الرئيسيةتقاريرالحواجز تضرب اقتصاد أريحا وترفع كلفة المواصلات

الحواجز تضرب اقتصاد أريحا وترفع كلفة المواصلات

*22 ألف طن إنتاج التمور في المدينة هذا العام وعقبات أمام التصدير في ظل إغلاق المعبر التجاري

أريحا-المحرر- نانسي نجوم- على مداخل مدينة أريحا، كسائر مدن الضفة تصطف عشرات المركبات الداخلة إلى المدينة والخارجة منها في الاتجاهين، وأمام ساعات من الانتظار أمام حواجز يفرضها الاحتلال،  تتحول حياة موظفين وطلبة وتجار إلى جحيم، فهذه الساعات الطوال مضيعة للوقت ونزيف للمال والأعمال، خاصة أنه في كثير من الأحيان يتم اللجوء إلى طرق بديلة وعرة، وزيادة المسافات ما يعني رحلة شاقة وكلفة مواصلات أعلى.

أريحا التي تعتمد على السياحة والزراعة تعرض اقتصادها كذلك إلى ضربة موجعة منذ بدء الحرب على شعبنا في غزة والضفة في السابع من تشرين الأول 2023.

يصف سائق العمومي ثائر نجوم (33) عاماً من مدينة أريحا معاناته مع حواجز الاحتلال بأنها معاناة كبيرة جدا،ً كما أنها متعبة ومكلفة له وللراكب في الطلبات الخارجية، بحيث تأخذ من وقته الكثير.

ويلفت إلى أنهم  يخاطرون بحياتهم خلال فترة المساء بسبب انعدام الأمان خلال التنقل بين المحافظات بسبب اعتداءات المستوطنين وحواجز الاحتلال التي  يمكن أن  تأخر السائق لأوقات طويلة، مشيراً إلى أن السائقين أصبحوا يتجنبون السفر لمسافات طويلة، فبعض المدن لم يصلوها منذ بداية الحرب بسبب الحواجز.

ويذكر أن الطلب إلى منطقة خارجية وبعيدة كانت تكلف ما قبل الحرب ما يقارب(200) شيقل أما السائقين فلا يقبلون حالياً  بأقل من(300)  شيقل، بسبب تعرضهم للأذى وللوقوف لفترات طويلة جداً أمام الحواجز ما رفع كلفة المواصلات على الركاب.

تذكر الطالبة رؤى أبو شهاب من مدينة أريحا أنها تتعرض لمعاناة شديدة أثناء ذهابها إلى جامعتها القدس المفتوحة فرع رام الله والبيرة، مشيرة إلى أن الطريق  في الظروف الطبيعية كانت تسغرق نحو(40) دقيقة، لكنها اليوم بفعل حواجز الاحتلال تصل الرحلة إلى ساعة ونصف الساعة، وأحيانًا تستغرق وقتًا أطول.

 وتضيف”السائق يضطر أحياناً  إلى استخدام طرق التفافية بعد إغلاق بعض الطرق، ما يزيد من الضغوط اليومية، وحتى الأعباء المالية”، لافتة إلى أن ذلك  يؤثر على تركيزها  في المحاضرات ويضيف عليها عبئاً نفسياً وجسدياً ومالياً برفع كلفة المواصلات.

نانسي أبو حماد من طالبة من قرية العوجا تتعرض لإعاقات كبيرة هي الأخرى خلال توجهها لدراستها من أريحا إلى رام الله،  مشيرة إلى أنها تضطر حتى تصل إلى جامعتها في رام الله للخروج الساعة السادسة صباحاً.

تقول”أحياناً إذا كان هناك حاجز يستغرق الوقوف أمامه قرابة ساعتين على الأقل ذهاباً وإياباً ما يسبب هذا قلقاً دائماً من الأهالي”، منوهة إلى أن جنود الاحتلال في بعض الأحيان يتعمدون التنكيل بالركاب وإذلالهم، حيث يقوم جنود الاحتلال بإجبارهم على النزول خارج المركبة ويقومون بتصويرهم أو أخذ هواتفهم أو هوياتهم أو يبقونهم خارج المركبة لوقت طويل، ل وبعد طول انتظار يمكن لجنود الاحتلال أن يطلبوا من السائق العودة من حيث أتى.

