع معاذ حامد مراسل قناة العربي في اسبانيا، الذي أشار إلى أنه تعرض لتضييقات على منصة فيسبوك خلال النشر عن القضية، ولكنه أبدى تعجبه أكثر بعد حذف حساب فلسطين 27 على منصة تويتر الذي كان مخصصاً فقط للنشر عن تاريخ فلسطين وليس عن الصراع اليومي، وكذلك الأمر حصل على صفحة الانستغرام.
بالعودة إلى التقرير أعلاه، تشير نداء بسوني المنسق الإعلامي لمركز صدى سوشيال إلى أنّه أمام هذه الحالة بالإمكان تقديم نصائح للنشر عبر التواصل الاجتماعي تخفف ولكن لا تمنع من التقييدات والحظر بسبب أن الاحتلال فعلا يخوض حربا رقمية شرسة في هذا المجال، وهو يدير غرف مراقبة تقدم بلاغات ضد المحتوى الفلسطيني بشكل مستمر والمشكلة الأكبر أنّ إدارات وسائل التواصل تتعاطى مع البلاغات الإسرائيلية بشكل أقوى من البلاغات الفلسطينية.
ومن ذلك على سبيل المثال تغيير اسم الملف وهو على سطح المكتب في الحاسوب قبل الرفع على المنصات، لأنّ أدوات الرقابة على تلك المنصات قادرة على قراءة تفاصيل التخزين الأساسية، إضافة إلى تجنّب استخدام مفردات مباشرة تخص الفصائل التي تدخل تحت ما يسمى “قائمة الإرهاب”.
وفيما يخص الحالة التي يصل فيها للصحفي خيار قبول التقييد، تقول بسوني: “نحن دائما نخبرهم بضرورة الرفض لسببين، أولا كي تنتقل المراجعة من العنصر الآلي أي الحاسوب إلى العامل البشري الأقدر على فهم السياق، وثانيا هذا الأمر يسهّل علينا مهمة الدفاع عن الصحفي خلال المرافعات القضائية”.
وتضيف بسوني أنه على الرغم من صعوبة المهمّة، هناك العديد من المراجعات والتوصيات ومنها أن “ميتا” طلبت من مجلس الإشراف لديها دراسة حالة كلمة شهيد ومدى إمكانية رفع التقييد عنها لأن المصطلح لا يقتصر على الفلسطيني فقط، بل هو بالموروث الثقافي والديني للعرب والمسلمين كأن نقول أن الغريق شهيد والحريق شهيد، ولا تستخدم فقط خلال الصراع السياسي، وهذه بادرة جيدة.
وتقول بسوني في ختام حديثها: “رفعنا عديد الشكاوى القانونية بالتعاون مع مكتب محاماة في لندن في المحاكم الأمريكية ضد شركة ميتا بسبب تعطيل حسابات إعلامية فلسطينية ونشطاء عرب وفلسطينيي ونجحنا في إعادة العديد من الصفحات ورفع القيود عنها، ولكن بالمجمل يصلنا العديد من الوعودات للتغيير، ولكن التنفيذ على أرض الواقع نادرا، وهذا كله يعود إلى قوة ضغط الاحتلال بسبب علاقاته الدبلوماسية والاقتصادية مع تلك المنصات”.