نابلس-المحرر-فادي ياسين- هل يستحق هذا الطفل الجميل مئة شظية في رأسه؟
كان ممكن لنهار عبد الرحمن أن ينتهي بشكل مفرح كما بدأ عندما طلب من شقيقه الأكبر محمد أن يشتري له بعض المثلجات، قبل أن يطلب استخدام هاتفه الذكي للعب لعبته المفضلة “ببجي” كما طلب والدته عايدة أن تعد له طبق بطاطا على الغداء.
يعيش الطفل عبد الرحمن شتيوي (14) عاماُ من قرية كفر قدوم مرحلة صعبة جراء تعرضه لشلل كامل نتيجة استهدافه برصاصة قناص إسرائيلي خلال اندلاع مواجهات في قريته.
كما في كل جمعة خرج شبان القرية يرفعون رايات النصر لمواجه الاحتلال وللدفاع عن حقهم المسلوب منذ أكثر من(19) عاماً.
فبينما كان عبد الرحمن يجلس مع أقرانه أمام منزلهم، يأكلون المثلجات، ويراقبون المواجهات المندلعة بين أبناء البلدة وجنود الاحتلال، ضمن فعاليات المسيرة الأسبوعية في القرية للمطالبة بفتح شارع القرية الرئيسي المغلق منذ19 عاماً، كان جندي إسرائيلي حاقد يراقبهم من على بعد 200 متر، قبل أن يطلق رصاصة “دمدم” متفجرة باتجاه رأس عبد الرحمن، اخترقت دماغه وهتكت ثلاثة مقاطع من الشريان الرئيسي، ثم خرجت من مؤخرة رأسه، لتستقر في دماغه أكثر من 100 شظية كانت كفيلة بأن تبعثر أجزاء من جمجمته الصغيرة في المكان الشاهد على الجريمة، قبل نقله إلى المستشفى.
تحولت كفر قدوم لساحة حرب عندما انتشر خبر إصابة الطفل عبد الرحمن حيث هب الصغير قبل الكبير والنساء قبل الرجال لمواجه الاحتلال وجنوده المتمترسين أعلى قمة الجبل .
أدخلت هذه الحادثة موجة حزن صامتة على القرية ويقُص ياسر شتيوي والد عبد الرحمن تفاصيل إصابته ” كانت الساعة الثانية ظهرًا وحان موعد الغداء، وعبد الرحمن لم يكن موجوداً بالمنزل وسرى اعتقاد داخل البيت أن عبد الرحمن يلعب مع الأطفال بجانب المنزل البعيد عن المواجهات حوالي 300 متر، ولحظات وسمعت صوت اطلاق نار وصراخ الشبان وكأن كفر قدوم هبت جميعها عندما خرجت لمشاهدة ما يحدث سمعت الشبان يقولون: راح الولد راح الولد، وإذا بها برصاصة اخترقت رأس ابني عبد الرحمن وشاهدت جزءاً من دماغه على الأرض”.
تعرض عبد الرحمن لأكثر من عملية في مستشفى رفيديا ومستشفى هداسا في عين كارم والتأهيل في بيت جالا وتم عرضة على أكثر من طبيب سواء في الضفة أو الداخل المحتل، ولكن لا فائدة فإن عبد الرحمن تعرض لشلل كامل نتيجة إصابته ولم يستطيع تحريك جزء منة ولا يستطيع التحدث “.
و قال مواطن مشارك في المسيرة التي أصيب بها عبد الرحمن ” شاهدت جنديا ينبطح أرضاً ويتأهب لإطلاق النار(…) لحظة سقوط الطفل أرضا(…) نظرت إلى نفسي والى أطفالي. تفقدنا أجسامنا وكان الدم يسيل من رأس عبد الرحمن ويتدفق على الأرض.
وأضاف بحسرة “لا أعرف ما الذي جرى لي؟ فقدت التوازن عندما رأيت دماغ الطفل موجودة على الأرض”.
نظرات الأم حزينة ودموعها تسقط دمعه تلو الأخرى حزناً على طفلها عبد الرحمن الذي يجلس فوق كرسيه المتحرك الذي يتحول إلى سرير أيضا، فالقيام والقعود أصبح صعباً عليه بعد أن شُلَّ بالكامل.
حاول تامر شتيوي شقيق عبد الرحمن الأكبر رفعه ليرينا عن قرب معاناة شقيقه الذي أجرى حتى الآن اكثر من 10 عمليات جراحية في رأسه وأمعائه التي يتغذى منها بعد أن فقد القدرة على تناول الطعام عبر فمه، ويقول “تحول شقيقي لجسد وأنفاس فقط”.
لم يتمكن الطفل عبد الرحمن شتيوي من تكملة مسيرته التعليمية فقد أنهى الاحتلال حياة عبد الرحمن بشكل كامل .
كفر قدوم القرية التي تقع شرقي قلقيلية، كانت الأقرب على مدينة نابلس، ولا تبعد عنها سوى 11 كيلومترًا، فأغلقت قوات الاحتلال في العام 2003 شارعها الرئيس القريب من مستوطنة “قدوميم” المقامة على نحو 4 آلاف دونم من أراضي كفر قدوم، لتزيد معاناة الأهالي وتصبح المسافة نحو 25 كيلو مترًا، وأصبحوا يسلكون طرقًا بديلة، فيما يخشى الأهالي استهداف آلاف الدونمات في القرية بالاستيطان لتوسعة “قدوميم”.
إن ما تشهده هذه القرية من قمع همجي، وإجراءات عنصرية يثبت بما لا يدع مجال للشك أن قوات الاحتلال ماضية بتنفيذ مخططاتها العنصرية من أجل طمس الوجود الفلسطيني.