رام الله-المحرر- دنيا عيسى حسين-تبذل مؤسسة فلسطين للتنمية، ذراع الاستثمار المجتمعي والمسؤولية المجتمعية لصندوق الاستثمار الفلسطيني، جهوداً حثيثة لتعزيز الطاقة المستدامة في القدس المحتلة.
فقد أطلقت المؤسسة بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي برنامج “القدس للطاقة الخضراء والاستدامة”، بهدف تمويل المشاريع المتوسطة والصغيرة العاملة في مختلف القطاعات والتي تركز على استخدام معدات وآلات صديقة للبيئة والتوسع في إنتاج طاقة متجددة.
وقدم هذا البرنامج (15) منحة تمويلية لمشاريع مقدسية، وتنوعت المشاريع الحاصلة على تمويل مثل: تركيب ألواح شمسية لتقليل استهلاك الكهرباء واستغلال المبالغ في توظيف الشباب المقدسي، بالإضافة إلى شراء معدات صديقة للبيئة.
ويهدف البرنامج إلى تطوير مشاريع الطاقة المتجددة في مدينة القدس والمناطق المجاورة لها، من أجل تمكين المواطنين من الوصول إلى كهرباء مستدامة، وحماية حقوق المقدسيين وتعزيز صمودهم في وجه الإجراءات التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي.
يقول أحمد زيدان، مدير البرنامج: تعاني المنشآت والمؤسسات العاملة في مدينة القدس المحتلة من ظروف اقتصادية صعبة خاصة في ظل التعقيدات التي تفرضها إجراءات الاحتلال”، مشيراً إلى أن هذا البرنامج يقدم حلولاً وطرقاً تساعد هذه المؤسسات في الترشيد في استهلاك الطاقة، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على وضعها المادي، بالإضافة لتحقيق أثر بيئي إيجابي.
ويضيف”هو مشروع بيئي استراتيجي يقلل من الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية التي يسيطر عليها الاحتلال، بالإضافة لتوفير فرص عمل جديدة ودعم الاقتصاد المحلي في القدس والمناطق المحيطة بها”.
ويوضح زيدان أن مشاريع الصديقة للبيئة والمستدامة لم تكن من الأولويات في البداية، نظرًا لأن القدس المحتلة تواجه تحديات أكبر مثل ارتفاع تكلفة العمل. ومع ذلك، استطاعت المؤسسة إثبات جدوى هذه المشاريع عبر دراسة كيفية توفير التكاليف لأصحابها عند تبني مبادئ الاستدامة والطاقة الخضراء، مشيراً إلى أن أسعار الكهرباء مرتفعة تُشترى من الشركات الإسرائيلية قبل توزيعها عبر شركات فلسطينية.
وتابع”في حال تركيب ألواح شمسية، يمكن للمستثمرين توفير مبالغ كبيرة من فواتير الكهرباء، وبالتالي استثمار هذه المدخرات في توسعة مشاريعهم أو خلق فرص جديدة”.
كما ظهرت أفكار مبتكرة، مثل تعليم القيادة باستخدام جهاز محاكاة، حيث اشترت مدرسة سياقة في القدس جهاز محاكاة يعادل سعر سيارة، ووجدت المدرسة هذه الفكرة مجدية. فبدلاً من صرف الوقود، الذي يبلغ سعره بين 7 و8 شواقل، اعتمدت مبادئ الاستدامة والطاقة الخضراء؛ فالجهاز يقلل من الانبعاثات الضارة ويُعفي من مشكلات الازدحام المروري.
ويبين زيدان أن العامل الأساسي الذي ساهم في نجاح هذا البرنامج هو دراسة جدوى المشروع من الناحية البيئية والاقتصادية، ما يعزز الفائدة للمجتمع والفرد على حد سواء.
وحول دور صندوق الاستثمار في تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة وآثاره الاقتصادية طويلة الأمد، ينوه زيدان إلى أن الصندوق يتبنى استراتيجية واسعة لتحقيق هذا الهدف، مشيراً إلى شركة “مصادر”، إحدى شركات الصندوق، التي تركز على مشاريع الطاقة المتجددة.
ويلفت إلى أنه نظرًا لمحدودية الأراضي في فلسطين، عملت “مصادر” بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم على استغلال أسطح(320) مدرسة لتركيب ألواح شمسية صغيرة، ما يغطي احتياجات المدرسة من الطاقة ويسهم في إنتاج فائض. وقد حققت هذه المبادرة قدرة إنتاجية تفوق(20) ميجاواط، ما يسهم في توفير طاقة بملايين الشواقل.
إلى جانب هذه المشاريع، يشمل عمل الصندوق مشروعات أخرى مثل “نور رمون”، و”نور جنين”، ومشروع أريحا، والتي تساهم في إنتاج 4 إلى 5 ميجاواط، ما يقلل الاعتماد على الطاقة المستوردة. كما يعمل الصندوق على تطوير مشاريع لإدارة النفايات وإعادة تدويرها بهدف إنتاج طاقة وغاز وكهرباء، ما يعزز التأثير الإيجابي من خلال تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة وخفض تكاليف الطاقة على الحكومة.
وفيما يتعلق بالآلية المتبعة لتقديم المنح والدعم المالي لمشاريع الطاقة الخضراء في القدس، توضح المهندسة ياسمين ماني، منسقة المشاريع في مؤسسة فلسطين للتنمية أن عملية التقديم تبدأ غالبًا عندما يسمع صاحب المشروع عن المبادرة من مستفيدين سابقين أو حاليين، أو من خلال الإعلان في الصحف.
وتشير إلى أنه يتم التقديم عبر تعبئة طلب متاح على الموقع الإلكتروني للمؤسسة، متضمناً المعلومات الأساسية والمستندات اللازمة، لتقوم المؤسسة بعدها بالتواصل لترتيب زيارة ميدانية للمشروع.
أما فيما يتعلق بالشروط المطلوبة للحصول على هذا التمويل، تبين ماني أن المشروع المتقدم للمنحة يجب أن يكون له مقر في القدس المحتلة، وأن يصنف ضمن المشاريع الصغيرة أو المتناهية الصغر أو أن يكون غير ربحي، كا يجب أن تستهدف فكرته دعم البيئة، سواء بتقليل استخدام الكهرباء أو بطرق أخرى.
مؤسسة فلسطين للتنمية تدعم هذه المشاريع بتركيب ألواح شمسية، أو بشراء معدات وأدوات صديقة للبيئة، إضافة إلى تقديم منحة تسويقية. ويهدف هذا الدعم إلى تمكين أصحاب المشاريع من توسيع قاعدة عملائهم وزيادة عدد الزبائن، وليس فقط الحصول على المعدات البيئية اللازمة.
تكمن أهمية المبادرات التي تدعم مشاريع الطاقة الخضراء والمستدامة في القدس، في أنها تعزز الاستدامة البيئية وتقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة. من خلال تسهيل الوصول إلى التمويل والمساعدة التقنية، ولهذا فإن مؤسسة فلسطين للتنمية توفر فرصًا حقيقية لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتناهية الصغر لتنفيذ أفكارهم وتحقيق أثر إيجابي على البيئة والمجتمع. هذه الجهود تأتي كخطوة مهمة نحو مستقبل أكثر استدامة، وتُعزز من قدرة المجتمع المحلي على مواجهة التحديات البيئية والاقتصادية المتزايدة في ظل الظروف الصعبة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في مكان تواجده.