نابلس-المحرر-سارة بهلول-حنين بهلول (43) عاما من مدينة نابلس أم لطفلة تبلغ من العمر ست سنوات، تؤكد أن ابنتها تعاني من خوف يلازمها بسبب مشاهد المجازر التي شاهدتها عبر شاشات التلفزيون.
تقول بهلول” كأي أسرة فلسطينية تتابع أخبار العدوان على غزة، وللأسف كانت ابنتي بجانبنا وشاهدت بعض المشاهد، فأنتابها خوف شديد، وغالبا ما نراها تبكي حتى في وقت لا تشاهد فيها هذه الأخبار”، مشيرة إلى انه رغم محاولة ابعاد ابنتها عن هذه المشاهد غير أنه يصدف أن تشاهدها ما يخلق عندها مشاعر من الخوف والقلق على كل ما يجري.
وتضيف” للأسف هذه المشاهد تظل عالقة في أذهان الأطفال رغم محاولاتنا التخفيف عليهم وابعادهم عن مشاهدتها قدر الإمكان، فمناظر العنف المفرطة وقتل الأطفال والنساء لا يمكن نسيانها حتى لدى الأطفال الذين يشاهدونها”.
وتتابع” يفترض أن يتربى أطفالنا على الأشياء الجميلة لكن الواقع للأسف يلقي بظلاله على نفسياتهم التي تعاني من قلق دائم وتزيد من خوفهم من المستقبل”، مبينة أن أصعب المواقف التي تواجهها مع ابنتها رغبتها الدائمة أن تبقى ملاصقة لها وعدم تركها للحظة من شدة الخوف الملازم لها، خاصة أنها باتت تعتقد أنه يمكن أن تفقد أمها في لحظة أسوة بأطفال غزة الذين استشهد أفراد عائلاتها.
وتتساءل “كيف لنا أن نخفف عن أبنائنا وهم يعايشون الواقع بكل تفاصيله؟، فهم يعيشون الاجتياحات بتفاصيلها، وبتنا حتى نخشى الترفيه عنهم في الأماكن العامة، ورغم ذلك نحاول قدر الإمكان التخفيف عنهم من خلال الدراسة وإبعادهم قدر الإمكان عن هذه المشاهد”.
أمجد بني عودة طفل يبلغ من العمر 5 سنوات، يروي ما يشاهده من أخبار قائلا” في غزة الجيش يقوم بقتل الأطفال وآباءهم وأمهاتهم،ويقومون بتجويعهم”. تقول والدة الطفل امينة عودة (26) عاما من مدينة نابلس أن ابنها يعاني من خوف دائم من المشاهد المروعة التي شاهدوها للمجازر في غزة، ورغم محاولتها إبعادهم عن شاشات التلفاز غير أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعلت الأطفال يطلعون على تلك المشاهد، الأمر الذي خلق لديهم قلقا وخوفا دائمين.
وتضيف” مع كل مشهد يشاهدونه يسألون لماذا يفعلون بالأطفال هكذا؟”، مشيرة إلى أن تغيرا واضحا طرأ على سلوكهم نتيجة هذه المشاهد حتى عندما يلعبون بألعابهم يربطونها بعمليات القصف. وتبين عودة أنها تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن مشاهدة الأخبار لتجنيب طفلها هذه المشاهد.
حال هؤلاء الأطفال هو حال كثير من الأسر الفلسطينية التي أصيب أطفالها بحالات نفسية متعددة من الخوف إلى التبول اللاإرادي إلى السلوك العدواني نتيجة شعورهم الدائم بعدم الأمان نتيجة لما يشاهدونه من جرائم ترتكب في قطاع غزة.
وبعد 44 يوماً من الحرب العدوانية على قطاع غزة، قالت وزارة التربية والتعليم، إن أكثر من 5 آلاف طفل، بينهم ما يزيد على 3 آلاف طالب، استُشهدوا منذ بدء عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وأضافت التربية في بيان صحفي ” لمناسبة اليوم العالمي للطفل، أن مشاهد قتل الأطفال وطلبة المدارس في قطاع غزة تجاوزت كل الأعراف والمواثيق، إذ تكشف هذه المشاهد المروعة، التي تتناقلها شاشات التلفزة ووسائل الإعلام عن عقلية الاحتلال، واستهدافه المتواصل للتعليم في كل محافظات الوطن، مشيرة إلى أن هناك مشاهد أخرى تشهدها محافظات الضفة الغربية والقدس من قتل بدم بادر واقتحامات للمدارس وعرقلة وصول الطلبة والكوادر التربوية”.
يؤكد المحاضر في جامعة “القدس المفتوحة”والمختص في الإرشاد النفسي د. إياد اشتية أالمشاهد المروعة التي ترتبك في غزة تترك آثارا نفسية سيئة على الكبار والصغار، لكن الأثر يكون أكبر لدى الأطفال.
ويقول” بكل تأكيد هذه المشاهد المروعة تخلق الخوف والرعب عند الأطفال وتغير في سلوكياتهم نحو العنف والعدائية وعدم الأمان وربما يلازمهم بعض الأمراض النفسية مثل الاكتئاب والتبول اللاإرادي وقد تبقى عالقة في أذهانهم لفترات طويلة يصعب معالجتها بسهولة”.
ويضيف أن التحدي الأكبر لدى الأهالي هو زرع الطمأنينة والاستقرار في نفوس الأطفال ومحاولة إبعادهم عن هذه المشاهد، من خلال متابعة سلوكياتهم وتملئة فراغهم بألعاب مفيدة تتلاءم مع فئاتهم العمرية، مؤكداً أن بعض الحالات تحتاج إلى تدخلات من أخصائيين نفسيين لمعالجة هذه الآثار. ويتابع” إذا لاحظ الأهالي استمرار سلوكيات غير طبيعية لفترة طويلة لا بد من مراجعة أخصائي نفسي لتحديد آليات العلاج”.