رام الله-المحرر-سلام منصور- لا تخفي المواطنة أحلام كسبة (43)عاماً وهي ربة اسرة مكونة من ستة أفراد أنها بدأت تميل إلى التقنين في عمليات الشراء لتحصرها على الأساسيات في ظل موجة غلاء تشهدها الأراضي الفلسطينية من بدء الحرب العدوانية على شعبنا في الضفة وغزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
تقول كسبة أن أسعار أغلب السلع قد ارتفع بشكل كبير منذ أحداث السابع من أكتوبر، مشيرة إلى أن ذلك تزامن مع تراجع مستويات الدخل، منوهة إلى أن هناك سلعاً أساسية تأثرت بالغلاء بشكل كبير، مثل: الخضار والفواكه والدواجن واللحوم .
وتضيف “أصبحت مشترياتنا تنحصر على السلع الضرورية مع إطالة مدة الشراء، فمثلاْ كنا نشتري الدجاج كل يومين أو ثلاثة أيام، لكن أصبحنا الآن نشتري مرة واحدة في الأسبوع بسبب إرتفاع سعره بشكل كبير”.
وشهدت الأسواق الفلسطينية ارتفاعاً حاداً في أسعار السلع الأساسية منذ السابع من اكتوبر، ما أضر بحياة المواطنينن كما أربك التعاملات التجارية.
تشير البيانات الصادرة من الجهاز المركزي للإحصاء إلى أن مؤشر غلاء المعيشة في قطاع غزة ارتفع بنسبة 283%، وفي الضفة بنسبة 3% منذ 7 أكتوبر 2023 وحتى نهاية شهر أيلول الماضي.
وعند مقارنة الأسعار خلال شهر أيلول 2024 مع الشهر المناظر له عام 2023، تشير البيانات إلى ارتفاع الرقم القياسي لأسعار المستهلك في فلسطين بنسبة 60.06%، بواقع 282.60% في قطاع غزة، وبنسبة 3.97% في القدس، وبنسبة 2.98% في الضفة الغربية.
يقول إبراهيم مطير صاحب سوبر ماركت ” في السابق كنا نشتري شوال الأرز بـ 140 شيقلا ما يعني أن كلفة عشرة شوالات كانت تبلغ 1400 شيقل، أما اليوم أصبحنا ندفع 1800 شيقل للكمية نفسها، وهذا أضر بأرباحنا لأننا لا نستطيع تحميل المستهلك كامل الارتفاع في الأسعار بسبب هذه الظروف الصعبة”.
ويلفت مطير إلى أن ارتفاع الأسعار أربك الأسواق، منوهاً إلى أنه في السابق كان يتعامل مع تجار الجملة بالدين أو عن طريق الشيكات، لكن مؤخراً بسبب الأوضاع الحالية أصبح يضطر للدفع نقداً، مؤكداً أن أرباحه تراجعت بشكل كبير وبالكاد يوفر أجور العمال.
يقول يوسف طليب صاحب محل للأدوات المنزلية ” إن ارتفاع أسعار السلع أضرت بنسبة المبيعات، إذ تراجعت مبيعاته بنسبة 60% مقارنة مع السابق، منوهاً إلى أنه يلجأ إلى تخفيض هامش الربح ليقلل من نسبة تراجع المبيعات.
ويضيف”إذا كانت نسبة الأرباح شهرياً كانت تشكل حوالي 20% من قيمة المبيعات أصبحت اليوم صفراً”، بل أحيانًا تلحق به خسائر نتيجة ارتفاع التكاليف التشغيلية للمحل”.
يؤكد الخبير الاقتصادي د.ثابت أبو الروس أن السبب الرئيسي للغلاء هو ارتفاع كلفة استراد البضائع من الخارج بعد أحداث السابع من أكتوبر.
ويقول”لأن البضائع تدخل من خلال المعابر الإسرائيلية فهذا أدى إلى إرتفاع تكاليف النقل وحجزها في الموانئ والمعابر، وهذا أثر سلباً على القدرة الشرائية للمستهلك”، لافتاً إلى أن المستهلك لم يعد قادراً على شراء ما كان يشتريه بنفس القيمة المالية التي كان يدفعها في السابق.
ولم يستبعد أبو الروس عامل جشع بعض التجار كأحد أسباب الغلاء، منوهاً إلى أن بعض التجار احتفظوا بالبضائع وقاموا برفع أسعارها على المستهلك دون وجه حق.
ويشير أبو الروس إلى عامل ثالث ومهم، ويتمثل بتراجع القدرات الشرائية للمواطنين بسبب تراجع دخولهم نتجة تباطؤ الدورة الاقتصادية نتيجة تداعيات الحرب، وهو ما حد من عمليات البيع والشراء وأضر بالحركة التجارية عموماً.
كما ينوه أبو الروس إلى سبب رابع يتعلق بتوقف نقل البضائع من قطاع غزة إلى الضفة الغربية بسبب حرب الإبادة، وتدمير المزوعات والصناعات التي كانت تتدفق إلى أسواق الضفة، بالإضافة إلى الأوضاع الميدانية المتدهورة وخاصة في مناطق شمال الضفة الغربية والتي تعد سلة فلسطين الغذائية، إذ أدت الاجتياحات والاقتحامات المتكررة التي ينفذها الاحتلال إلى الاضرار بالعملية الإنتاجية وسلاسل التوريد.
وحول توقعاته المستقبلية يقول”بتقديري ما زال هناك ضبابية في المشهد الاقتصادي، بسبب استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فطالما أن العدوان مستمر، سيؤدي إلى مزيد من التراجع في الدورة الاقتصادية، ما يتسبب بحالة كساد في السوق”.
الغلاء في ظل الحرب يمزق جيب المواطن المخزوق أصلا بسبب تراجع مستويات الدخول، ويضع التاجر الفلسطيني في ثلاجة انتظار تحسن الظروف، خاصة أن حرب الإبادة على شعبنا في غزة والضفة ماضية بلا رحمة في النيل من صبر الفلسطيني وثباته.