الرئيسيةاخر الاخبارالترحيل الصامت…. هكذا استغل المستوطنون الحرب على غزة لتهجير التجمعات البدوية في...

الترحيل الصامت…. هكذا استغل المستوطنون الحرب على غزة لتهجير التجمعات البدوية في الضفة

*روايات توثق حجم المعاناة: إنهم يسرقون أغنامنا ويعتدون على أبنائنا ويطالبونا بالرحيل

 

الأغوار-المحرر-آسيا مليحات-استغلَ المستوطنون الحرب القائمة على قطاع غزة لحرف الأنظار عما يجري في الضفة، لذا اعتدوا على العديد من التجمعات البدوية الفلسطينية، وقاموا بحرق منازل المواطنين ومضايقتهم بشتى الطرق والوسائل، الأمر الذي أدى إلى ترحيل عشرات التجمعات المتواجدة على أراضيها منذ عقد من الزمن، والتي يستخدمها سكانها لحرثها وزراعتها والحصول على الغذاء المناسب لأغنامهم، وسرعان ما أصبحت تجاورهم بؤر صغيرة من المستوطنين الذين يقلدون النموذج البدوي الفلسطيني من خلال بناء الخيام واقتناء الأغنام.

في الأغوار وبادية القدس ورام الله وأريحا، أصبح المستوطنون أنفسهم يشرفون على عمليات التهجير القسري لعدد كبير من الأسر التي تضم مئات الأطفال وكبار السن، وهناك مخاوف متزايدة بشأن التجمعات القليلة التي بقيت في مناطقها ومازالت تواجه اعتداءات المستوطنين شبه اليومية.

مخطط للتهجير القسري

تبين خلال الأشهر الأربعة الماضية أن إسرائيل تنفذ مخططات التهجير القسري بحق التجمعات السكانية في مناطق مختلفة من الضفة الغربية عن طريق المستوطنين الذين اصبحوا يسيطرون على مناطق عدة بشكل كامل تحت تهديد السلاح وبحماية جيش الاحتلال.

ومنذُ ذلك الحين يقيم سكان تلك التجمعات في الأراضي التي تعود ملكيتها إلى القرى الفلسطينية من أجل الحصول على مسكن آمن لهم ولأطفالهم في ظل الظروف الأمنية الصعبة التي تمر بها المنطقة.

وأدى إرهاب المستعمرين إلى تهجير(25) تجمعاً بدوياً فلسطينياً خاصة بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة بعد إعطاء ما يسمى بـ “وزير الأمن القومي”  إيتمار بن غفير الضوء الأخضر للمستوطنين وتسليح العشرات منهم بدعوى حماية أنفسهم من الهجمات، ولكن الحقيقة أنهم يمارسون  الإرهاب من خلال الاستيطان الرعوي،  فمن يسمون أنفسهم (فتيان التلال) يزعمون أن هذه الأرض هي حق لهم وأن الفلسطيني كائن غريب يجب طرده .

إرهاب دولة منظم

يوضح المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو المحامي حسن مليحات أن ممارسات الاحتلال ومستوطنيه ضد التجمعات البدوية تجسد صورة إرهاب الدولة المنظم، وذلك بالشراكة بين دولة الاحتلال ومستوطنيها، في سبيل دفع السكان للرحيل القسري وهي ممارسة حقيقية لسياسة التطهير العرقي.

وحملت منظمة “البيدر للدفاع عن حقوق البدو، حكومة الاحتلال المسؤولية الكاملة والمباشرة عن هذه الجرائم وتداعياتها على ساحة الصراع، واعتبرتها دعوة علنية لسلطة المستوطنين وضوء أخضر للمضي في إرهابهم وممارسات قتلهم للسكان الفلسطينيين في التجمعات البدوية.

وفي هذا السياق،  وجه مليحات نداءً عاجلاً للمجتمع الدولي والمؤسسات الأممية وخاصة المقررة الخاصة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية للوقوف أمام مسؤولياتها وإدانة هذه الاعتداءات، واتخاذ ما يلزم من الاجراءات التي يفرضها القانون الدولي لوقفها فوراً، ومنع تكرارها، وتوفير حماية دولية للبدو.

 ودعا الدول كافة بما فيها تلك التي تدعي الحرص على مبادئ حقوق الإنسان  لإدراج منظمات المستوطنين الارهابية ومن يقف خلفها على قوائم الارهاب، ومنع قياداتها وعناصرها من دخول أراضيها، واتخاذ الخطوات القانونية والعقوبات والضغط على دولة الاحتلال لتفكيكها وتجفيف مصادر تمويلها.

وأضاف مليحات أن فشل المجتمع الدولي في هذا الاختبار العسير، قد يفتح الباب أمام مزيد من اعتداءات وجرائم المستوطنين وعناصرهم الإرهابية ضد سكان التجمعات البدوية العزل وأرضهم وممتلكاتهم، بما يؤدي إلى دخول المنطقة في أتون صراع ديني.

