*الحواجز الاحتلالية تفرض على المواطنين حياة معقدة وتدفعهم نحو طرق وعرة تزيد من أعبائهم
رام الله-المحرر-باسم حسيبا– شهدت مدن وقرى الضفة الغربية ازدياداً كبيراً في أعداد الحواجز الاحتلالية منذ أحداث السابع من تشرين الأول 2023. وفي إطار تشديد القيود على حركة المواطنين سعى الاحتلال إلى تكثيف إقامة بوابات العزل الثابتة بين القرى والمدن، ما عمّق عزلة التجمعات الفلسطينية عن بعضها وعقّد حركة أفرادها بين المناطق المختلفة. وفي ظل هذا الوضع، لجأ المواطنون إلى الطرق الالتفافية لتجنّب الازدحام والانتظار على الحواجز، ما أضاف خطراً وعبئاً إضافياً على حياتهم اليومية.
مع تصاعد وتيرة أحداث الحرب، تغلق قوات الاحتلال مداخل المدن ومخارجها بحواجز مفاجئة، تشمل دوريات عسكرية، وسواتر ترابية، وبوابات حديدية مؤقتة ودائمة. تُفرض هذه القيود لأسباب متعددة، أبرزها عزل الفلسطينيين عن المستوطنات وحماية تجمعاتهم.
“الدخول إلى نابلس أسهل من الخروج منها”، هكذا عبّر سليمان سليم (50) عاماً الذي يعمل سائقاً عمومياً على خط نابلس – رام الله.
ويضيف “في الوضع الطبيعي، قبل السابع من أكتوبر، كانت تستغرق الرحلة 40 دقيقة للوصول، أما الآن، فقد امتدت إلى ثلاث ساعات عبر الطريق الالتفافي، الذي تحول لاحقاً إلى حاجز رئيسي”.
يؤكد سليم أن حاجز حوّارة، الذي يُعتبر المدخل والمخرج الرئيسي لنابلس، مُغلق تماماً منذ بداية الحرب. فصار يسلك طرق مناطق عورتا، ودير شرف، والمربعة.
“تعتبر الحواجز التي أصبحت جزءاً من الروتين اليومي للمواطنين، مثل حاجز جبع ووادي النار، من أبرز المعوقات”، يقول بلال بدّاري( 60) عاماً وهو مسؤول لجنة خط رام الله – الخليل. يوضح أن حاجز جبع لا يغلق إغلاقاً تاماً، بل يكون مغلقاً من الساعة الخامسة صباحاً وحتى الثامنة والنصف، وذلك لتخفيف الازدحام على طريق المستوطنين، ما يؤدي إلى توقف آلاف السيارات على الحاجز في ساعات الصباح.
ويُبيّن بدّاري أن المتوسط الزمني لقطع مسافة ٧٦ كيلومتراً من الخليل إلى رام الله هي ساعتان ونصف، أي بمعدّل ٢٥ كيلومتراً في الساعة، وهو ضعف الوقت الذي كان يستغرقه قبل أحداث السابع من أكتوبر.
ومن أبرز الطرق الالتفافية التي يسلكها بدّاري في خطّ سيره، عيون الحرامية، والسواريخ (طريق أريحا إلى الخان الأحمر من بيت لحم) إضافة إلى طريق عطارة . زيادة على ذلك، يتعرض لاعتداءات ومضايقات من قبل الجنود على الحواجز، مشيراً إلى أن سهولة الطريق تعتمد على مزاج الجندي.
تعبّر الموظفة سماح علوي (33) عاماً عن معاناتها اليومية مع طول وصعوبة الطريق من قريتها دير أبو مشعل إلى عملها. تُغلق بوابة القرية وبوابة عطارة، ما يجبرها على سلوك طرق وعرة تستغرق ساعة ونصف للوصول، بما في ذلك وقت الانتظار على الحاجز.
تشير علوي إلى ارتفاع أسعار المواصلات نتيجة سلوك طرق بديلة، حيث زادت الأجرة من ثمانية شواقل إلى عشرة شواقل، ما يزيد من عبئها المالي. ومع استمرار هذا الروتين، تفكر في تغيير مكان عملها بسبب أزمات السير الخانقة التي تُفقدها التركيز وتؤخرها عن العمل والعودة إلى منزلها.
وكانت دراسة لمعهد الأبحاث التطبيقية (اريج) أظهرت أن الفلسطينيين يخسرون حوالي 60 مليون ساعة عمل سنويا بسبب الحواجز والتي تقدر تكلفتها بحوالي 270 مليون دولار سنوي، بالإضافة الى استهلاك وقود إضافي بحوالي 80 مليون لتر في السنة تقدر تكاليفها 135 مليون دولار امريكي.
يشير الدكتور حسن بريجية الناشط في العمل الشعبي، ومدير دائرة القانون الدولي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى أنه بعد أحداث السابع من أكتوبر عمل جيش الاحتلال على عزل التجمعات السكانية الفلسطينية في المدن والقرى عن طريق البوابات والحواجز والسواتر الترابية، بهدف الحد من حركة المواطن الفلسطيني وقطع قدم المزارع الفلسطيني من العبور لأرضه، فصار يتحكم بالدخول والخروج منها.
ورصد د. بريجية ٤٨ بوابة عسكرية، و ٣٦ حاجزاً ترابياً ومكعباً اسمنتياً في بيت لحم وحدها. إضافة للعديد من الأبراج العسكرية التي مهمتها رصد ومراقبة حركة المواطنين ودراسة حياتهم اليومية.
وبهذا يتبّع جيش الاحتلال أسلوب النقل القسري في القرى ويدفعهم إلى التجمعات الكبيرة في المدن.
تفيد آخر إحصائية لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان بأن إسرائيل نصبت 872 حاجزاً وبوابة عسكرية في الضفة الغربية، بالإضافة إلى 145 بوابة تم وضعها بعد السابع من تشرين الأول 2023. تأتي هذه الإجراءات جميعها في إطار التنغيص على حياة الفلسطيني، وتمزيق وعزل المناطق الفلسطينية.