الرئيسيةتقاريرمنصات التحقق من المعلومات درعٌ في وجه التضليل والكذب

منصات التحقق من المعلومات درعٌ في وجه التضليل والكذب

*المنصات تعمل وسط تحديات عديدة … ومختصون يؤكدون أن الحرب على غزة خلقت بيئة خصبة لنشر الاشاعات والأكاذيب

* استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والتطور المستمر على الأجهزة الإلكترونية ساعد على نشر الأخبار المضللة

رام الله-المحرر-حسان عيص-أصبحت الشائعات والأخبار الكاذبة والمضللة أحد أكبر التحديات التي تواجه المجتمعات في عصرنا الحديث، والتي يطلق عليها في بعض الأحيان مصطلح “المعلومات الزائفة” أو “الأخبار الزائفة”، إذ أن هذه الظاهرة تؤثر سلباً على المجتمعات والفرد، خاصة مع الانتشار الشائع للشبكات الاجتماعية والتطور المستمر على الأجهزة الإلكترونية والشبكة العنكبوتية.

يقول بكر عبد الحق المدير التنفيذي لمنصة “تحقق” للتربية الإعلامية وتدقيق المعلومات، أن منصات تدقيق المعلومات تعمل على التصدي للمعلومات الكاذبة والمضللة والإشاعات من خلال عمليات الرصد اليدوية، والبحث بواسطة منصات التواصل أو في المنصات الرقمية والمواقع الإخبارية الإلكترونية المختلفة، ومن خلال قوائم تحوي أسماء المنصات التي سبق أن وقعت بأخطاء أو شاركت في حملات التضليل، ومن خلال الكلمات المفتاحية، مثل “طوفان الأقصى، حرب غزة، زلزال المغرب… الخ”.

ويضيف “من المعايير المتبعة لتقييم المحتوى (الاجتزاء، والمبالغة، والتحيز الشخصي، وخطاب الكراهية، ومخالفة المعلومة للمنطق، وغياب التفاصيل الأساسية المتمثلة في الأسئلة الخمسة)”، مشيراً إلى أن المرصد يعتمد  للتحقق المادة التي يوجد عيلها تفاعل وتركت آثاراً على صعيد المجتمع والأفراد.

وأوضح عبد الحق أن من أبرز التحديات التي طرأت على بيئة العمل وما يتعلق بالحرب على غزة، صعوبة التواصل مع المصادر الحية في غزة لانقطاع الاتصالات، ووجود مخاوف قانونية خاصة من التقارير المرتبطة بالاحتلال، وتعرض المنصات لعمليات تبليغ وهجمات الكترونية لإيقاعها، بالإضافة لظهور أشكال جديدة من التضليل تحديداً في الحملات الغربية والإسرائيلية، التي هدفت لتشويه الحقائق والتأثير على الرأي العام، وتلخصت في  شيطنة الفلسطينيين واتهامهم باغتصاب النساء وقتل وخطف الأطفال، لافتاً إلى أن تلك الاتهامات استندت على صور وفيديوهات غير مرتبطة بغزة ومعظمها قديمة، وهناك تشكيك في أعداد الشهداء، بالإضافة إلى توظيف فيديوهات لفنانين يتقنون فن المكياج السينمائي في غزة، ومحاولة الاشارة إلى أن الفلسطينيين يقومون بتزييف جراحهم ومعاناتهم.

 وتابع “في الحالة الفلسطينية كان هناك تعاطف خاطئ من خلال توظيف بعض الصور والفيديوهات من خارج قطاع غزة وربطها بالحرب، واختلاق أحداث ميدانية أو تلفيق ترجمات غير دقيقة، ومحاولة تسويق انتصارات وهمية غير موجودة على أرض الواقع”.

