مسؤوليات الأم دفعتها نحو الريادية
نابلس-المحرر- ميس شافعي- غالية أحمد ريادية فلسطينية بدأت حياتها بالصيدلة وانتهى بها المطاف كصاحبة مشروع يستهدف الأطفال من خلال كتب وقصص وألعاب تفاعلية وتعليمية مصنوعة من القماش، هدفه الأول تحفيز أجزاء محددة من الدماغ بطريقة مدروسة، والتي قد تكون غير نشطة بسبب الاستخدام المفرط للأجهزة الإلكترونية أو عدم توفر أنشطة تحفز هذه الأجزاء في الحياة اليومية، وأطلقت على مشروعها اسم (كتابي الأول مع ماما غالية).
حول هذه التجربة توضح غالية أنه بعدما أصبحت أماً لثلاثة أطفال أصبح من الصعب عليها الموازنة بين الوظيفة والأطفال والبيت، فتركت العمل مؤقتاً إلى حين أن يكبر الأطفال. وتقول”يوماً ما كان لدي فحص دوري عند طبيب العيون لتشخيص ضعف عضلات العينين عند بناتي، فقرر الطبيب منعهم من حضور الألعاب الإلكترونية أو التعرض للشاشة، ومن هنا كانت نقطة تحول في حياتي، وكان يجب أن أجد بديلاً عن الإلكترونيات المنتشرة في المحيط بشكل مفرط ومبالغ فيه، وبالصدفة وجدت على إحدى الصفحات فكرة الكتاب التفاعلي القماشي (quiet book)”.
وتضيف”ابنتي طلبت أن أقوم بعمل كتاب مثله، ولكم أن تتخيلوا صعوبة التنفيذ لعمل فني من شخص ذي عقلية علمية بحتة وليس لديه أي ميول فنية، رضخت لطلب ابنتي واشتريت مواد أولية أساسية لأجل تصميم هذا الكتاب، وأثناء عملي للكتاب اكتشفت طاقة دفينة قد تفجرت معه، وأن لدي رؤيا وخيال فني مميز لم أكن أعرف عنه سابقاً، ومن هنا كانت بداية مشروعي حيث شجعني أطفالي على تصميم كتب تفاعلية وبيعها للأطفال، مسؤوليات الأم جعلت مني ريادية”.
بدأت غالية المشروع باختيار رسومات أعجبتها من الإنترنت، ثم شعرت أن هناك نقصاً وأنها تستطيع تقديم شي أفضل، فبدأت بتصميم الكتب بطريقة تقليدية، ولاقت نجاحاً وتشجيعاً مميزاً من الأقارب والمعارف.
في أحد الأيام كانت تقضي إجازة في الأردن عند عائلتها، واحتجزت هناك بسبب إجراءات جائحة كورونا، قررت وقتها تحويل التحدي إلى فرصة ونقطة قوة ودرست علم تحليل الشخصيات، وكان هذا علم جديد لها وجدت فيه المتعة وأدركت سبب اختلاف ردات الفعل عند الطفل لأنشطتها التفاعلية، ومن هنا، طورت نفسها وغيرت طريقة التصميم، وأصبحت تصمم كتباً من بنات أفكارها تتضمن أنشطة تناسب الأطفال حسب اختلاف شخصياتهم.
لم تكن تجربة سهلة، فظروفها الاجتماعية وقلة خبرتها في هذا المجال وكونها صيدلانية تريد أن تنتقل لمجال آخر لتبني مشروع غير مألوف، كلها ظروف صعبة تغلبت عليها، بدأت من الصفر، لكن إرادتها ورغبتها في النجاح مكناها من بناء مشروع متميز يخدم الأطفال.
لاقى المشروع نجاحاً كبيراً، وتطور بشكل كبير وأصبح مرشحاً للتمكين الإقتصادي من قبل جهات الدعم الأجنبية المجانية، وتعلمت منه كل ما ينقصها من خبرات وكيفية تطوير مشاريع وتسويق وإدارة مالية.
في عام 2022 وخلال إحدى التدريبات تفوقت بالتدريب وأصبحت زميلاتها يستفسرن منها عن معلومات تصعب عليهن، فتقوم بتوصيل المعلومة والمعرفة لهن . في العام الماضي حصلت على شهادة اعتماد مدربين، وأصبحت مدربة دولية معتمدة من البورد الألماني للتدريب والاستشارات تقدم تدريبات لتمكين أصحاب المشاريع ومساعدتهم على التفكير خارج الصندوق للوصول للإبداع والتميز بمشاريعهم، وحالياً تعمل غالية مدربة، وهي صاحبة مشروع فخورة بكل ما وصلت إليه، وهي متحمسة للقادم متوكلة على رب العالمين.
تطمح غالية لافتتاح مركز كبير على مستوى الشرق الأوسط يحتوي عدة أقسام منها لتصميم الكتب والقصص والألعاب التفاعلية، ومنها لعمل نادي صيفي وشتوي لجعل الأطفال يصنعون أنشطتهم بأنفسهم، ومنها قسم للتفريغ النفسي عبر الرسم والموسيقى وقسم للألعاب الخارجية للمراهقين والأطفال، وكذلك قسم خاص لتدريب الرياديات لتطوير مشاريعهم بطريقة تليق بالمرأة الفلسطينية بشكل خاص والعربية بشكل عام .
تنصح غالية كل ريادية وصاحبة مشروع أن تتأكد من هدفها من المشروع، مشيرة إلى أنه يجب أن ينبع من حبها وشغفها وأن يكون لديها ورغبة حقيقية للمشروع وليس لإرضاء المجتمع أو فقط الرغبة في زيادة دخلها.
وتقول”أعرف أن الدخل المادي مهم، لكن الهدف الرئيسي لأي مشروع هو تقديم فكرة مميزة قيمة والاستمرار في السعي الدائم لتطوير مشاريع مفيدة للمجتمع”.