نزوح نحو الدولار والذهب ..انخفاض قيمة صرف الشيقل تسبب بارتفاع السلع المستوردة
نابلس-المحرر- هبة محمد منصور- تعاني الاقتصاديات في ظل الحروب من حالة شك تتسبب بتقلبات مستمرة في أسعار صرف العملات، وبخاصة العملة المتداولة في بلد يعيش حالة عدم الاسقرار السياسي والاقتصادي، وهو الأمر الذي انطبق تماماً على عملة الشيقل التي عانت من تذبذب في أسعار الصرف منذ بدء العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة، واستمرار الحرب لأكثر من عام، ما دفع باتجاه انخفاض لهذه العملة أمام العملات الأخرى وبخاصة الدولار.
هذا الواقع دفع مواطنين في الضفة إلى التوجه نحو الملاذات الآمنة وبخاصة الاقبال على شراء الدولار والذهب في ظل حالة عدم اليقين مع استمرار الحرب العدوانية على شعبنا.
يقول الصحفي المختص في الشأن الاقتصادي أيهم أبوغوش إن الادخار او الاستثمار في ظل الحروب والأزمات عادة ما يكون نحو الملاذات الآمنة، مشيراً إلى أن الدولار والذهب هما في طليعة تلك الملاذات، ولذلك لمسنا في الآونة الأخيرة ميولاً لدى العديد من المواطنين للتخلص من الشيقل لصالح شراء الدولار والذهب.
ويضيف” أدت الحرب القائمة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على غزة، والضفة، ولبنان، والضغط الذي يواجهه الاقتصاد الإسرائيلي منذ اندلاع تلك الحرب إلى انخفاض قيمة صرف الشيقل أمام العملات الاخرى وبخاصة الدولار”، مشيراً إلى أنه يوجد أسباب عالمية تتعلق بقوة الدولار امام العملات الاخرى خاصة فيما يتعلق برفع الفائدة من قبل الاحتياطي الفدرالي أو خفضها، لكن لا يمكن إغفال العوامل الحالية الضاغطة على الشيقل ما يجعل قيمة صرفه غالبا أقل من الظروف الطبيعية.
ولفت أبوغوش إلى وجود عامل إضافي دفع مواطنين إلى التخلص من عملة الشيقل إضافة إلى البحث عن ملاذات آمنة، يتمثل بوجود تدفقات نقدية نحو الضفة في ظل قوانين اسرائيلية تمنع تدفقات الشيقل في اسرائيل، الأمر الذي أدى إلى اندفاع كبير نحو بيع الشيقل مقابل شراء الدولار والذهب، ما تسبب في ارباك في الأسواق ودفع صرافين إلى استغلال تلك الحالة من أجل البيع بأسعار صرف للشيقل أقل من القيمة الحقيقية المعتمدة، ما دفع سلطة النقد إلى التدخل وإصدار تعليمات صارمة لضبط السوق.
وكان وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور كشف خلال لقاء مع الإعلاميين أن فائض عملة الشيقل لدى البنوك العاملة في فلسطين وصل إلى نحو 9 مليارات شيقل، وهو رقم قياسي غير مسبوق.
وقال العامور “حول الإجراءات الحكومية للتعامل مع هذا الموضوع الذي يشكل عبئا على القطاع المصرفي بوجه خاص، والاقتصاد الوطني بوجه العموم إن مصدر الأموال الفائضة بعملة الشيقل الاحتلال الإسرائيلي نفسه، وأحيانا تتدفق إلى السوق الفلسطينية بوسائل غير شرعية عبر السوق السوداء.
ولفت إلى أنه عند شيوع خبر حول وجود خطط اسرائيلية لسحب عملة الـ200 شيقل من الأسواق، تدفقت عملة الشيقل إلى أسواق الضفة وتم شراء بها ذهب، إلى درجة أنه تم سحب كميات كبيرة من الذهب من أسواق الضفة.
يؤكد عنان حواري صاحب محل للذهب في رام الله أنه رغم ان هناك وضعا اقتصاديا صعبا في الضفة غير أن الأسواق شهدت مؤخرا موجة اقبال على شراء الذهب خاصة من قبل فلسطينيي 48، وذلك بعد ورود أنباء تفيد بإمكانية سحب ورقة الـ200 شيقل من الأسواق.
ويشير حواري إلى أن التخوفات الأمنية والاقتصادية الحالية تزرع الخوف حول المستقبل لدى العديد من المواطنين، ولذلك فهم يفضلون الادخار في الملاذات الآمنة وفي مقدمتها الذهب.
وكان الذهب تجاوز يوم الجمعة الماضي مستوى 2700 دولار للأوقية (الأونصة) للمرة الأولى على الإطلاق ليواصل مكاسبه بدعم من التوقعات بزيادة تيسير السياسة النقدية والإقبال على الملاذ الآمن بسبب عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأمريكية والحرب الاسرائيلية على قطاع غزة ولبنان.
وصعد الذهب في المعاملات الفورية واحدا بالمئة إلى 2720.05 دولار للأوقية (الأونصة). وزاد الذهب حتى الآن هذا الأسبوع 2.4 بالمئة.كما وصلت العقود الأمريكية الآجلة للذهب إلى 2730 دولارا عند التسوية.
في غضون ذلك، يشكل انخفاض سعر صرف الشيقل أمام الدولار تحديا إضافيا للتجار والمستهلكين على حد سواء، فالعملة المتداولة في السوق ومعظم المداخيل بعملة الشيقل أما الاستيراد فهو بالدولار.
يوضح مدير غرفة تجارة وصناعة محافظة رام الله والبيرة صلاح حسين أن تدهور الوضع الاقتصادي الإسرائيلي المضطرب بسبب الحرب أدى إلى انخفاض قيمة صرف الشيقل، مشيراً إلى أن ذلك غالبا ما يؤدي إلى ارتفاع بعض السلع خاصة المستوردة نتيجة شرائها بالدولار، بالإضافة إلى ارتفاع كلفة الشحن العالمي والتي تدفع أيضاً بالدولار.
يقول الموظف الحكومي معمر الحلبي، إنه يعاني من ارتفاع واضح في أسعار بعض السلع ما انعكس سلبا على وضعه المعيشي خاصة أنه يتقاضى راتبا بالشيقل. ويقول “انخفاض قيمة الشيقل يؤدي الى عدم التوازن المالي وهو يؤثر على القوة الشرائية للمواطنين خاصة أن مداخيل معظم الفئات بالشيقل، وكثير من السلع تستورد بالدولار.
ويضيف” كما تواجه الموظفين المقترضين مشكلة إضافية كونهم يسددون أقساط قروضهم بالدولار، وطالما أن الشيقل منخفض أمام الدولار فهذا يتسبب بتآكل إضافي للأجور التي لا تصرف أصلاً كاملة بسبب الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الوطنية.
وفي ظل عدم اعتماد عملة محلية في فلسطين، سيظل الاقتصاد الفلسطيني بشكل عام، والمواطن على وجه الخصوص يعاني من التقلبات من أسعار صرف العملات، فكلما ارتفعت عملة، مقابل اخرى كانت هناك فئات متضررة، كما أن استمرار الحرب العدوانية على شعبنا واستمرار المخاوف بشأن المستقبل، تشكل وصفة نحو استمرار الأقبال على الملاذات الآمنة وفي مقدمتها الذهب والدولار.
*هذه المادة تدريبية تنشر ضمن متطلبات مساق “الكتابة الإعلامية” لكلية الإعلام في جامعة “القدس المفتوحة”