ووضح أن انتشار شبكات التواصل على نطاق واسع  وظهور الذكاء الاصطناعي أدى لتحول في مشهد التضليل من خلال الانتشار الفيروسي للمعلومات التي تعتمد على خوارزميات منصات التواصل الاجتماعي، إذ أصبح بمقدور أي شخص إنشاء حساب عبر هذه المنصات، وتلك الحسابات لا تخضع لقواعد وأخلاقيات مهنة الصحافة، ما يؤدي ذلك إلى اضطراب في المعلومات، خصوصاً في الأزمات والصراعات.

وأضاف أن الذكاء الاصطناعي ساهم في ظهور “التزيف العميق” الذي يصعب الكشف عنه، فيلجأ مدققو الملعومات لبعض البرامج والتطبيقات لفحص المحتوى، لكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير، فيعتمد المدقق بشكل أكبر على تحليل الصورة أو الفيديو والبحث عن التشوهات في الفيديوهات والصور أو حركة الشفاه والصوت، وتكون غالباً المواد المنتجة بالذكاء الإصطناعي مدتها قصيرة وجودتها منخفضة فيصعب على الجمهور كشفها.

من جهته، يقول الإعلامي صدقي أبو ضهير الباحث والمستشار في الإعلام والتسويق الرقمي، إن هناك نقصاً في الإحصائيات الدقيقة التي توضح مدى وحجم انتشار الشائعات والأخبار المضللة بين الجمهور العربي والفلسطيني بشكل خاص عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مع ذلك يتم قياس انتشار هذه الظواهر بالعادة من خلال تحليل كميات كبيرة من البيانات على تلك المواقع والتعرف على هذه النماذج والأنماط المتكررة المتعلقة بالمحتوى المضلل، بحيث تتم متابعتها ومتابعة مصادرها، بواسطة محركات البحث والتي تساهم في عملية التتبع، لنتمكن حينها من التوصل إلى بعض الأرقام والإحصائيات، ولقياس مدى وحجم انتشار الشائعات والأخبار المضللة، خاصة في فترة الحروب.

ويشير إلى أهمية  إجراء دراسات ومقارنات وتحليلات للبيانات المتوفرة خلال فترات زمنية محددة، بواسطة مواقع مختصة لمتابعة وتحليل الزيادة في النشاط والتغير على النماذج المتعلقة في نشر المعلومات المضللة والشائعات، ومعرفة فيما إذا كان السهم البياني يدلل على وجود ارتفاع أو انخفاض في مدى وحجم انتشار الشائعات في تلك الفترات.

ونوه إلى أن الدول كافة مطالبة بالعمل على تخفيض نسبة الأخبار الكاذبة والمضللة من خلال اتباع استراتيجيات، مثل إنشاء وحدات متخصصة لرصد  وتفنيد الأخبار الكاذبة والمضللة، وتعزيز الشفافية، وسرعة الاستجابة لنشر المعلومة الصحيحة، إضافة لوجود تعاون مع منصات التواصل الاجتماعي لتحديد المحتوى المضلل وأزالته، وتنظيم حملات توعية للجمهور، إضافة لتفعيل قوانين تضبط سلوك الصحفيين والناشطين.

وأوصى أبو ضهير مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي باتخاذ خطوات بسيطة ومحددة لتجنب الشائعات والتضليل، وذلك باللجوء لجهات متخصصة في عمليات متابعة الأخبار الكاذبة والشائعات، أو من خلال التحقق من المصادر بشكل شخصي، عن طريق استخدام أدوات تحقق مجانية تتيح التأكد من مدى مصداقية المحتوى، ما يساهم في اكتساب مستخدمي مواقع التواصل لمهارات النقد والتحليل والقدرة على التمييز ما بين الأخبار الموثوقة وغير الموثوقة، ما يعزز من انتشار المعلومات الصحيحة بصورة أكبر.

يذكر أنه أسست في فلسطين خلال السنوات الأخيرة العديد من منصات التحقق من الأخبار الكاذبة والمضللة التي تعمل على توضيح مصداقية تلك الأخبار من بينها “تحقق”، و”كاشف” و”تيقن”.