القدس -وفا- بلال غيث كسواني-تشير الاحداث الجارية والإجراءات التي ينفذها الاحتلال الإسرائيلي في المسجد الأقصى ومحيطه إلى مساع جدية لتغيير الوضع القائم تحت حجج القيام بأعمال صيانة او أعمال اعتيادية تجري في محيطه.
ويجري كل ذلك حسب مراقبون، بصمت وبشكل متسارع منذ مطلع العام الجاري.
والمتتبع للأحداث في محيط الأقصى يمكنه تسجيل مجموعة من التغيرات في الأشهر الثلاثة الماضية، فقد قامت قوات الاحتلال بنصب برج للتجسس أعلى المدرسة التنكزية المطلة على ساحات المسجد، يضم كاميرات مراقبة وأجهزة تنصت ولواقط صوتية ترصد ذبذبات المصلين، كذلك نصبت قوات الاحتلال كاميرات مراقبة جديدة في محيط المسجد الأقصى عند بابي الأسباط والمطهرة، وقرب مئذنة باب السلسلة.وبعد ذلك بأيام نصبت قوات الاحتلال حواجز حديدية متنقلة عند باب الأسباط بعد أيام من نصب مكعبات اسمنتية عند هذا الباب من الخارج ومدخل مقبرة باب الرحمة.
وخلال الشهر الجاري قامت قوات الاحتلال بتركيب أسلاك شائكة على سور القدس المحاذي للمسجد الأقصى من جهة باب الأسباط، كذلك أُغلق حاجز الأعمدة الالكترونية القريب من باب الأسباط أمام المقدسيين المصرح لهم بعبوره، بأمر من شرطة الاحتلال.
ونصبت شرطة الاحتلال على ثلاثة أبواب للمسجد وهي: باب الملك فيصل والحديد والغوانمة أقفاصا حديدية لحماية أفرادها المتمركزين عند أبواب المسجد الأقصى.
وفي الجمعة الأولى من شهر رمضان منعت شرطة الاحتلال عناصر ومتطوعي الهلال الأحمر من الدخول إلى باحات الأقصى لتقديم خدماتها الإنسانية والإسعافية للمصلين.
يضاف لكل ذلك منع المصلين من الوصول لباحات المسجد منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع عزة، بهدف تقليل أعداد المصلين وزيادة أعداد المقتحمين من اليهود والمستوطنين تمهيدا لتقسيم المسجد وإنهاء الوضع القائم المسمى “الستاتيكو”.
و”الستاتيكو” أو الوضع الراهن هو مجموعة قواعد تفيد بأن المسجد وساحاته ومصلياته ومدارسه ومعالمه المسقوفة وغير المسقوفة هو ملك خالص للمسلمين، ولهم الحق بإدارته في كل ما يتعلق بالسياحة والزيارة لهذا المكان المقدس الذي يتربع على مساحة 144 دونما.
وهنا قال أستاذ القانون الدولي في جامعة القدس منير نسيبة، إن “الستاتيكو” هي حالة خاصة في مدينتي القدس وبيت لحم بالتحديد وبموجبها يمنع إجراء أي تغيرات على المواقع الإسلامية والمسيحية، وهي حالة معتمدة منذ العهد العثماني، وبموجبها لا يمكن تغير الوضع القائم في المواقع الدينية على الإطلاق.ويحفظ قانون الـ “ستاتيكو” (الوضع الراهن) حقوق الأديان والطوائف والمعالم التاريخية والدينية، وصون هوية الأماكن والمقدسات وتبعيتها الإدارية، بالإضافة إلى الأدوار والصلاحيات الدينية والتاريخية للجميع، وبالتالي، فإن القانون الدولي ينظر للانتهاكات الإسرائيلية في الأقصى من منظور الإدانة والخرق للوضع الراهن فيه.وأضاف نسيبة أن محاولة تغير الوضع القائم هو انتهاك، والاحتلال الإسرائيلي منذ بدايته يخترق وينتهك الوضع القائم في القدس وتحديدا في محيط المسجد الأقصى المبارك، فقد سيطر على حائط البراق وهو جزء من الأقصى وهدم مناطق واسعة حوله لتوسيع الساحة، ثم توسع للسيطرة على المسجد عبر السيطرة على مفتاح باب المغاربة، ومع مرور الوقت زادت الانتهاكات التي يسعى عبرها لإجبار دائرة الأوقاف على قبول اقتحام المستوطنين والمتدينين بدون اذن دائرة الأوقاف وهذا انتهاك للوضع القائم.
