نابلس- المحرر-عهد أبو حمدان ومريم ميادمة ونوار أبو الرب- لن أكون متواطئًا بعد الآن في الإبادة الجماعية.. فلسطين حرة.. فلسطين حرة”.. كانت تلك آخر كلمات الضابط التابع للقوات الجوية الأمريكية آرون بوشنل(25)عامًا، والذي أضرم النيران في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأمريكية واشنطن، احتجاجاً على الدعم الأمريكي للإحتلال الاسرائيلي خلال حرب الإبادة في قطاع غزة.
وأظهر مقطع فيديو تناوله العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي ظهور بوشنل وهو يشرح أسباب عمله الاحتجاجي أمام السفارة الإسرائيلية، والذي أوضح من خلاله أنه عضو نشط في القوات الجوية للولايات المتحدة الأمريكية، مضيفاً “لن أكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية”.
تعددت آراء الفلسطينيين حول هذه الواقعة فوصف البعض بوشنل بأيقونة الشرف والحرية، بينما رأى البعض أن هذه العملية ستغير الكثير في السياسة الأميركية، وستزيد من الضغط على واشنطن لإيقاف دعمها لإسرائيل.
محمد عمرو(32) عاماً ويعمل مخرج برامج في تلفزيون فلسطين يقول” اعترض بوشنل على عربدة أمريكا ومات وهو يقول الحرية لفلسطين”.
أما محمود شهير(38) عاماً ويعمل مةظفاً في احد البنوك العاملة في فلسطين فيقول”أعتقد أن الرأي العام العالمي نتيجة أحداث غزة أصبح لديه وعي بسياسة الحكومة الامريكية بالشرق الأوسط، وهناك رفض متزايد لهذه السياسة”.
ويقول علي لافي (27) عاماً ويعمل مندوب مبيعات في محل ملابس إن احراق بوشينيل هي بداية الوعي لدى شعوب العالم، خصوصاً أنه عسكري، ولكن نتيجة ما يدور في غزة من جرائم دفع بوشنيل إلى التمرد على قواعد التعاليم العسكرية الأمريكية.
سارة عا يد طالبة في جامعة القدس المفتوحة تخصص إدارة أعمال فترى بأن بوشنيل أصبح بفعلته يمثل “أيقونة السلام”.
أما سلام الهريني (25) عاماً والتي تعمل ممرضة في مدينة نابلس تعتقد أن بوشنيل رغم أنه غير عربي، لكن موقفه تجاه غزة أفضل من موقف العروبة تجاة هذا العدوان .
هاني حمارشة (29) عاماً يعمل مصوراً في مدينة جنين يرى أن الإنسانية التي يمتلكها هذا الشخص هي التي دفعته ليعبر بطريقتة رافضاً العدوان على غزة .
وتخلص أمل حسونة (24) عاماً وهي خريجة من جامعة النجاح تخصص انجليزي إلى القول بأن احراق بوشنيل نفسه قد تكون البداية لتعريف الرأي العام الغربي أن الإنسانية لاتفرق بين عرق ودين .
وفي هذا السياق، يقول أ. عمار جمهور الباحث والمختص في علوم الإتصال والعلاقات العامة، إن إضرام بوشنيل النار في نفسه أمام السفارة الإسرائيلية، في الولايات المتحدة الأمريكية لم يكن حدثاً عرضياً بل بني بالأساس على دوافع إنسانية عميقة، جعلت هذا الجندي بكل بساطة ينتصر بآدميته لدوافعه الإنسانية من خلال بواعث قيمية عميقة ليسجل مشهدًا غير مألوف على الإطلاق.
وسيشكل هذا المشهد التراجيدي علامة فارقة مبنية على فلسفة عميقة ترتكز بالأساس على قيم التضحية والفداء تجاه الآخر من جانب، والتطوعية من أجل حرية الآخر وحقه الوجودي من الجانب الآخر.
وأضاف جمهور في مقال نشره في صحيفة “الحياة الجديدة”: هذا المشهد يمثل أنموذج متمرد على المنظومة القيمية التي لا يزال المجتمع الغربي يروج لها، والمتمثلة بالحقوق وحقوق الآخرين والحريات والديمقراطية والقوانين والمواثيق والقرارات وغيرها من المصطلحات التي كان يتغنى بها كأفضلية تمايزية، سرعان ما تهاوت بفعل الحرب على الشعب الفلسطيني، وكشف زيف ادعائها في تناقض صارخ ما بين الادعاء من جانب والممارسة الفعلية من جانب آخر. الأمر الذي عمق الفجوة الكبيرة جراء تراجع مصداقيتها، التي باتت تملأ بالفبركة تارة والتصريحات (اللافعلية) المناقضة للواقع ذات الاستهلاك السياسي جراء ضغط الشارع تارة أخرى. وتراجع الاعتقاد القائم على الوهم في أذهان القوى الغربية، التي ادعت “المنظومة الرسمية الغربية” أنها باتت تعتبر خلاصة الحضارات الإنسانية وأنها تتويج لفردانيتها والحارس الأمين على مصلحة الإنسانية وأن الحضارة الغربية وصلت لنهايتها القيمية السامية.