رام الله-المحرر-يحيى الطويل-الاعتقال الإداري سياسة دائمة يمارسها الاحتلال بحق الفلسطينيين بعيداً عن أعين القانون الدولي ودون توفير دلائل تبرر الاعتقال، بل فقط بهدف التنكيل بالفلسطينيين وترهيبهم ودفعهم إلى الابتعاد عن أنشطة مقاومة للاحتلال.
يقول والد الأسير محمد أحمد ناجي داوود الذي أحيل ابنه للاعتقال الإداري وكان شاهداً على واقعة اعتقاله، إذ اقتحمت قوات الاحتلال منزله خلال ساعات الفجر الباكر.
ويضيف” حاولت التحدث بهدوء مع الجنود الذين كانوا يقومون بتفتيش المنزل وتخريبه”، مشيراً إلى أنهم كانوا يركزون على غرفة ابنه محمد، ما جعله يبذل جهدًا للتأكد من حمايته.
ويشير إلى أنه قام بإيقاظ ابنه محمد ليتعامل مع الوضع ويتجهز للمرحلة القادمة، فعمل الجنود على تكبيل يدي ابنه وتثبيته في شرفة البيت.
وطلب جنود الاحتلال من الوالد التحدث مع ضابط احتلالي عبر الهاتف والذي أخبره بأن ابنه سيحال للاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر، منوهاً إلى أن الاعتقال الإداري يعد تجربة قاسية من الناحية النفسية سواء للمعتقل أو أهله كون أن سلطات الاحتلال تلجأ غالباً إلى التمديد وتظل فترة الاعتقال مبهمة.
وأشار الوالد إلى أن ابنه اعتقل مرات سابقة وأحيل إلى الاعتقال الإداري ما اضطره إلى خوض تجربة الاضراب عن الطعام لمدة (43) يوماً احتجاجاً على هذه الاعتقالات التعسفية التي تلجأ إليها سلطات الاحتلال دون توجيه تهمة محددة.
من جانبه، يقول بيرم غزال، المحامي والباحث في القانون الإنساني الدولي، إن الاعتقال الإداري ممارسة ليست جديدة، بل كانت موجودة منذ فترة الانتداب البريطاني، حيث أصدرت السلطات البريطانية حينها أنظمة الطوارئ الانتدابية في عام 1945، ما سمح بتنفيذ الاعتقال الإداري دون تهمة محددة.
ويضيف أنه مع دخول فلسطين في فترة النكبة وتأسيس كيان الاحتلال، استمرت سياسة الاعتقال الإداري ضد الفلسطينيين، وزادت حدتها بشكل كبير بعد حرب عام 1967، مستمدة من القوانين التي اعتمدتها السلطات الإسرائيلية.
ويؤكد غزال أن فترة السبعينيات، شهدت حالات تراجع في استخدام الاعتقال الإداري بعد التدخل الدولي والضغط على إسرائيل للامتناع عن هذه الممارسة، لكنها عادت للظهور بقوة في فترة الانتفاضة الكبرى في أواخر الثمانينيات وبداية التسعينيات.
ويشير إلى أنه عام 1989 بدأت سلطات الاحتلال بتشديد سياسة الاعتقال الإداري من خلال إصدار قوانين وأوامر عسكرية تسهل استخدام هذه السياسة بشكل مكثف.
ويبين أنه خلال العقد الأخير وتحديداً بين عامي ٢٠١٦ و ٢٠٢٤ شهدت حرية التعبير في الأراضي الفلسطينية تقييدًا متزايدًا من قبل سلطات الاحتلال، حيث أصدرت قوانين تمنع ما يسمى بـ”التحريض” على مواقع التواصل الاجتماعي، ما أدى إلى زيادة استخدام الاعتقال الإداري بشكل كبير ضد الفلسطينيين.
وكان نادي الأسير الفلسطيني أعلن أن الاحتلال جدد أوامر الاعتقال الإداري للمئات ممن اعتقلوا بعد 7 تشرين الأول، مشيراً إلى صدور أوامر اعتقال جديدة بحقهم تتراوح بين شهرين إلى 4 أشهر.
وأفاد بأن عدد أوامر الاعتقال الإداري بلغت أكثر من 3490 أمراً بين أوامر جديدة وتجديد، مضيفاً أنه بلغ عدد المعتقلين الإداريين حتى نهاية شهر كانون الثاني الماضي 3484 بمن فيهم النساء والأطفال.
وأوضح نادي الأسير أن الاعتقال الإداري يشكل أبرز سياسات القمع والسيطرة بحق الفلسطينيين.