*محللون: الأزمة المالية قائمة ولن تحل بتحويل أموال المقاصة المحتجرزة في الشهور الأخيرة
نابلس-المحرر-ايناس حناوي وأحلام حمدان- كشفت محللون اقتصاديون النقاب عن أن الحديث الامريكي عن قرب بدء تدفق أموال المقاصة إلى خزينة السلطة الوطنية لن يحل الأزمة المالية للحكومة وإن كان سيخفف من حدتها.
وقال الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي جعفر صدقة لـ”المحرر” إن تصريح وزيرة الخزينة الأمريكية حول بدء تدفق أموال المقاصة إلى خزينة السلطة الوطنية بعد احتجازها منذ 7 أكتوبر الماضي أعطى انطباعاً بأن هناك أموالاً تتدفق لحل الأزمة دون تقديم تفاصيل واضحة، مشيراً إلى أن المبالغ المتبقية بحوزة اسرائيل والتي احتجزتها خلال الأشهر الماضية بعد الاقتطاعات الإسرائيلية لا تساعد على حل الأزمة المالية، وخاصة أن هناك انخفاض حاداً في قيمة ضريبة المقاصة منذ عدة أشهر بسبب تراجع الدورة الاقتصادية بسبب العدوان.
وأضاف “المبالغ التي يتم الحديث عنها لا تكفي لحل الأزمة وأنها تعطي مؤشراً بأننا مقبلون خلال الأشهر القادمة على كارثة إذا لم يتم تعويض هذه الأموال”.
وأضاف صدقة بأن المبلغ الذي حول للنرويج كما يدعون يوازي مخصصات قطاع غزة وأن كل المتبقي من شهر تشرين الأول لنهاية شهر كانون الثاني 861 مليون شيقل وهذه لا تكفي لسداد فاتورة رواتب شهر واحد.
يشار إلى أن فاتورة الرواتب الشهرية للسلطة الوطنية تصل إلى قرابة مليار شقل شهرياً باحتساب أجور العاملين (نحو 140 ألف موظف)، بالإضافة إلى المساعدات الاجتماعية ورواتب المتقاعدين.
ويرى صدقة أن التصريح الامريكي جاء لتحقيق أهداف داخلية للرئيس الأميركي جوي بايدن والذي يخوض انتخابات تمهيدية ويجد معارضة شديدة من داخل حزبه لموقفه من الحرب العدوانية التي تشن على قطاع غزة.
ويبين صدقة أن الأموال التي سيتم تحويلها خلق صورة ذهنية لدى العامة، وكأن الأزمة المالية قد حلت، لكن في الحقيقة هي لا تكفي لسد راتب واحد من أصل خمسة رواتب متأخرة لصالح الموظفين إضافة إلى وجود مديوينة عالية لصالح القطاع الخاص.
وكانت وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يلين قالت في وقت سابق أن إسرائيل قد وافقت على تحويل عائدات الضرائب إلى السلطة الفلسطينية لدعم الاقتصاد الفلسطيني في الضفة .
وأضافت أن إنقطاع سكان الضفة الغربية من العمل في إسرائيل له تأثير واضح على الضفة الغربية سلبًا وأنه يضر بالإقتصاد الإسرائيلي بشكل كبير. وأضافت يلين أنها وجهت رسالة إلى نتنياهو بإعادة التصاريح للعمال الفلسطينيين وأنها تعمل على مواصلة إستكشاف الحلول لتعزيز الإقتصاد في الضفة الغربية.
وفي سياق ذلك، قال د. ثابت ابو الروس لـ “المحرر” إن السلطة الوطنية تعاني من أزمة مالية خانقة قبل أحداث 7 أكتوبر، لكن جاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ليعمق من هذه الأزمة ويرهق الموانة العامة في ظل الاقتطاعات الاسرائيلية ووجود تحديات كبيرة فيما يتعلق بالقطاع الصحي والتزاماته في ظل تدمير المستشفيات وارتفاع أعداد الشهداء والجرحى على نحوغير مسبوق، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وكافة سبل الحياة وما يفرضه ذلك من التزامات مالية لإعادة الإعمار.
