رام الله-المحرر-هلال علي- عيسى غفري (62) عاما أستاذ متقاعد من بلدة سنجل بمحافظة رام الله والبيرة تعرض عدة مرات لاعتداءات “رعيان” المستوطنين، وقمع الجيش المساند لهم، ورغم ذلك مستمر بالتواجد اليومي في أراضيه لزراعتها والاعتناء بها عن طريق حراثتها وبناء “السناسل” وتشييكها.
يقول غفري لـ”المحرر” وقد غمر وجهه، العرق المجبول، بتراب الأرض وعلامات الإرهاق، والتعب”لن نترك أراضينا”. ويضيف” ينتظرون الفرصة في كل مرة، عند مغادرة الأرض متوجهين لمنازلنا، ليتسللوا بأغنامهم لأراضينا المزروعة، ليقوموا بالتخريب واتلاف مشروعاتنا، وتدمير المحاصيل، والأشجار المثمرة”.
تشهد الضفة الغربية بشكل عام، وشمال وشرق محافظة رام الله على وجه الخصوص، تسارعا في الاستيطان الرعوي الذي تنفذه شركات، ومنظمات إسرائيلية متطرفة، وبدعم وإسناد من حكومة الاحتلال بهدف سرقة أراض جديدة، لتوسيع المستوطنات القائمة، أو إنشاء بؤر استيطانية عشوائية، عن طريق فرض أمر واقع عليها، بحماية عسكرية من قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تهرع على الفور، للتدخل، وقمع أصحاب الأراضي الفلسطينيين، حال دفاعهم عن أراضيهم، أمام” زعرنة ” المستوطنين، التي تكاد تكون شبه يومية.
ويخشى المواطنون من أن يقود هذا النوع الجديد من الاستيطان إلى ابتلاع مساحات شاسعة من أراضيهم، والسيطرة عليها.
كثير من أصحاب الأراضي، في شمال رام الله، وتحديداً من بلدات سنجل، وترمسعيا، واللبن الشرقية، وقريوت، والمغير باتوا على قناعة بأن شعار المستوطنين، يتلخص في “تنتهي حدود سيطرتي على الأرض عند الحدود التي تصل إليها أغنامي”.
يقول المزارع ربحي غفري (62) عاما “أحياناً وبهدف منع المواطنين من التصدي للاعتداءات، ابتكر هؤلاء (الرعيان) أسلوباً جديداً يتمثل بإرسال مستوطنة مع الأغنام لترعاها. ويضيف” تخيل بتيجي ابنة او امرأة أحد المستوطنين مع الأغنام عشان ما نقدر نحكي معها كلمة، في أكثر انحطاط من هيك سلوك؟”.
ويتابع”أنا مقتنع أن هناك غرفة عمليات، لإدارة التوسع الاستيطاني في المنطقة” ، مضيفا”في غضون دقائق قليلة يتجمع زعران المستوطنين، من جميع المستوطنات المحيطة بنا، كيف؟…حتى قوات الجيش، تحضر بسرعة، وتبدأ بقمعنا، بإطلاق النار، وقنابل الغاز المسيل للدموع”.
يؤكد ربحي أن جيش الاحتلال متواطؤ مع المستوطنين لمساعدتهم على تنفيذ مخططاتهم، ما يشير إلى أنها سياسة إسرائيلية رسمية، لافتاً إلى أنهم أحياناً يتصلون بشرطة الاحتلال للإبلاغ عن اعتداءات المستوطنين، لكنها ترفض الحضور، وتطلب منهم التوجه لمركز “بنيامين” قرب بلدة مخماس، إذا رغبوا بتقديم شكوى في الوقت الذي ينحاز جيشهم مع المعتدين.
ولدى سؤال ربحي عن الخيارت المتاحة، أمام المواطنين أصحاب الأراضي أجاب: “لا يوجد أمامنا سوى خيار الصمود، والثبات على أراضينا، إذا خربوا سنعيد التعمير، إذا قطعوا الأشجار سنزرعها من جديد، إذا هدموا الجدران “والسناسل” لن نيأس سيتم إعادة بنائها”.
وفيما إذا كان هناك دعم لأصحاب الأراضي، لتعزيز صمودهم، توجهنا بالسؤال للأستاذ عيسى غفري، والذي قال: “دعم بسيط، من بعض الجمعيات المحلية، التي تنشط في مجال الزراعة، لكنه لا يرقى لتعزيز الصمود، نحن ندفع من جيوبنا للعناية بأراضينا، وحمايتها”. يضيف:” بلدية سنجل تساندنا ضمن امكانياتها المتواضعة، وتحديداً في الحراثة، وتوفير بعض الأشتال للزراعة، لكن انظر لحجم الدعم، الذي يحصل عليه المستوطن، فخط المياه من شركة “مكوروت”الإسرائيلية، يرافقه أينما ذهب، حتى الكهرباء يحصل عليها”!
ويبدي المواطنون مخاوف أن تمضي هذه السياسة الاحتلالية قدماً وصولاً إلى مصادرة أراضيهم وتقييد حركتهم واستمرار العنف بحقهم، مطالبين الجهات الرسمية الفلسطينية بتخصيص موازنات لدعم المزارعين لتمكينهم من التصدي لهذه السياسة الممنهجة، ورفع قضاياهم إلى المحافل الدولية وبخاصة في محكمة الجنايات الدولية. كما طالبوا المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته والتدخل قبل فوات الأوان لوقف هذا التوسع الاستيطاني الذي سيقضي على حل الدولتين وسيقود المنطقة إلى مزيد من العنف.