وأشار مليحات إلى أن الاحتلال يضيّق الخناق على جميع التجمعات البدوية، منوهاً إلى أن  اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال تنتهج ممارسات وسياسات تعكس حقيقتها الاستعمارية الاستيطانية، وتكرس نظام الفصل العنصري(الابارتهايد)، بهدف دثر الوجود الفلسطيني والاستيلاء على الأرض، وتعزيز النشاط الاستيطاني والتهجير القسري للفلسطينيين، وفي الوقت نفسه تحث اسرائيل المستوطنين المقيمين في المستوطنات اللاشرعية على استغلال الموارد الفلسطينية، إضافة إلى ابتكار الاحتلال لأسلوب جديد وهو تشكيل عصابات مسلحة من المستوطنين تمارس الارهاب ضد التجمعات البدوية بهدف دفعهم للرحيل القسري.

عنصرية المستوطنين برفقة جيش الاحتلال

وقالت الناشطة الشبابية عالية مليحات (28) عاماً وهي الشاهد على اعتداءات المستوطنين اليومية على تجمعهم السكني (عرب المليحات) الواقع شمال غرب أريحا إن المستوطنين مارسوا كل الطرق المؤدية إلى رحيلهم من التجمع وهي التي وصفتها بالهجمات الأخطر مراراً وتكراراً خاصة بعد اندلاع الحرب على غزة ،حيث كان المستوطنون يقومون بعمليات تفتيش وتخريب برفقة جيش الاحتلال وشرطته،  بالإضافة إلى الاعتقالات وإلصاق التهم الكاذبة بحق الشبان، ومصادرة الممتلكات الخاصة من سيارات وجرارت زراعية والأغنام ومنع الرعاة من ممارسة رحلة الرعي بأغنامهم والاعتداء عليهم، والقيام بالأعمال العنصرية الفاشية حيثُ الضرب المبرح للنساء والشتم بألفاظ نابية والتهديد بالسلاح.

وناشدت مليحات المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل لوقف العنف ضد التجمعات السكانية الفلسطينية ومنع التهجير القسري بحقهم، مطالبة بإعادة التجمعات التي أجبرت على الرحيل إلى ديارهم والعمل بالأرض وحمايتها من انتشار المستوطنين الذي أصبح الكابوس الذي لا يفارق جفونهم ويخلق حالة من الخوف والقلق بشكل كبير.

سرقة الأغنام والاعتداء على النساء

يقول جبريل مليحات(50) عاماً أحد سكان منطقة المعرجات شمال غرب أريحا” نعيش هنا في التجمع البدوي عرب المليحات منذُ ما يقارب الأربعين عاماً ويعتمد سكان المنطقة على تربية الماشية بشكل كبير”.

ويبلغ عدد أفراد السكان في التجمع ٣٠٠ نسمة ويوجد داخله مدرسة إعدادية مختلطة. والحياة المعيشية في التجمع صعبة للغاية بسبب افتقاره للكهرباء والمياه التي يحصل السكان عليها بصعوبة كونه يقع تحت سيطرة الاحتلال.

ويضيف مليحات” قبل حوالي ثلاثة أعوام أقيمت بجانبنا بؤرة استيطانية تابعة للمستوطنين يمارسون فيها حياة البدو ويقلّدونها بكل أشكالها”، مشيراً إلى أن هدفهم الرئيسي هو القضاء على الوجود الفلسطيني والترحيل القسري، ولكن بطرق مختلفة عبر الاحتكاك بالسكان من خلال الرعي بجانب منازلهم ومضايقة الأطفال والنساء بشكل غير مرغوب به، الأمر الذي أدى إلى هجرة (25) تجمعاً بدوياً والاستيلاء على الأراضي بشكل أسرع وأكبر.

ويتابع” في احدى الليالي تفاجأنا بهجوم عدد كبير من المستوطنين قادمين من بؤر استيطانية مختلفة، وقاموا بتفتيش المنازل في تجمع المليحات والاعتداء عليهم بالضرب المبرح وشتم النساء، بالإضافة إلى سرقة نحو عشرة رؤوس من الأغنام، وخلال وجودي عند أغنامي اعتدت علي مجموعة منهم، وكانوا يحملون البلطات وبعض الآلات الحادة وقادوني إلى منزلي وضربوني أنا وأبنائي وسرقوا أغنامي على مرأى عينيّ حتى أن احدهم دعاني للخروج مدعياً أن الأغنام ملك له،  لكننا لن نرحل وسنفشل مخططهم في ترحيلنا.

وتسكن عشيرة عرب المليحات في الأغوار الفلسطينية في منطقة المعرجات شمال غرب أريحا على بعد حوالي ستة كيلو مترات إذ يسكنها البدو منذ العام 1967 وهي منطقة تفتقد لكل مقومات البنية التحتية والخدمية، حيث لاماء ولا كهرباء ولاخدمات، يعتاش غالبية سكانها من تربية المواشي والأغنام، ويوجد فيها مدرسة أساسية تدرس الطلبة حتى الصف التاسع ، وجامع للصلاة، ويسكن الناس هناك في بيوت من الصفيح والزينكو لاتقيهم لسعة البرد في الشتاء ولاتدفع عنهم حر الصيف.