الرئيسيةاخر الاخباربسبب الاستيطان...المغير قرية بـ(43) ألف دونم تعيش على ألف فقط!

بسبب الاستيطان…المغير قرية بـ(43) ألف دونم تعيش على ألف فقط!

رام الله-المحرر- روند نعسان- كان المواطن حمدي النعسان (38) عاماً يحلم كأي مواطن بأن يعيش بحرية في قريته التي يحاصرها الاستيطان من كل جانب. النعسان الذي أمضى في سجون الاحتلال (8) سنوات كان يهم بالعودة لبيته عائداً من يوم عمل متعب للقاء زوجته وأطفاله الأربعة، وإذ تفاجأ وهو في الطريق أن مجموعة من المستوطنين اعتدت على القرية، فآثر التصدي لهم برفقة الأهالي، ولم يكن يعرف أن تلك ستكون لحظة الوداع، استشهد النعسان عام (2019)  وترك خلفه أطفالاً وحلماً لم يكتمل وقرية جل اهتمام اهلها ان يعيشوا بسلام وأمن بعيداً عن الاستيطان ووحشية الاحتلال.

يقول طالب النعسان(70) عاماً والد الشهيد حمدي “كان ابني عائداً من عمله، وذهب لمشاركة الأهالي تصديهم لقطعان المستوطنين، وسقط شهيداً برصاصهم، تاركاً خلفه أربع أطفال”، وبسبب الهجمات المتتالية على القرية سقط عدة شهداء، خمسة منهم دون (17) عاماً، وكان آخرهم رائد غازي الذي استشهد في عام 2022”.

على بعد (27) كم شمال شرق مدينة رام الله، و(34) كم جنوب شرق مدينة نابلس، تقف بلدة المغير صامدة في مواجهة الاحتلال والاستيطان. فموقع القرية والمتوسط لثلاث محافظات( رام الله، ونابلس، وأريحا) يشكل محط أطماع الاحتلال، فتعددت المستوطنات المحيطة بالقرية، والتي التهمت جزءاً كبيراً من أراضيها، بالإضافة إلى تعرضها اليومي إلى انتهاكات تتمثل في المضايقات والاقتحامات وإغلاق الطرق من قبل جيش الاحتلال، واعتداءات المستوطنين المتكررة على القرية وأهاليها.

يقول مرزوق أبو نعيم عضو المجلس القروي في المغير إن القرية تتعرض لاعتداءات متكررة من قبل جيش الاحتلال ومستوطنيه، سواء من خلال مصادرة الأراضي أو  قتل المواشي وحرق أشجار الزيتون، مشيراً إلى المساحة التي يسمح للأهالي باستغلالها تصل إلى (1000) دونم فقط رغم أن مساحتها تصل إلى (43) ألف دونم، لكن اتفاقية (أوسلو) صنفت (42) ألف دونم بأنها مناطق (ج)الواقعة تحت السيطرة الأمنية الاسرائيلية. وقد زادت اعتداءات المستوطنين على القرية مع تسلم اليمين الاسرائيلي المتطرف زمام الحكم في “اسرائيل”.

 يعمل  معظم أهالي القرية في الزراعة وتربية المواشي، ويتعمد الاحتلال التنغيص عليهم وعلى أرزاقهم من خلال إقامة بؤر استيطانية تحيط بالقرية منها بؤرة “عادي عاد” التي تشكل خطرا حقيقياً على سكان القرية، فالمستوطنون يمنعون الأهالي من الوصول إلى أراضيهم، الذين يحاولون بشكل مستمر الدفاع عن حقهم عن طريق التصدي لهم وخوض الاشتباكات مع جيش الاحتلال، ما أدى إلى سقوط (5)  شهداء وعشرات الجرحى نتيجة دفاعهم عن أراضيهم خلال السنوات الأربع الأخيرة.

يقول أبو نعيم إن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تساعد المستوطنين على إقامة بؤر جديدة، وبخاصة البؤر الرعوية، مشيراً إلى أن  المستوطن يأتي إلى أراضي المواطنين ومع الأغنام، ويضع غرفة متنقلة.

ويضيف”بعد فترة من الزمن نجد أن هذه الغرفة تحولت إلى مباني عديدة ويتم وصلها بالخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وطرق”.

ويشير إلى أن من بين أخطر المستوطنين المدعو (الحنان)، الذي تم  طرده من قِبل أهالي المنطقة سابقاً، لكنه عاد للمرة الثانية وأقام بؤرته الاستيطانية داخل معسكر جيش الاحتلال، وتمكن من الاستيلاء على أكثر من (5000) دونم، ومنع الأهالي من الوصول إليها أو زراعتها، موضحاً أنه على سبيل المثال قام الأهالي بزرع  (1500) دونم بالحبوب هذا العام، وعند موسم الحصاد منعهم الاحتلال من الوصول إليها في الوقت الذي سمح لرعاة المستوطنين باستخدامها مراعي لأِغنامهم.

وفي ظل هذه الاعتداءات والمضايقات، اضطر عدد من  مزارعي القرية إلى ترك أراضيهم بسبب اعتداءات المستوطنين وحمايتهم من قبل جنود الاحتلال، فبعد أن كان يوجد في القرية أكثر من (15) ألف رأس من الماشية، تقلصت خلال العام الجاري إلى أقل من (5000) رأس بسبب اعتداءات المستوطنين المتمثلة بعمليات سرقة لها أو قتلها، ما دفع العديد من المواطنين إلى مغادرة تلك الأراضي والبحث عن أماكن اكثر أمناً.

بدوره، يقول فرج النعسان مدير الارتباط المدني إنه بعد أحداث 7 أكتوبر الماضي  لم يسمح الاحتلال للأهالي من الوصول إلى أراضيهم التي تُحيط بشارع “ألون” الاستيطاني، الذي يبعد عن القرية (500) متر فقط، منوهاً إلى أن هذه الأراضي لا تحتاج إلى تنسيق مسبق، ولكن بسبب العقاب الجماعي الممارس ضد الأهالي، حرمهم الاحتلال من  قطف ثمار أكثر من (7000) شجرة زيتون، والتي كانت مصدر دخل رئيسي لأهالي القرية.

ويضيف” هناك أراض أصبحت تحتاج للتنسيق نتيجة الأحداث الأخيرة، فلم يسمحوا لنا أبدا بالوصول إليها، وفي المقابل سمحوا للمستوطنين بسرقة ثمار الزيتون برفقة جنود الاحتلال”.

ويؤكد أنه في كل عام في موسم قطف الزيتون يتعرض المزارعون لانتهاكات المستوطنين، والاعتداء على أشجار الزيتون بالقطع أو الحرق، بهدف إبعاد المزارع عن أرضه.

المغير قرية صغيرة يسكنها قرابة (4500) نسمة، لكنها معروفة منذ القدم بنضالات أبنائها من خلال انضمامهم لصفوف الثورة الفلسطينية في مختلف مراحلها، فهم يرفضون الظلم والخنوع للمحتل، كانت دوماً حلقة في شوكة الغزاة، وأهلها الطيبون يؤمنون أنهم بصمودهم سيفشلون مخططات الاحتلال ومستوطنيه، فالأرض لن تنتصر إلا لأصحابها، هذه هي سنة التاريخ.

.