نابلس- المحرر- يقين حمودة- الحاج محمد أبو عيدة (65 عامًا) لاجئ فلسطيني يعيش في مخيم بلاطة للاجئين الفلسطينيين نشأ وترعرع طفلاً ثم شاباً في أسرة فلسطينية عانت ويلات النكبة، أعادت له مشاهد النزوح في شمال غزة إلى جنوبها وهو كهل ذاكرة لم تصدأ من مأساة تجرعها الشعب الفلسطيني وكانت سبباً في طرده من أرضه.
يقول أبو عبيد”هذا الشعب العظيم منذ (75) عاماً وهو يعاني من جرح النكبة وآلامها، حيث أرغم معظم الفلسطينيين على ترك ديارهم والهجرة قسراً تحت تهديد السلاح”، مشيراً إلى أن مشاهد ترحيل المواطنين من شمال غزة إلى جنوب القطاع أعادت له ولمختلف الفلسطينيين مشهد التغريبة الفلسطينية وصور التهجير القسري.
ويضيف”نحن لم ننس أحداث النكبة التي بقيت جرحاً نازفاً، وهذه المشاهد التي يتسبب بها العدوان الاسرائيلي في غزة تعيد التجربة من جديد، وتثير مخاوفنا من نكبة جديدة، لكن شعبنا هذه المرة لن يسمح بنكبة جديدة مهما كانت التضحيات، فهو يفضل الموت على التهجير”.
ويتابع أبو عيدة” هذا الاحتلال لم يترك شيئاً إلا فعله من قصف للمدارس والمستشفيات وتجويع وقتل للنساء والأطفال، لكن رغم ذلك الفلسطينيون باتوا أكثر تشبثاُ بأرضهم، ولن يسمحوا بنكبة جديدة”. وكان الاحتلال الاسرائيلي أرغم على وقع جرائم ضد الإنسانية عشرات آلاف المواطنين في شمال قطاع غزة مغادرة منازلهم باتجاه الجنوب بدعوى القيام بعملية عسكرية، فيما فضل آخرون البقاء في منازلهم رغم حجم الدمار والإجرام.
يارا حسونة (16) عاماً شابة فلسطينية تعيش مع عائلتها في المهجر بالمانيا وحضرت إلى فلسطين مؤخراً لزيارة أقاربهم في مدينة رام الله تقول بأنها كانت تسمع عن أحداث النكبة لكنها لم تشعر بها إلا مع المشاهد الماثلة في قطاع غزة، حيث الدمار والقتل وصور مواطنين يتركون بيتوهم مرغمين بسبب حجم الجرائم.
وتضيف” ما يحصل لا يمكن تصوره، وهذا الشعب من الواضح أنه مصر على الحياة ويرفض مغادرة أرضه، كلما أسأل فلسطينيا حول ما يجري يكون جوابه رفض التهجير مهما بلغت التضحيات، وهو يفضل الموت على تكرار أحداث النكبة”. عصام ابو بكر (56) عاما يقول بأن ما تجرعه الشعب الفلسطيني من جرح نازف قبل (75) عاماً والذي تمثل بحدث النكبة ما زال عالقاً في عقول الفلسطينيين ووجداهم، وهم لم ينسوه ولن ينسوه، فجاءت أحداث غزة بكل مأساويتها ليتم ترحيل الآلاف من مواطني شمال غزة إلى جنوب القطاع، لافتاً إلى أن المشهد كان في غاية التأثير واستئصال لكل معالم الإنسانية. ويضيف”هذه حرب إبادة وتطهير عرقي يجب وقفها فوراً، ونحن الفلسطينون لن ننسى أحداث النكبة ولا نريد تكرارها مهما كانت الأثمان، وعلى العالم الحر أن يدعم حق الفلسطيني في التحرر من الاحتلال واقامة دولته المستقلة”. يقول عبد الفتاح دولة المتحدث باسم حركة حركة فتح “ما يواجهه شعبنا من عدوان في غزة والضفة واستخدام القوة المفرطة لترحيل الناس من أماكن سكناهم جريمة حرب، تجسد مخططات المشروع الصهيوني الاستيطاني الساعي إلى وأد الحلم الفلسطيني وتهجير شعبنا وتصفية القضية الفلسطيينة”. ويضيف”معركتنا مع هذا الاحتلال معركة وجود وسيبقى الشعب الفلسطيني متشبثاً بأرضه، وهو أخذ قراره بالتمسك بوطنه مهما بلغت التضحيات”. ولفت إلى أن الحركة الوطنية الفلسطينية بمشاركة كافة القوى العربية والاسلامية وأحرار العالم سيناضلون من أجل منع تكرار هذه المشاهد ومنع وقوع نكبة ثانية بحق لشعب الفلسطيني. ويضيف” الفلسطينيون اليوم يفضلون الموت في بيوتهم على الرحيل، وعقلية الاحتلال العنصرية ستجابه بنضالات الشعب الفلسطيني ومناصريه ولن يستطيعوا طرد الشعب الفلسطيني من أرضه”. بدوره، يقول الباحث في العلوم السياسية د. ابراهيم ربايعة: إن مخطط تهجير الفلسطينيين من أرضهم في الضفة الغربية وقطاع غزة موضوع على طاولة الساسة في إسرائيل، وتجسد فعلاً عبر حرب الإبادة الأخيرة التي تشن في قطاع غزة. ويؤكد ربايعة أن عوامل سياسية رافضة لهذا المشروع وتحديداً موقف الشقيقتين الأردن ومصر يحول دون حتى اللحظة لتنفيذه، لكن وقوعه أمر محتمل ويعتمد على عدة عوامل منها اسرائيلية وأخرى فلسطينية وأخرى دولية، لكن الأهم يبقى موقف الشعب الفلسطيني الذي تعلم من تجربة النكبة ويرفض تكرار أحداثها، لذلك نجده يجسد قصة صمود رغم كل التضحيات.