الرئيسيةتقاريرالتجارة في الضفة تئن تحت وطأة العدوان والإجراءات الاحتلالية

التجارة في الضفة تئن تحت وطأة العدوان والإجراءات الاحتلالية

انكماش غير مسبوق في الاقتصاد وحركة الواردات والصادرات تتعرض لضربات موجعة

رام الله-المحرر- ميرا أحمد فياض- في ظل تصاعد العدوان الإسرائيلي على الضفة الغربية توازيا مع حرب البادة الي يشنها على قطاع غزة، يعاني القطاع التجاري من تأثيرات سلبية كبيرة. فالقيود التي يفرضها الاحتلال من إغلاقات مستمرة على المعابر والحواجز العسكرية تؤدي إلى شلل شبه تام في حركة التجارة، ما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي. وتتجلى هذه التأثيرات في تأخر وصول البضائع إلى الأسواق، وارتفاع تكاليف النقل، ما ينعكس بشكل مباشر على أسعار السلع وتقلص القوة الشرائية للمواطنين.

يشكو أصحاب المحال التجارية من انخفاض كبير في المبيعات والإيرادات، حيث بات الزبائن أكثر حذرًا في الشراء نتيجة حالة عدم الاستقرار الأمني والاقتصادي. كما يتأثر التجار بارتفاع تكلفة استيراد المواد الخام، ما يجعل استمرار أعمالهم تحديًا كبيرًا. كما تمثل اجتياحات الاحتلال للتدمير البنية التحتية وعرقلة حركة النقل تخلق صعوبات إضافية أمام التجارة الداخلية.

يقول نعيم الخطيب، صاحب محل لبيع الملابس في رام الله: “الزبائن أصبحوا أقل بكثير مما كانوا عليه، والناس مترددة في الشراء بسبب عدم الاستقرار. البضائع تصل متأخرة، والأسعار ارتفعت، مما يزيد من تعقيد الوضع.”

وتصف منى فياض (47)عامًا، صاحبة صالون التجميل في رام الله، حالها قائلة: “الوضع سيئ للغاية. النساء لم يعدن يزرن الصالون كما في السابق، ونعاني الآن من تغطية تكاليف التشغيل اليومية “.

يقول تاجر المشروبات الغازية، هيثم خضير من طولكرم، إن الحرب أثرت على نشاطه التجاري. يوضح أنه يواجه معيقات يومية في استيراد البضائع وتوزيعها، حيث تعيق الإغلاقات المستمرة للمعابر استيراد المواد الأساسية. كما يعاني العاملون في متجره من صعوبة الوصول إلى أماكن العمل نتيجة الحواجز العسكرية المنتشرة بين المدن.

ومع ذلك، يشير إلى أن الطلب على السلع الغذائية شهد ارتفاعًا رغم الأوضاع الاقتصادية المتدهورة، إذ يعتمد المواطنون بشكل أكبر على تخزين المواد الغذائية وسط تصاعد الأزمة السياسية والحرب على غزة. تشير بيانات وزارة الاقتصاد الوطني إلى أن الصادرات الفلسطينية  انخفضت بنسبة 13.8% في النصف الأول من العام الجاري مقارنة بنفس الفترة من عام 2023، بينما تراجعت الواردات بنسبة أكبر بلغت 28%.

وكانت دراسة لمعهد الأبحاث التطبيقية (اريج) أظهرت أن الفلسطينيين يخسرون حوالي 60 مليون ساعة عمل سنويا بسبب الحواجز والتي تقدر تكلفتها بحوالي 270 مليون دولار سنوي، بالإضافة الى استهلاك وقود إضافي بحوالي 80 مليون لتر في السنة تقدر تكاليفها 135 مليون دولار امريكي.

يقول رشاد يوسف مدير قسم الدراسات والإحصاءات في وزارة الاقتصاد: “إن الاقتصاد الفلسطيني شهد انكماشًا كبيرًا في عام 2024″، مشيراً إلى أن هذا الانكماش يعكس التراجع الحاد الذي تعاني منه كافة القطاعات الاقتصادية وبخاصة التجارة الداخلية.

ويكمل يوسف أن الحرب تركت بصمتها في الضفة الغربية، مشيراً إلى   أن الحواجز العسكرية بلغت حوالي 770 حاجزًا أدت إلى تقطيع أوصال المحافظات، ما حدّ من حركة السلع بين المدن الفلسطينية. وبين أن مسحاً أجرته الوزارة في الأشهر الثلاثة الأولى من الحرب أظهر بأن 85% من المنشآت التجارية شهدت انخفاضًا حادًا في إيراداتها، وصل إلى 55%. كما أغلقت 30% من المنشآت في شمال فلسطين و20% في الجنوب جزئيًا أو كليًا.

وعن التجارة الخارجية، أكد يوسف أن القيود التي يفرضها الاحتلال أدت إلى تراجع واضح في حركة التجارة الخارجية، انعكست على صعيد الورادات والصادرات على حد سواء.

وكان وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور توقع خلال لقاء مع الصحفين  أن ينكمش الاقتصاد الوطني مع نهاية العام الجاري بنسبة 10% مع ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت في الربع الأول من العام الجاري إلى نسبة 51%، مشيراً إلى أنه يصعب حصر الخسائر الجسيمة التي تكبدها الاقتصاد الوطني في الفترة الحالية بسبب الحرب العدوانية المستمرة على شعبنا.

وحذر  العامور خلال لقاء مع الصحفيين من أن استمرار الحرب العدوانية على شعبنا في قطاع غزة والضفة الغربية سيتسبب بانهيار لاقتصاد الفلسطيني.

وتستمر الحرب العدوانية على شعبنا لتمثل تحدياً حقيقياً للقطاع التجاري أسوة بالقطاعات الاقتصادية الأخرى التي تنزف بفعل عدوان الاحتلال وإجراءاته، ما يتطلب تدخلاً فورياً لتحسين آليات الإمداد، وتخفيف القيود المفروضة على التنقل، وتعزيز قدرة التجار على تلبية احتياجات السوق.