الرئيسيةتقاريرميناء في غزة...ممر إنساني أم خطوة لتنفيذ مخطط "خبيث"؟

ميناء في غزة…ممر إنساني أم خطوة لتنفيذ مخطط “خبيث”؟

*تخوفات من أن يتحول “الرصيف البحري” إلى متنفس لتشجيع الغزيين نحو الهجرة “طوعا”

رام الله-المحرر-ميرال مرقة

قطاع غزة الذي يواجه سياسة تجويع خلال حرب الإبادة التي تشن عليه منذ أكثر من (156) يوماً يقع على (7)معابر برية، عمدت إسرائيل إلى إغلاق ستة منها منذ بدء العدوان لإطباق حصارها الذيزاد عن (17) عاماً، فيما توقف ممر رفح البري الوحيد الذي يربط القطاع مع العالم الخارجي فجأة عن العمل إلا لأغراض إنسانسة محدودة.

 ومع تفاقم الأزمة الإنسانية سوءاً خرج الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطاب يعلن فيه عن نية الولايات المتحدة المتحدة الأمريكية تشييد ميناء في غزة يكون ممراً إنسانياً،  فلماذا تطرح واشنطن هذه الفكرة رغم وجود ممرات برية؟ ولماذا تجيء في هذا التوقيت بالتحديد رغم أن فكرة إنشاء ميناء رفضت اسرائيلياً طوال السنوات الماضية؟

فخلال خطاب حالة الاتحاد فجر الجمعة، قال بايدن إنه كلف الجيش الأميركي بمهمة طارئة لإنشاء رصيف على ساحل غزة بحجة إيصال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية.

ومباشرة، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون أن بلاده ستتعاون مع الولايات المتحدة لفتح ممر بحري لتوصيل المساعدات مباشرة إلى غزة.

“نحن قريبون جداً من فتح ممر بحري، هكذا صرّحت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بعد زيارة لميناء مدينة لارنكا بجنوب قبرص -الواقعة على مسافة نحو 380 كيلومترا من غزة.

وأعلن الاتحاد الأوروبي عن الاقتراب من فتح ممر إنساني من قبرص إلى غزة. يأتي ذلك فيما تعتزم الولايات المتحدة بناء رصيف عائم مؤقت في غزة لإيصال المساعدات انطلاقاً من الموانئ القبرصية. حيث يشارك في المشروع دول عربية وأوروبية وستديره شركة أميركية خاصة ستعمل بالتنسيق مع الأمم المتحدة لإيصال الإغاثة الإنسانية إلى غزة وإنجازه يتطلب أسابيع عدة. فما الغاية من إنشاء هذا الميناء الذي لا يجد ممانعة اسرائيلية هذه المرة؟

يقول المحلل السياسي  نهاد أبو غوش “في ظاهر الأمر تبدو الخطوة كأنها محاولة لتقديم مساعدات، لكن هذا لا يخلو من استحقاقات سياسية”، متسائلاً” لماذا تحجم الولايات المتحدة عن ممارسة أي ضغط على إسرائيل لوقف الحرب او استخدام الممرات البرية القائمة وهي سبع ممرات؟ولماذا تختزل كل موضوع الحرب على غزة بفكرة المساعدات الإنسانة فقط، دون تضمين البنود التي ناقشها اجتماع باريس الأول وباريس الثاني، والقاهرة ووارسو والدوحة؟”.

وطرح أبوغوش عدة تساؤلات حول كيفية وصول هذه المساعدات إلى قطاع غزة في ظل السيطرة الإسرائيلية على معظم المناطق، بالإضافة إلى تحكم الجانب الإسرائيلي فيما يصل من مواد وطريقة توزيعها ما يعني تكريساً لسيطرة الاحتلال المتسبب الرئيسي لهذه المأساة الإنسانية.

وأشار أن فكرة الممرات الإنسانية لا تخلو من تداعيات “سلبية”، خصوصا أن “إسرائيل” هي التي اقترحت قبل عدة أسابيع فكرة إيجاد ممر إنساني بين قبرص وغزة لتسهيل هجرة من يرغب من الفلسطينيين، منوهاً إلى أن الفكرة بدأت تطفو على السطح بعد الرفض الأردني والمصري لفكرة تهجير سكان غزة إلى البلدين.

وتابع” العائق الوحيد أمام الخطة هو وجود دولة تستضيف اللاجئين الفلسطينيين، حيث تجري عمليات تهجير جزئية وتقدم تسهيلات من الحكومة الكندية”.

وأكد أن هذا الممر الإنساني ربما يكون محاولة من الإدارة الامريكية لاحتواء الاحتجاجات والانتقادات من قبل  المجتمع الأمريكي والدولي، لتوحي بتوازن موقفها، لكن هذا لا يراعي الحد الأدنى من التوازن، فهي من جهة تؤيد “إسرائيل” بعملياتها العسكرية وتزودها بالذخائر لاستدامة الحرب، واستكمال المخطط باجتياج مدينة رفح، ومن جهة أخرى تدعي أنها توفر مساعداتٍ إنسانية للفلسطينيين.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة وفرت حتى الآن 38 ألف وجبة غذائية لمواطني غزة، ومن جهةٍ أخرى وفرت أكثر من  ألف طن من المتفجرات للاحتلال لإلقائها عليهم ما يعادل 3 غرامات لكل بيت وعائلة وأطفال فلسطينيين وقعت فوق رؤوسهم وتسببت بأكثر من 100 ألف شهيد وجريح.

بدوره، يقول كفاح زبون الصحفي في جريدة “الشرق الأوسط”  المختص في الشؤون السياسية إن  الهدف المعلن لهذا الممر هو تقديم المساعدات الإنسانية بسبب وجود صعوبات في ايصالها عبر الممرات البرية، لكنه لا يستبعد وجود خطة سياسية “غير بريئة”، لافتاً إلى أن فكرة الميناء تدل على أن الوضع الصعب والمعقد في قطاع غزة سيطول.

وأضاف أن فكرة الميناء “الممر” أو “الرصيف” غير بريئة، وقديمة وطرحت من قبل وزير الخارجية الإسرائيلي (ايلي كوهن) أكثر من مرة ضمن رؤية إسرائيلية تهدف إلى تهجير الفلسطينيين، والآن توافق “إسرائيل” على المقترح الأمريكي بدعم عربي و أوروبي.
ولفت إلى أن فكرة الميناء تأتي في ظل غياب سلطة فلسطينية تحكم القطاع وسيطرة “اسرائيل” عسكرياً على معظم المناطق، وفي ظل توجهات اسرائيلية لتنفيذ عملية عسكرية في مدينة رفح والسيطرة على ما يسمى بمحور”فيلادفيا”، مضيفاً أن الميناء أو الرصيف قد يكون تسهيلا لهجرة الفلسطينيين وبديلاً عن ممر رفح البري، خاصة إذا ما أقدمت “اسرائيل” على احتلال “محور فيلادفيا” واستمرت في السيطرة عليه لسنوات.

ولم يستبعد زبون أن تخدم فكرة الميناء رؤية ما بعد الحرب، بحيث قد يصبح مصدر قوة  لأشخاص يتطلعون لحكم غزة يحظون بدعم أمريكي وعربي.