ويتابع، في حديث لـ “وفا”، تواصل انتهاك الوضع القائم بمحاولة وضع بوابات الكترونية ولكنه فشل عام 2017، ومنع ترميم المسجد الأقصى يعتبر اختراق للوضع القائم في المسجد الأقصى، فالاحتلال يخترق الوضع القائم ويجب التأكيد أن القانون الدولي لا يقبل تغير الوضع القائم بل أن ما يجري هو اختراق له.
من جانبه قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عدنان الحسيني، منذ العدوان على غزة تسارعت إجراءات الاحتلال لتغير الوضع القائم، وتنفذ إجراءات من طرف واحد وهي تغير للوضع القائم، إضافة لاقتحامات المستوطنين المتصاعدة، وما يجري هو تغير أمر واقع ولكن بهدوء لتجنب ردة الفعل الفلسطينية الغاضبة.
وأضاف الحسيني الذي عمل لوقت طويل محافظا للقدس ووزيرا لها، إن كل الإجراءات التي يصفها الاحتلال بالصيانة الروتينية في محيط المسجد هي تغيير للأمر الواقع في الأقصى المبارك لفرض سيطرة كاملة عليه.
وأوضح أن التقسيم الزماني حاصل بالفعل في المسجد الأقصى، والاحتلال يسعى اليوم للتقسيم المكاني عبر تقليل عدد المصلين في المسجد الأقصى المبارك في الوقت الحالي بالسيطرة على الأبواب لتقليل أعداد المواطنين الداخلين للصلاة.
وقال، نحن نواجه حكومة متطرفة لها أهداف كبيرة لتهويد المسجد بالكامل ونحتاج لوقفة إسلامية عربية وليس فقط أهل البلدة القديمة الذين يصلون للمسجد فقط، إذ لم يكن يسمح للمقدسيين قبل رمضان من خارج المدينة بدخول المسجد.
وفي هذا السياق، قال المحامي المختص في الشأن المقدسي خالد زبارقة لـ “وفا”، إن الاحتلال بإجراءاته المتسارعة منذ مطلع العام يسعى بكل قوته لتغيير الوضع القائم بالأقصى وتمرير مخططاته لتهويد المسجد بالكامل، ومن أجل ذلك يسعى لإحكام سيطرته على الأقصى ويستغل العدوان لبسط سيطرته على المسجد الأقصى والتقدم في مشروعه الرامي لبناء الهيكل المزعوم مكان الأقصى.
وأضاف أن الاحتلال قام بعدد من الأعمال في محيط المسجد من أجل بسط سيطرته والتحكم في كل شيء للوصول لمرحلة أنه المسيطر وصاحب القرار في المسجد الأقصى المبارك، ويفرض سيطرته بشكل كامل، وهناك سياسات لتفريغه من المصلين الذين يشدون الرحال للصلاة هناك.
وأوضح أن الكاميرات وأجهزة التنصت التي نصبها الاحتلال حديثا حول المسجد الأقصى والأجهزة التكنولوجية جزء منها ظاهر وجزء منها مخفي تهدف لرصد حديث الناس وليس هواتفهم فقط، وهناك شركة أميركية رتبت في الفترة الأخيرة نظاما تكنولوجيا حول المسجد الأقصى للسيطرة على كل ما يتحرك في المنطقة.