رام الله – المحرر- حنين بسَّام- فيما تخطو أقدامك بهدوء فوق الأرض تتنسَّمُ فجراً ريح الصِبا العليل، وتقع عيناك على أراضي الزيتون التي تحف جانبي الطريق يمنة ويسرة، فتبصر عمَّا قليل طيور الشحرور والزرزور تخرج من أعشاشها بين الأشجار وتعود إليها، فتتجاوزها إلى ما بعدها لترى المنازل التي ما زالت تحافظ على طابعها القروي وطابعها الفلسطيني الأصيل، ستدرك تماماً وأنت تشمُ رائحة خبز الطابون أنك في قرية ضاربة في عمق التاريخ.
هنا قرية رافات رافات التي تبعد ثلاثة كيلومترات عن مدينة رام الله، وتقف رافات بأحجارها ودروبها وأبنيتها التراثية شاهداً على عمق التراث الكنعاني الفلسطيني، فما من زاوية فيها إلا وتجعلك في مشاهدة وتدبر لتراثٍ حي يشهد على نفسه، فرافات تعود إلى الكلمة الكنعانية “يرفئيل” التي تعني “الله يشفي”.
تعبر المواطنة أفنان عطر من سكان قرية رافات عن قلقها من مشكلة الزحف العمراني التي تواجه القرية، فبنظرها إن توسع المشاريع العمرانية والسكنية يهدد بفقدان المزيد من البيئة الخضراء ويؤثر على خصوبة الأراضي والحفاظ على التراث الثقافي، مناشدة المجلس البلدي بوضع أطر وقوانين مع الجهات المعنية لحماية التراث والبيئة في دولة فلسطين.
وتشتهر القرية بكونها سلة مدينة رام الله الغذائية لخصوبة أرضها وخاصة عندما يتعلق الأمر بزيت زيتونها الذي يعتبر منتجًا فاخرًا مرغوبًا لدى الكثيرين، إذ يتميز بنكهته الفريدة وجودته العالية، إضافة إلى المزروعات البعلية وأشجار الحمضيات وعرائش العنب والأشجار المتسلقة وأجناس النباتات والأعشاب البرية التي لا تكف عن التناوب يانعة مثمرةً على مدار الفصول الأربعة خلال العام.
وتتقاسم قرية رافات بطبيعة الحال فاتورة الاحتلال الإسرائيلي مع شقيقاتها من القرى في محافظة رام الله خاصة والقرى الفلسطينية عامةً، فقد صادر الاحتلال أرضها التي يطلق عليها بقعة رافات ليقيم معسكراً وسجن عوفر عليها، ما أثر سلبًا على الهيكل الاقتصادي والبيئي للقرية مع الوقت.
يؤكد رئيس مجلس قرية رافات، صادق جبر أن الاحتلال الإسرائيلي طالما ألقى بظلاله على التقدم الاقتصادي والتطور في القرية، فالأرض المصادرة لمعسكر وسجن “عوفر” تعد من أخصب الأراضي في مدينة رام الله.
إلا أن جبر أضاء بالمقابل على جانب الإيجابي للتعليم وما تحرزه القرية من تقدم ملموس على مستوى مدارسها التي باتت رمزاً يحتذى به في التقدم والتحصيل العلمي.
فيما ذكر نائب رئيس المجلس البلدي لقرية رافات، عبد عيسى، جانباً إضافياً من التحديات التي تواجه القرية المتمثلة بضرورة تطوير وتوفير الميزانيات لتطوير البنى التحتية وتوسيع المخطط الهيكلي للقرية، مؤكداً أن حل هاتين المشكلتين سيمنح القرية الإمكانية لتصبح منطقة استثمارية ناجحة، داعياً الجهات الرسمية والأهلية للاهتمام بمصير القرية ودعمها في مسيرتها نحو التطور والازدهار.