الرئيسيةاخر الاخباركيف انعكست الأزمة المالية على حياة الموظفين؟

كيف انعكست الأزمة المالية على حياة الموظفين؟

 

نابلس-الحياة الاقتصادية-  نوار أبو الرب- فاروق أبو الرب (56) عاما موظف في القطاع العام يقول إن الأزمة المالية التي تمر بها السلطة الوطنية أثرت بشكل كبير على حياته تفاصيل معيشته. ويضيف”أنا أب ولدي طالبة في الجامعة وتحتاج لمصروف يومي خلال أيام الدوام  ما يقارب 50 شيقلا، اي ما يقارب 1500شيقل شهرياً  الى جانب رسوم التسجيل وما يتبعها من مستلزمات، بالإضافة الى مستحقات خدمات الاتصالات والانترنت في الفترة الحالية نتيجة تحويل الدوام الى الكتروني والتي تصل الى ما يقارب 800 شيقل شهريا”.

ويؤكد أبو الرب أن المستلزمات الأساسية من خدمات الكهرباء تصل تكاليفها إلى 500-700 شيقل، ومصروف الماء والغاز والمحروقات يصل مجموعها الى ما يقارب الف شيقل شهرياً”، منوها إلى أن الأزمة المالية الحالية التي تمر بها السلطة الوطنية نتيجة القرصة الإسرائيلية لأموال المقاصة دفعته إلى الاستدانة. ويضيف” في حال عودة انتظام صرف الراتب سيتم تقسيمه الى جزئين، جزء لسد الدين والآخر للاستهلاك وهو ما يجعلنا حبيسي هذه الأزمة لفترة طويلة”.

أبو الرب ليس إلا واحدا من أصل 145 ألف موظف يعملون في السلطة الوطنية يعانون من انقطاع الرواتب بسب القرصنة الاسرائيلية لأموال المقاصة التي حالت دون تمكين السلطة الوطنية من صرف رواتب شهر تشرين الاول الماضي بعد قرار لوزير المالية الاسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش الذي اقتطع نحو 30% من اموال المقاصة بذريعة انها تحول لقطاع غزة، ما دفع السلطة الوطنية إلى رفض هذا الإجراء الجائر.

بدوره،  تقول هند خالد(43) عاماً وهي موظفة في مدرسة بنات قبلان الأساسية ” بعد فقدان ابني الأكبر لعمله في الداخل، أصبحت المعيل الوحيد لعائلة تتكون من خمسة أشخاص، اثنين منهم في المدرسة وطالبة جامعة،  وهذا ما زاد من حجم الأعباء الواقعة على عاتقي”، مشيرة إلى أن تأخر صرف الرواتب يفاقم من أزمة الأسرة ماليا.

ولم تبدأ إجراءات الاحتلال الاسرائيلي في قرصنة أموال المقاصة المورد الرئيسي لخزينة السلطة الوطنية منذ بدء عدوان واسع على قطاع غزة والضفة، بل مر عليه أكثر ثلاث سنوات. وبالنظر إلى مجمل الاقتطاعات الإسرائيلية غير الشرعية والتي فرضت منذ عام 2019 نتيجة صرف السلطة الوطنية لرواتب أسر الشهداء والأسرى، فإنها فرضت بشكل شهري وصولا إلى 100 مليون شيقل شهريا ارتفاعا من 50 مليون شهريا، ليقترب حجم الاقتطاعات إلى قرابة 3 مليارات شيقل بالإضافة إلى أكثر من مليار شيقل عبارة عن رسوم تجبى على الجسور ترفض إسرائيل لغاية اليوم تحويلها إلى السلطة الوطنية الأمر الذي تسبب في تفاقم الأزمة المالية للسلطة الوطنية خاصة في ظل ما تعانيه من حصار مالي منذ عدة سنوات.

فقد كانت المساعدات الاجنبية للسلطة الوطنية تصل إلى قرابة مليار دولار سنويا (3.6 مليارات شقل تقريبا) ثم بدأت تتناقص شيئا فشيئا، وقد تزامن تجفيف المساعدات مع طرح ما يسمى صفقة القرن عام 2019 إذ تراجعت المساعدات منذ ذلك العام، فقد وصلت في عام2017 إلى 1.96 مليار شيقل، ثم تراجعت قليلا في عام 2018 إلى 1.8 مليار شيقل، ثم انخفضت في عام 2019 إلى 1.7 مليار شيقل لتواصل التراجع بشكل لافت في عام 2020(أي بعد عام من طرح صفقة القرن ورفض القيادة الفلسطينية لها)  لتصل إلى1.2 مليار شيقل، ثم لتنخفض بنحو النصف أي إلى 601 مليون شيقل مع نهاية العام 2021 لتتحسن بشكل طفيف في العام 2022 وصولا إلى 881 مليون شيقل، ومع نهاية شهر تموز هذا العام وصلت مساعدات بقيمة 538 مليون شيقل.

وتزيد قيمة الفاتورة الشهرية لرواتب موظفي القطاع العام عن مليار شيقل شهريا فيما تصل قيمة ضريبة المقاصة قبل الخصومات الاسرائيلية إلى نحو مليار شيقل قبل أن يتم خصم قرابة 200-250 مليون شيقل لصالح بند “صافي الإقراض” أي نظير خدمات مثل الكهرباء والمياه والعلاج، أي أنه يفترض أن يتبقى من اموال المقاصة شهريا ما لا يقل عن 700 مليون شيقل، بالإضافة إلى 300-400 مليون شيقل من ايرادات الضرائب المحلية بمعنى أنه لولا الخصومات الإسرائيلية الجائرة لاستطاعت السلطة الوطنية من الايفاء بكامل التزاماتها.

يقول منسق شبكة الصحفيين الاقتصاديين أيهم أبوغوش” الأزمة الحالية التي فرضت على السلطة الوطنية بفعل إجراءات احتلالية جائرة وظالمة، وضعت الموظفين في وضع مالي صعب، وهي للأسف تأتي بعد مرور قرابة 3 سنوات على تلقيهم رواتب منقوصة بسبب امتداد الأزمة المالية نتيجة القرصة الاسرائيلية”، مشيراً إلى أن الأزمة المالية حاليا سياسية بامتياز وتهدف من جهة الاحتلال إلى الفصل بين شطري الوطن وإنهاء المشروع الوطني، وهو أمر رفضته القيادة، لذا فضلت عدم تلقي أموالا منقوصة رغم أنها أموال مستحقة لشعبنا وليست منّة من احد.

ويبين أبوغوش أن مشكلة الأزمة الحالية أنها تترافق مع منع قرابة 200 ألف عامل من التوجه إلى اعمالهم داخل الخط الأخضر، بالإضافة إلى تقطيع اوصال المدن الفلسطينية وحرمان اهالينا في الداخل من التسوق من مدن الضفة الامر الذي ادى إلى تباطؤ اقتصادي كبير، وهو امر سينكعس سلباً على ايرادات السلطة الوطنية من الضرائب المحلية إذا ماطال الحصار وامتدت الأزمة لأشهر مقبلة.

وكانت سلطة النقد ووزارة المالية أعلنتا سابقاً عن سلسلة إجراءات تسهم في توفير السيولة في الأسواق وتخفف العبء على موظفي القطاع العام في ظل الأزمة المالية.