الرئيسيةتقاريرمركز "الديوان" في قراوة بني زيد.. معلم حضاري لحماية الموروث الثقافي من...

مركز “الديوان” في قراوة بني زيد.. معلم حضاري لحماية الموروث الثقافي من الاندثار

رام الله-المحرر-شيراز عرار-مركز “الديوان” للثقافة والتراث  معلم حضاري من معالم قرية قراوة بني زيد العريقة التي تقع على بعد(26)  كم شمال مدينة رام الله.

يتميز المركز  كونه يعد أشهر معلم تراثي وأثري حضوراً و جمالاً في القرية، ويمتد تاريخه إلى نحو عن 200 عام. يعتبر هذا المركز رمزاً للعراقة والجمال في القرية، إذ كان سكنًا لأكبر معمر في البلدة، الحاج أبو غالب، الذي وافته المنية قبل عامين عن عمر يناهز الـ103 أعوام. يعود تاريخ هذا البيت إلى ما قبل ولادة الحاج أبو غالب، وولادة والده، دون أن يُعرف بالضبط تاريخ بنائه.

قام أهالي القرية بجهود مشتركة بترميم هذا البيت القديم ليتحول إلى مركز ثقافي يجمع بين العراقة والحضارة، في زمن تعاني فيه قرى فلسطين ومدنها من الاحتلال والحصار. يهدف المركز إلى إحياء التراث العربي الفلسطيني والفلكلور الشعبي، وحماية الموروث الثقافي من الاندثار.

تأسس مركز “الديوان” عام 2004 من قبل مجموعة من المثقفين والأكاديميين في البلدة، بمشاركة بارزة من الأستاذ عقبة فالح طه، والدكتور محيي الدين عبد عرار. بعد وصولهما إلى فرنسا عام 2006، التقيا عدداً من مسؤولي المؤسسات الفلسطينية في أوروبا وزارا البعثة الفلسطينية في (اليونسكو) في باريس، حيث قدما شرحاً مفصلاً لأهداف مركزهما. كما زارا مؤسسات فرنسية داعمة للشعب الفلسطيني، بهدف إبراز حلمهما وتحقيقه. وبفضل جهودهما، أصبح مركز “الديوان” واحداً من أشهر عشرة مراكز ثقافية في محافظة رام الله والبيرة، ما يؤكد على دورهما البارز في تعزيز الحياة الثقافية والتراثية في المنطقة.

في مقابلة مع المدير التنفيذي للمركز عقبة طه، أشار إلى أنه تبنى فكرة ترميم مركز “الديوان” بعد دعوة من صديق لافتتاح مركز ثقافي في مبنى قديم تم ترميمه في بلدة بيت ريما المجاورة. عبّر عن إعجابه بالفكرة ورغبته في المساهمة في تنفيذ ترميم مبنى تراثي في بلدته، بهدف المساهمة في تنظيم الأنشطة التراثية والثقافية.

وفيما يتعلق بقضية قيام بعض الفلسطينيين إلى هدم بيوتهم القديمة لبناء منازل على الطراز الحديث، يقول طه إن هذه الظاهرة تخدم سياسات الاحتلال الإسرائيلي الهادفة نهب الأحجار الفلسطينية التراثية واستخدامها في بناء منازل للمستوطنين، مما يؤدي إلى محاولة تزوير التاريخ وسلب الهوية الفلسطينية.

ويوضح أن هذه المنازل الجديدة تبنى ببنية داخلية معاصرة وحديثة، ولكن يتم الاحتفاظ بالهيكل الخارجي القديم المصنوع من الحجر التراثي الفلسطيني، ما يؤكد على استغلال الاحتلال للموارد التراثية لصالحه وتشويه الهوية الفلسطينية.

واجه مركز “الديوان” تحديات عديدة، حيث كانت فكرة إنشاء مركز ثقافي جديدة على قرية قراوة بني زيد، حيث كانت المؤسسات السابقة في البلدة تقدم خدمات خيرية نفعية فقط، ما جعل من الصعب قبول وتبني الفكرة الجديدة بسهولة، بالإضافة إلى ذلك، واجه المركز تحديات مالية، ولكن تم التغلب عليها من خلال الحصول على تمويل من مؤسسات لتمويل الأنشطة الثقافية، مثل تمويل زي لفرقة الدبكة الشعبية، ومؤسسات أخرى لإحياء ذكرى التراث الفلسطيني، بالإضافة إلى تبرعات الأعضاء وأهالي البلدة ومغتربيها. هذه الجهود المشتركة ساهمت في تحقيق أهداف المركز وتجاوز التحديات التي واجهها في بداية تأسيسه.

