بكل تمعن وتفحص، يدقق فارس صلاح وهو يقف أمام أحد الرفوف في السوبرماركت لمعرفة البلد المنتج لمسحوق الغسيل.
يقول فارس: “منذ ما قبل الحرب على غزة، كنت من المقاطعين لمنتجات الاحتلال، خاصة تلك التي يتوفر منها بديل فلسطيني أو عربي ذو جودة منافسة، ومع بداية الحرب ترسخ هذا الأمر أكثر وصار أمراً بديهياً حتى عند أطفالي زوجتي”.
ويضيف في حديثه لـ “وكالة سند للأنباء”: “لم تعد المقاطعة مقتصرة على المنتجات الإسرائيلية وحسب، بل امتدت لتشمل بضائع الشركات الداعمة لدولة الاحتلال والمطاعم الشهيرة”.
ويكمل: “قد يظن البعض أن المقاطعة ليست بالأمر السهل بسبب عدم توفر بدائل جيدة، لكن عند التدقيق وجدت أن الكثير من البضائع الفلسطينية والعربية لا تقل جودة بل ولربما تتفوق على نظيرتها الإسرائيلية والأجنبية”.
ويشير صلاح إلى أن منتجات شركات الألبان الفلسطينية ومواد التنظيف الأردنية والمواد الغذائية التركية تشكل بديلاً مقنعاً ومحترماً.
ويلفت النظر إلى ضرورة أن تستغل الشركات المحلية اندفاع المواطنين نحو مقاطعة البضائع الإسرائيلية بالتركيز على الجودة، وليس في رفع الأسعار.
وشدد المواطن الفلسطيني على أن مقاطعة منتجات الاحتلال والشركات الأجنبية الداعمة له، هي أقل ما يمكن أن يقدمه الناس لقطاع غزة.
وفي المقابل، يخشى بعض التجار والموردين (كما عبروا عن ذلك لمراسل وكالة سند للأنباء) من استيراد كميات كبيرة من المنتجات البديلة سواء الأردنية أو التركية خوفاً من أن لا تستمر المقاطعة بذات الزخم، وأن تكون مجرد هبة عبارة تنتهي بانتهاء الحرب.
وفي هذا السياق، تقول فيحاء البحش، رئيسة جمعية حماية المستهلك: “نسعى لأن تصبح المقاطعة سلوكا ونهجاً وعادة في حالة اللاوعي عند المواطنين، وهذا يتطلب دوراً مشتركاً من عدة جهات”.
وأضافت: “نلمس تجاوباً كبيراً من قبل المواطنين في مقاطعة بضائع الاحتلال والشركات الأجنبية المساندة (…) هناك وعي بهذا الخصوص ونتمنى أن يستمر ذلك حتى بعد انتهاء الحرب على غزة وأن لا يكون مجرد فزعة عاطفية”.
وتشير البحش لمراسل “وكالة سند للأنباء” إلى أن الجمعية تعمل على دعم المنتج المحلي والعربي وجعله خياراً أولاً وأخيراً للمستهلك الفلسطيني، من خلال التواصل مع الشركات المحلية والمستوردين من أجل توفير أصناف بديلة غير متوفرة في الأسواق.
وأكملت: “نتمنى من المواطنين أن يتغاضوا عن بعض السلبيات البسيطة إن وجدت في المنتجات المحلية، وأن يعملوا على دعمها بالنقد البناء والتوجيه وليس بقصد تنفير البقية من المنتج الوطني”.
واستدركت: “في المقابل نطالب الشركات المحلية بعدم رفع الأسعار خاصة إذا كان غير مبرر، وأن يكتفوا بهامش ربح معقول، خاصة في هذه المرحلة لدعم المواطنين على الاستمرار بخيار المقاطعة”.
وعن دور وزارة الاقتصاد، تشير البحش إلى أن الوزارة تقف على الحياد السلبي في موضوع المقاطعة، وهي غير قادرة على دعوة الناس لذلك لاعتبارات سياسية.
تقول السيدة حنان طه، وهي صاحبة متجر منزلي متخصص في صناعة الحلويات وقوالب “الجاتو”: “مع بداية الحرب على غزة زاد الطلب على شوكولاتة الدهن بعد أن قاطعت نسبة كبيرة من المواطنين شوكولاتة نوتيلا (إحدى منتجات شركة فيريرو الإيطالية الداعمة للاحتلال)”.
وتكمل: “في كل يوم تصلني عدة رسائل على صفحتي في الفيسبوك وإنستغرام من زبائن يطلبون الشوكولاتة من غالبية مدن الضفة الغربية، ونحن بدورنا نقوم بإيصالها لهم من خلال شركة توصيل”.
وتلفت السيدة طه لـ “وكالة سند للأنباء”: “كمية الإنتاج زادت بمقدار 40%”.
وخلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، عبرّت عدة شركات أجنبية عن دعمها وإسنادها لدولة الاحتلال، مثل: سلسلة مطاعم “ماكدونالدز” و”KFC”، و”ستاربكس” و”كوكاكولا” و”ببسي” و”نستلة” وغيرها.
وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي طروداً ووجبات سريعة مرسلة كهدية لجنود الاحتلال، بينما أرسلت شركة “آريال” المنتجة لمساحيق غسل الملابس، مغسلة إلى معسكرات الجيش الإسرائيلي.
وفي المقابل، شهدت الكثير من الدول العربية والإسلامية حملات واسعة لمقاطعة هذه الشركات، الأمر الذي أدى لتراجع مبايعتها بشكل لافت خلال الربع الأخير من العام الماضي.
المصدر:سند للأنباء