رام الله-المحرر-أمل زهران-“أنا العبد الفقير لله، لا أعلم متى يدركني الموت ومتى ستنتهي رحلتي في هذه الدنيا الفانية التي خدعتنا بجاهها وعزها ومالها.. بنفس راضية، ربي اشهد عليّ أني سامحت الجميع دنيا وآخره”.
هذا آخر ما قاله وتركه العريس المشتبك فاروق سلامة قبل استشهاده.
فاروق سلامة ابن مخيم جنين، ولد وترعرع في المخيم وتلقى تعليمه في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” حتى الثانوية العامة، وبدلاً أن يكمل دراسته الجامعية التحق بالمقاومة فانتمى مبكراً لحركة الجهاد الإسلامي، حتى أصبح أحد أبرز قادة سرايا القدس الجناح العسكري للحركة.
كما أعتُقل وقضى في سجون الاحتلال ثماني سنواتٍ متفرقة، حيث كان أول اعتقالٍ له وهو في الخامسة عشر من عمره.
ينحدر سلامة من عائلةٍ مناضلة قدمت العديد من الشهداء والأسرى، ولم يتراجع عن طريق من سبقوه من عائلته، وسار رفاقه على دربه بعد ارتقائه، لتغدو المقاومة كالوراثة تنتقل جيلٍ بعد جيل ولا يمكن لهذا الاحتلال أن يدحرها بالتخلص من المقاومين.
عُرف سلامة بعناده وصلابته في مقاومة الاحتلال أثناء اقتحامه لمخيم جنين، والتصدي لقواته الخاصة مع رفاقه، فضلاً عن تنظيمه المقاومين ورص صفوفهم ونصبه للحواجز والمتاريس الحديدية داخل المخيم لاعاقة اقتحام الاحتلال من للمخيم.
كما يتهمه الاحتلال بمقتل ضابط في وحدة اليمام الإسرائيلية خلال اقتحامها لمخيم جنين في الثالث عشر من ايار الماضي، وتنفيذ سلسلة عمليات إطلاق نار تجاه جنود الاحتلال.
ارتبط فاروق سلامة من الشابة نغم واكد التي كانت مدركة بأن الاحتلال يطارده، وأنه بأيةِ لحظة ممكن أن يأتيها خبر استشهاده، لكن الذي لم تتوقع حدوثه أن يرتقي سلامة قبل زفافه بيومين.
حيث استشهد سلامة في عملية اغتيال جبانة على يد قوة خاصة من جيش الإحتلال في مخيم جنين بعد ظهر يوم الخميس، في الثالث من تشرين الثاني عام ٢٠٢٢ ، أثناء تحضيره لمراسم زواجه الذي كان المقرر أن يكون بعد يومين، وأظهرت مقاطع فيديو لحظات تحضير وليمة الفرح كما قال الشهيد سلامة”إن هذه الوليمة عن أرواح الشهداء ورفاقه”، لكن شاء القدر وأصبحت عن أرواحهم وعن روحه أيضاً، وصار فاروق إلى مصيره عريساً بالجنة والكلمات الاولى التي نطقت فيها والدته عند السماع باستشهاده “الحمدلله لك حور العين يا فاروق”.
كان فروق طيباً معطاءً يحبه الجميع ويحترمه منذ الصغر، ذكيّ ومميّز، ولا يترك محتاجاً الا يمدّ له يد العون، وفي داخله غضب وحقد على الاحتلال كأي شاب فلسطيني.
وفي يوم ما وهو لا يتجاوز الثالثة عشر من عمره كان في زيارة لشقيقه فادي في سجن النقب الاحتلالي، تعرّض له سجان اسرائيلي وقام باستفزازه حتى بصق عليه فاروق وتم اعتقاله على إثرها وحكم بالسجن لمدة عامين إداريا.
تقول والدة الشهيد: “فاروق سيبقى حيّاً يخلّده التاريخ، والمقاومة لن تنتهي باغتيال قادتها، هذا الجيل متمرد، يرفض الخضوع والاستسلام، وبوصلته الوحيدة فلسطين والشهادة على ترابها وفي سبيلها”.