 

 

 

 

يشير طه إلى أنه بفضل الجهود المبذولة من قبل المتطوعين تمكن المركز من تقديم عدة خدمات للجمهور مثل تنظيم دورات تعليمية للطلاب والجمهور، بالإضافة إلى تنظيم فعاليات دائمة ومتنوعة على مدار العام، ما يسهم في إثراء حياة المجتمع المحلي وتعزيز الوعي الثقافي والتربوي. علماً أن المركز يضم عدة قاعات مجهزة تمكنه من استضافة مجموعة متنوعة من الفعاليات.

وينوه طه إلى أن من أبرز الأنشطة التي يقدمها مجموعة متنوعة من الدورات، مثل دورات الخط العربي، والكاراتيه، والموسيقى، والتايكواندو، بالإضافة إلى دورات تعليمية متنوعة وغيرها. كما تنوعت الأنشطة المقدمة للأطفال بين المخيمات الصيفية والرحلات الترفيهية والأمسيات المسرحية، بما في ذلك مسرحية الطنطورة. ولم يقتصر دور المركز على الأنشطة الترفيهية فحسب، بل استضاف أيضًا أنشطة نسوية متنوعة، بما في ذلك استضافة الملتقى المدني وجمعيات نسوية ومؤسسة مفتاح مرصد العالم العربي للديموقراطية وحقوق الإنسان، وذلك للحديث عن حقوق المرأة وشؤونها في فلسطين خاصة والعالم العربي بشكل عام، ما يعكس تعددية وشمولية الأنشطة التي يقدمها المركز للمجتمع المحلي.

نظم مركز الديوان بالتعاون مع وزارة الثقافة، أسبوع التراث الفلسطيني الذي يمتد من اليوم السابع إلى اليوم الرابع عشر من شهر تشيرن الأول من كل عام. وقد أحيا أيضًا يوم الأسير الفلسطيني في السابع عشر من شهر نيسان لعدة سنوات، من خلال استضافة زجالين من جميع أنحاء فلسطين، بما في ذلك الأراضي المحتلة عام 1948. وعلاوة على ذلك، استضافت قاعة المركز المسماة بقاعة الشاعر محمود درويش العديد من الأنشطة الاجتماعية لمختلف المناسبات العامة لأهالي القرية، ما يبرز دور المركز كمعلم ثقافي واجتماعي متعدد الأبعاد في المجتمع المحلي.

وأضاف طه أن هدف المركز الرئيس هو نشر الوعي الثقافي لأبناء المجتمع الفلسطيني، وإحياء تراث شعبنا الذي يسعى الاحتلال لسلبه بكافة الوسائل ونسبه لمشروعه الاستيطاني الإحلالي. كما يسعى المركز إلى التوعية الشبابية وملء وقت فراغ الجيل الناشئ بالأنشطة الإيجابية، بالإضافة إلى تنظيم المسابقات الثقافية.

وأشار إلى أهمية جذب انتباه الشباب إلى مواضيع تثقيفية وثقافية تعزز من وعيهم، وهي مواضيع قد لا تكون من أولويات حياتهم، لكنها تسهم في تنوير عقولهم وتطوير مهاراتهم الثقافية والاجتماعية.

ينوه الأستاذ محمد عرار، أحد المحاضرين في مركز الديوان، إلى أن المركز برز من خلال تنظيم الفعاليات الثقافية، بما في ذلك الأمسيات الشعرية والزجلية، بالإضافة إلى الدورات التعليمية والرياضية. وأضاف أنه يمكنهم أيضًا التحدث عن ملتقى ثقافي متنوع يتيح لهم فرصة التعرف على ثقافات الآخرين من دول العالم، ما يساهم في تعزيز التبادل الثقافي والتفاعل الثقافي بين الشعوب.