ويضيف “الاقتطاعات الاسرائيلية لأموال المقاصة وكذلك توقف المساعادات الأجنبية أرهق الموازنة العامة وأدخلها في أزمة مالية خانقة لا تبدو بوادر لحلها قريبا”.
ويشير إلى أن المقاصة تحولت إلى أداة تهديد سياسي تستخدمها اسرائيل لتهديد السلطة الوطنية، كما تريد الولايات المتحدة الحالية استخدامها لتهدئة غضب الناخبين الأمريكيين من انحياز الإدارة الأمريكية للجرائم الاسرائيلية.
وختم أبو الروس بأن تحويل أموال المقاصة قد يسهم في مساعدة السلطة على تسديد جزء من استحقاقاتها وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني قليلاً ، لكنها حتماً لن تحل الأزمة المالية.
وكان وزير المالية شكري بشارة أعلن قبل عدة أيام أن الاتفاق بشأن تحويل جزء من المقاصة إلى النرويج ما زال عالقا بسبب خلافات حادة حول بعض التفاصيل، محذراً من أن “علينا التعايش مع 20-30% من الدخل فقط” إلى حين تجاوز الأزمة.
وشدد بشارة على أن السلطة الوطنية لن تتخلى، بأي حال من الأحوال، عن التزاماتها تجاه قطاع غزة، وستستمر في دفع هذه الالتزامات، في حين أن الحكومة الإسرائيلية، خصوصا وزير ماليتها “المتعجرف” بستلئيل سموتريتش، تصر على وقف مدفوعات السلطة بالكامل إلى القطاع.
وقال، “هذه التزامات قانونية وأخلاقية تجاه نحو 40 ألف موظف لنا في القطاع، ولن نوقفها بأي حال من الأحوال. الموضوع ليس مجرد شأن مالي، وإنما يتعلق بالكرامة الوطنية”.
ولفت بشارة إلى أن إسرائيل بدأت باقتطاع 275 مليون شيقل من المقاصة شهريا، منذ بداية العدوان على القطاع في تشرين الأول الماضي، أضيفت إلى اقتطاعات أخرى تقدر بنحو 52 مليون شيقل شهريا، تقول إسرائيل إنها توازي مدفوعات السلطة لعائلات الشهداء والمعتقلين والجرحى، ومبالغ ضائعة نتيجة عدم التحاسب بشأن ضريبة الخروج عبر معبر الكرامة.
بالإجمال، قال بشارة، إن الاقتطاعات الإسرائيلية المتراكمة تحت البنود الثلاثة، حتى نهاية عام 2023، تتجاوز 4.8 مليار شيقل (حوالي 1.4 مليار دولار)، منها 950 مليون دولار رسوم معبر الكرامة، و2.94 مليار مدفوعات الشهداء والمعتقلين والجرحى، وحوالي 956 مليون شيقل مخصصات غزة.
يشار إلى أن لدى موظفي القطاع العام ديون مستحقة على السلطة الوطنية تقدر بنحو 4 مليارات شيقل، فيما تصل حجم المديونية على وزارة المالية لصالح القطاع الخاص والبنوك وصندوق التقاعد بأكثر من 30 مليار شيقل، ما يؤكد أن ما سيتم تحويله من أموال متراكمة منذ أكتوبر الماضي وتحتجزها اسرائيل تصل إلى نحو 860 مليون شيقل فقط بعد حسم الاقتطاعات الاسرائيلية ما يعني أن ما سيتم تحويله ليس إلا نقطة في بحر الدين المتراكم على السلطة الوطنية.
وكشفت الحكومة النرويجية أمس أن السلطة الوطنية تلقت 407 ملايين شيقل (114 مليون دولار) من إسرائيل، وإنها ستتلقى المزيد من الأموال في الأيام المقبلة، بعد اتفاق في وقت سابق من هذا الشهر على الإفراج عن أموال ضرائب مجمدة.