أريحا تعتمد على النشاطين الزراعي والسياحي بشكل كبير، لكن الحواجز تؤثر سلباً على كلا القطاعين. الزراعة تتضرر بسبب صعوبة نقل المنتجات الطازجة من المدينة إلى الأسواق في الوقت المناسب، ما يؤدي إلى تلف المنتجات وانخفاض قيمتها. أما السياحة، فتتأثر أيضًا بالقيود المفروضة على دخول السياح، ما يقلل من عائدات قطاع مهم تعتمد عليه المدينة بشكل كبير.

يؤكد مدير غرفة تجارة وصناعة أريحا والأغوار تيسير الياسيني  أن الأضرار التي لحقت بقطاعي التجارة والسياحة في محافظة أريحا والأغوار منذ أحداث 7 تشرين الأول 2023 كانت كبيرة بسبب حصار مدينة أريحا  أكثر من مرة، بالإضافة إلى فرض حواجز احتلالية على مداخلها ومخارجها بشكل مستمر.

ويلفت إلى أن حواجز الاحتلال بدأت منذ شهر آذار 2023، ثم استمرت إلى ما بعد إعلان الحرب على شعبنا في تشرين الأول 2023، منوهاً إلى أن الإغلاقات المستمرة وجهت ضربة للقطاعين الرئيسين وهما السياحة والزراعة،  إذ تراجعت ايرادات قطاع الزراعة بنسبة 80%، والسياحة بنسبة 100%.

 ويشير إلى أن الحال تحسن قليلاً منذ نيسان من العام الجاري إلى تشرين الأول الماضي، إذ وصلت ايرادات قطاع السياحة إلى نحو 60% مقارنة مع وضعه الطبيعي، أما قطاع الزراعة فقد تعرض لضربة كبيرة في بداية الإغلاقات  وتحديداً في شهري كانون الثاني وشباط عام 2023 بسبب تزامنه مع دورة خضراوات في مدينة أريحا، ما أدى إلى تلف المزروعات أو نقلها إلى سوق المدينة المركزي، وبالتالي عدم تمكن التجار من الوصول إلى السوق وشحنها إلى محافظات أخرى نتيجة الإغلاق، الأمر الذي ألحق خسائر كبيرة بالمزارعين نتيحة انخفاض الأسعار في أريحا بسبب زيادة المعروض مقابل العرض.

كما يذكر الياسيني أن عدداً كبيراً من المنشآت السياحية أغلقت بشكل كامل إبان الإغلاقات خلال العام الماضي وتم تسريح العديد من العمال أو منحهم رواتب جزئية في ظل عزوف السياح.

أما خلال شهري أيلول وتشرين الأول الماضيين، فيؤكد ياسيني أن اقتصاد المحافظة دخل في حالة ركود كبير متأثراً بتراجع الدورة الاقتصادية بشكل عام، في ظل استمرار عدم توجه قرابة (200) ألف عامل إلى أعمالهم داخل الخط الأخضر،  وعدم تلقي موظفي القطاع العام لرواتب كاملة، واستمرار فرض الحواجز، وفرض الحصار على المدن والبلدات الفلسطينية.

ويضيف”الحواجز على مدينة اريحا تفرض واقعاً اقتصادياً صعباً، فأحياناً يتم إغلاق الحواجز ساعتين أو أكثر حسب مزاج جنود الاحتلال، وبمجرد الإعلان عن إغلاق الحواجز ولو لفترة قليلة، فإن المتسوقين والسياح لا يأتون إلى المدينة”، مبيناً أن إغلاق المعبر التجاري على جسر الملك حسين أضر باقتصاد المدينة كذلك، كوننا في موسم تصدير التمور، وهناك إعاقات تتعلق بالتصدير، مشيراً إلى أن إنتاج المدينة هذا العام من التمور وصل إلى (22) ألف طن، يفترض أن تصدر إلى (30) دولة حول العالم، لكن رغم النجاح في تمرير كميات للتصدير عبر الموانئ الإسرائيلية، إلا أن المعيقات أمام التصدير كبيرة في ظل استمرار إغلاق المعبر التجاري عبر جسر الملك حسين.

أريحا بوابة فلسطين الشرقية، تصمد بقطاعيها الزراعي والسياحي، رغم كل العقبات، لكن الحواجز الاحتلالية مازالت تضر باقتصاد المدينة التي تنتظر كسائر المحافظات الفلسطينية انتهاء العدوان للعودة إلى إنعاش الدورة الاقتصادية وانقاذها من حالة الانهيار.