الرئيسيةتقاريرمسجد النصر .. إرث تاريخي يحتل مكانة خاصة في قلوب النابلسيين

مسجد النصر .. إرث تاريخي يحتل مكانة خاصة في قلوب النابلسيين

نابلس –المحرر-هبة مدينة- في وسط مدينة نابلس يقع  مسجد النصر أحد أهم الأماكن الدينية والتاريخية والاجتماعية في المدينة،  والذي يكتس مختلفة ميزة اجتماعية مختلفة، ففيه تعقد حلقات الذكر، وفي ساحته الشهيرة تقام الفعاليات والمناسبات الدينية والوطنية.

يقول الشاب مهند البحش أبناء البلدة القديمة إن لجامع النصر مكانة خاصة بالنسبة لأبناء البلدة، حيث كانت تجمعهم ذكريات ساحته بأصدقائهم الذين باتوا شهداء في الأحداث الأخيرة التي شهدتها المدينة.

وأضاف البحش أن لمسجد النصر دور كبير في إقامة صلاة الفجر العظيم في المدينة والتي كانت لدورها سبباً لهداية عدد كبير من الشبان.

مسجد النصر يعد من أوائل المساجد التي التحقت بحملة الفجر العظيم عام2019 التي انطلقت من الحرم الابراهيمي في الخليل، لتؤكد على قدسية المسجد في نفوس الناس، ووقفت في مواجهة التهويد والتقسيم الزماني والمكاني له. فقد كان لمسجد النصر دور كبير في هذه الحملة إذ لاقت صدى واسعاً في عموم مساجد الضفة الغربية، فقد شهدت هذه الحملة فعاليات عدة تخللها تقديم للحلويات والطعام والمرطبات كضيافة لرواد المسجد على أرواح الشهداء.

 وفي شباط 2020عقدت محاضرة دينية في مسجد النصر للشيخ محمد راتب النابلسي عبر البث المباشر خلال صلاة الفجر العظيم، وسط حضور جماهيري لافت وكبير بين المصلين.

يُعَد المسجد الذي تعود أصوله الى فترة الحضارة الرومانية من أقدم وأهم معالم مدينة نابلس، حيث تم بناؤه وتحويله إلى مسجد بعد ما كان كنيسة على يد الصحابي الجليل عمرو بن العاص سنة 15 هجري، وعند دخول الفرنجة إلى بلاد الشام تم تحويله إلى كنيسه عام ١٠٩٩ ميلادي، وعندما حرر صلاح الدين الايوبي بيت المقدس عام ١١٨٥ ميلادي عاد المسجد إلى وضعه الأساسي وتم تسميته بمسجد النصر، تيمناً بنصر المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في العام ١١٨٧.

دُمِرَ مبنى المسجد  بفعل زلزال  عام ١٩٢٧ ميلادي، وقد أعيد بناء المسجد مرة أخرى عام ١٩٣٥م بجهود أهالي المدينة، وأصبح المبنى يضم طابقين، الأرضي ويحتوي على محال تجارية تمتلكها الأوقاف، ومضافة إليها أضرحة شهداء المسلمين من الحروب الصليبية، والطابق العلوي مصلى للرجال والنساء.

للنصر مكانة متجذرة في نفوس أبناء المدينة،  فعلى الرغم من وجود الكثير من الأماكن والمساجد التاريخية في نابلس إلّا أن لمسجد النصر وساحته طابع خاص.

لا يقتصر دور المسجد  فقط على الصلاة والمحاضرات الدينية، بل يتم إحياء فيه المناسبات كذكرى المولد النبوي الشريف، وذكرى الإسراء والمعراج ، كما تقام الفعاليات الوطنية كتأبين الشهداء وتخليد ذكراهم، وفيه يتم استقبال الأسرى الذين يحررون من سجون الاحتلال.

يقول إبراهيم العبودة أحد اصحاب البسطات في ساحة مسجد النصر إن ما يميز المسجد ساحته ومنظره الجميل الذي يعطيه طابعاً ورونقاً جميلاً، منوهاً إلى أن بناءه المعماري المميز جعله كمنتزه ومزاراً للناس الذين يأتون لزيارة المدينة من خارجها  وحتى من داخلها، وبالتالي ذلك الجانب يدعم الاقتصاد في المنطقة ويقوي العلاقات الاجتماعية فيها، حيث يجتمع الناس صغاراً وكباراً في ساحته، ويتبادلون الأحاديث ويتشاركون مناسباتهم الاجتماعية المختلفة.

بدورها ترى المواطنة سميرة غانم أن مسجد النصر يساهم في تعزيز أواصر التعاون وتوطيد العلاقات الاجتماعية بين النساء المرتادات للمسجد، حيث يقمن بتنظيم إفطارات جماعية لهن داخل مصلى النساء، بالإضافة إلى مشاركتهن في حلقات الذكر ودورات تحفيظ القرآن الكريم، ما يشكل متنفساً لنساء المدينة  للالتقاء في مكان مريح، وممارسة الأنشطة الدينية والاجتماعية بحرية تامة وتوسيع دائرة التعارف فيما بينهن.

يبقى مسجد النصر ذات مكانة خاصة لدى أهل مدينة نابلس بشكل خاص، وأهل فلسطين بشكل عام، لذلك له حضور شعبي واسع وإرث ديني وحضاري كبير يسعى من خلاله المسؤولين وأفراد الشعب للمحافظة على هذه المكانة، وهذا الإرث التاريخي الديني الكبير، له من أهمية في نفوس كل من ارتاده، إذ يحتل المسجد جزءاً من ذاكرته.