الرئيسيةرئيسيفي مطعم بنابلس...ابنة الـ12 عاماً رفيقة والدها في صناعة الحمص والفلافل

في مطعم بنابلس…ابنة الـ12 عاماً رفيقة والدها في صناعة الحمص والفلافل

نابلس-المحرر-هلا فارسفي عالم يملؤه التحديات، تبرز شخصيات استثنائية تحمل في قلوبها الإرادة والعزيمة لتحقيق النجاح. تعتبر نادرة الوجود أبو زنط، (12)عامًا، واحدة من هؤلاء الأفراد الذين يجسدون الإرادة والتفاني في عملهم. فهي تعمل جنبًا إلى جنب مع والدها في مطعم الحمص والفلافل في مدينة نابلس بفلسطين، حيث تبرز قصتها كمثال ملهم للشجاعة والتحدي.

بدأت قصة نادرة عندما فتح جدها مطعم الحمص والفلافل في عام 1976 بعد خروجه من السجن الإسرائيلي. ولم يكن الطريق سهلاً، حيث واجه ابنه يوسف أبو زنط، والد نادرة، العديد من التحديات في تشغيل المطعم وسط الظروف الصعبة في فلسطين. ومع ذلك، فإن روح الصمود والتفاؤل لم تفارق أفراد العائلة، وبدأوا بالعمل بجد وإصرار لبناء حياة جديدة لهم.

منذ أن كان عمرها أربع سنوات، انضمت نادرة وشقيقها الأصغر عمار للمساعدة في المطعم. ولوحظت مهاراتهما الاستثنائية وقدرتهما على التكيف مع بيئة العمل بسرعة. بدأت نادرة بأدوار بسيطة في المحل، مثل تنظيف الطاولات وترتيب الأواني، ولكنها سرعان ما ظهرت بمهارات أعلى من ذلك.

في بادئ الأمر، كانت نادرة  تقضي أوقاتها واقفة على الكرسي لتجلي الصحون، ثم عملت جاهدة على تنظيف المحل والطاولات. لكن مع مرور الوقت، بدأت الأمور تتغير  بفضل جهودها، تعلمت كيفية تنظيف وترتيب المحل بشكل محترف، وأصبحت جزءًا فعّالًا من فريق العمل.

ولكن هذا لم يكن كل شيء. بينما كانت تستكشف عالم المحل، اكتشفت أسرارًا جديدة في عالم الحمص والفلافل. بدأت بمساعدة العمال في تحضير البسطة، وتجميل أطباق الحمص، وتعلم طريقة صنع الفلافل بأمانة واحترافية.

كانت الطفولة لنادرة مليئة بالتحديات، حيث واجهت مقاومة من بعض الأشخاص بسبب جنسها اللطيف وصغر سنها، كأحد الزبائن المتعجرف الذي لا يريد أن تبيعه، وأيضاً من التحديات التي واجهتها كانت صعوبة الوقوف على البسطة ومشاهدة تفاعلات الناس المتباينة، وهذا كان أكثر صعوبة بالنسبة لها كونها فتاة.

 

ومع ذلك، تجاوزت نادرة هذه التحديات بإصرارها وعزيمتها القوية وتشجيع والدها لها، واستمرت في تعلم وتطوير مهاراتها في عمل المحل.

من خلال التفاني والتحمل، نمت مهارات نادرة في صناعة الحمص والفلافل وتعلمت كيفية التعامل مع الزبائن بشكل احترافي. بالإضافة إلى ذلك، تعلمت كيفية إدارة وتنظيم العمل في المطعم، وأصبحت شريكًا فعّالًا في نجاح العمل.

عملت نادرة على التوازن بين دراستها ومساعدة والدها، فأثناء فترة المدرسة تنزل على المطعم بانتظام بعد الانتهاء من دراستها حوالي الساعة الواحدة ونصف ظهراً، ولكن حينما يكون التعليم إلكترونياً تنجز المحاضرات ثم تذهب لمساعدة والدها في المحل.

لم يكن الطموح لدى نادرة يقتصر على إدارة المطعم فقط، بل كانت تطمح أيضًا لمستقبل أكبر. تتمنى نادرة دراسة الطب الأسنان، وتعمل بجد مع والدها على توسيع نطاق العمل من خلال إطلاق باص متنقل لبيع المأكولات كالحمص والفلافل والكبدة في مناطق أخرى.

ومن النصائح القيمة التي تقدمها نادرة هي عدم تعريض الأطفال لمجرد مشاهدة العمل بل بالتشجيع على المشاركة الفعّالة، بدلاً من توجيههم بشكل محدد إلى كيفية المساعدة في المطعم، يجب تحفيزهم على المشاركة بطرق مبتكرة وممتعة وتعليمهم أهمية المساهمة الإيجابية في تطوير العمل ودعم الأسرة.

 من بين الدروس القيمة التي اكتسبتها من تجربتها مع والدها هو تعلم كل شيء بجانبه. بالإضافة إلى ذلك، عندما تعرض والدها لإصابة خطيرة كانت بجانبه على الدوام، لم لا؟، فوالدها دائمًا كان داعماً لها، والآن حان دورها لتكون معه في وقت الحاجة وتساعده.

تنتهي قصة نادرة الوجود، الفتاة الشابة القوية والملهمة، برسالة من الأمل والتفاؤل. إنها قصة عن الإرادة والتحدي والنجاح، تذكرنا بأنه مهما كانت الصعوبات كبيرة، فإن الإصرار والعزيمة يمكنهما تحقيق المعجزات.

نجاح نادرة ليس فقط في عملها في محل الحمص والفلافل، بل في استمرارها في مواجهة التحديات وتحقيق أحلامها. وبفضل دعم والدها وقوة شخصيتها، تمكنت من بناء مستقبل مشرق لنفسها، يستند إلى العمل الشاق والإيمان بالقدرات الذاتية.

لقد أظهرت نادرة للعالم أن العمل لا يعرف العمر، وأن الشباب قادرون على تحقيق النجاح عندما يكون لديهم الإرادة والتفاني. ومع وجود نموذج ملهم مثل نادرة، يمكننا أن ننظر إلى المستقبل بتفاؤل وثقة في قدرتنا على تحقيق الأحلام.