*المزارعون ممنوعون من استخدام آبار ارتوازية رغم وجودها في أراضيهم وعقبات مصطنعة تحدّ إمكانيتهم على التصدير
قلقيلية-المحرر-عثمان غشاش-في حبلة جنوب قلقيلية، يواجه المزارعون تحديات كبيرة نتيجة للاستيطان والقيود الاحتلالية المفروضة على أراضيهم، وفي مقدمتها منعهم من استغلال مصادر المياه في ري مزروعاتهم.
يتأثر القطاع الزراعي في المحافظة بأكملها بهذه السياسات، حيث تقع مصادر المياه في الشريط الغربي وتمتد من فلامية شمالاً إلى عزون عتمة جنوباً. بلدة حبلة التي تضم سبعة آبار ارتوازية، ورغم ذلك تحدد سلطاتالاحتلال حصة الآبار بشكل صارم، ويتعرض المخالفون لإجراءات عقابية قد تصل إلى إغلاق الآبار.
يؤكد ظافر سلحب، مدير الدائرة الفنية في زراعة قلقيلية، أن القطاع الزراعي في المحافظة يتأثر بشكل كبير في إجراءات الاحتلال، منوهاً إلى أن مصادر المياه تقع في الشريط الغربي، وتمتد من فلامية شمالاً إلى عزون عتمة جنوباً.
بلدة حبلة، التي تضم سبعة آبار ارتوازية، تُعد مثالاً على ذلك؛ إذ يُحدد الاحتلال بشكل صارم الحصة التي يسمح للمزارعين استخدامها من الآبار، ويتعرض المخالفون لإجراءات عقابية قد تصل إلى إغلاق الآبار.
يذكر سلحب حادثة بئر راس عطية، إذ رغم حصول صاحبه على الترخيص الفلسطيني، غير أن الاحتلال أغلقه بعد اكتمال الحفر وصبّه بالباطون، ما يشير إلى صعوبة الحفاظ على الموارد المائية الحيوية في ظل القيود الحالية.
ولضمان استمرارية توفير المياه، يعمل الطاقم الزراعي التابع لوزارة الزراعة على تحسين كفاءة شبكات الري عبر توفير خزانات تتراوح سعتها بين(500) و(1000) كوب، ما في التخفيف من أزمة المياه التي يخلقها الاحتلال لتوجيه ربة لقطاع الزراعة في هذه المنطقة.
تواجه حبلة تحديات استيطانية متصاعدة، إذ تحيط بها عدة مستوطنات إسرائيلية تُقيد التوسع الزراعي والسكني لأراضيها، من أبرزها “ألفي منشه” شمالًا و”متان” جنوبًا، إلى جانب “أورانيت” شرقًا، والتي امتدت على حوالي(1250) دونماً من أراضي القرية. كما أن جدار الفصل العنصري يمر بمسافة قريبة من القرية، ما يعزل جزءًا كبيرًا من أراضيها الزراعية عن سكانها، ويقيد حركة المزارعين الذين يعتمدون على هذه الأراضي لمعيشتهم.
يعاني المزارعون أيضًا من ارتفاع تكاليف الأجهزة الإلكترونية للري والتسميد، حيث يصل سعرها إلى(22) ألف دولار. وقد كان للمزارع رامي الجدع تجربة بارزة في زراعة الفراولة المعلقة، التي تعتبر أول تجربة له في هذا المجال. يقول الجدع إن هذه الطريقة تستغل المساحات بشكل أفضل وتنتج محصولًا يلبي حاجات السوق الفلسطيني.
ومع ذلك، استخدم رامي نظام الري باهظ الثمن لتعزيز إنتاجيته، ما زاد من تكاليفه الإنتاجية. ورغم كل التحديات، يظل المزارع الفلسطيني غير قادر على توفير مثل هذه الحلول لتعويض ما يتم مصادرته من أراضيه في إنتاجه الزراعي.
ويعاني المزارعون من التنافس غير العادل مع المنتجات الإسرائيلية، إذ يُصدَّر “الأفوكادو” الفلسطيني إلى أوروبا عبر شركات أردنية، بينما يعاني المنتج الإسرائيلي الذي يعتمد على مياه مكررة من عدم مطابقة المعايير. ومع ذلك تعرضت عمليات التصدير الفلسطينية لعراقيل، خاصةً في 8 أيلول 2024، عندما أغلق معبر الكرامة إثر حادثة أمنية، ما أدى إلى تلف نصف شحنة رامي التي اضطر إلى بيعها محليًا بخسارة، إذ يباع المنتج الإسرائيلي بــ(4) شواقل للكيلو مقابل(12) شيقل للمنتج الفلسطيني المغذّى بمياه عذبة.
يذكر أن حبلة تشتهر بعدد من المزروعات منها: “الأفوجادو”، والفراولة، والحمضيات.
يشير المزارع (غ.ب) إلى أهمية استخدام الأسمدة المركبة مثل سماد اليوريا الذي يحتوي على “النيترات” و”كلوريد البوتاسيوم”، لافتاً إلى أن هذه الأسمدة تعزز الإنتاج وتساعد المزارعين على المنافسة في السوق، لكن الاحتلال يمنع دخولها بدعوى أنها ثنائية الاستخدام.
يواجه المزارعون تحديات كبيرة، حيث يفرض الاحتلال قيودًا متكررة تؤثر على قدرتهم على الوصول إلى الأسواق الدولية. منها تأخيرات عند المعابر الحدودية، ومصادرة أو تدمير المحاصيل، وتقييد الوصول إلى الطرق اللازمة لنقل المنتجات.
يقول (أبو علي الخيل)، أحد التجار المصدّرين، إنه تم إرسال الشاحنات بعد إعلان الاحتلال عن فتح التصدير، لكن الشحنات الثلاث بقيت لأيام دون السماح لها بالمرور. ويضيف”الاحتلال يتعمد إعاقة دخول المنتجات عبر جسر الملك حسين بهدف إجبار التجار على التصدير عبر معبر إيلات، وهذا أمر يرفضه التجار كونه يزيد من تكلفة النقل ثلاثة أضعاف”.
تُقدر قيمة الأفوكادو الذي تم اتلافه بنحو 100,000 شيقل. ويوضح المزارعون أن استمرار منع الاحتلال لتصدير هذا المنتج سيؤثر سلبًا على مزارعي “الأفوكادو”، خاصة في محافظة قلقيلية التي تنتج نحو خمسة آلاف طن من “الأفوكادو” سنويًا، يتم تصدير نصفها إلى الخارج عبر المعابر الأردنية.
في غضون ذلك، تسببت الأجواء العدائية خلال الحرب في عزوف الزبائن الإسرائيليين عن الإقبال على المشاتل التابعة لفلسطينيين.
يوضح محمد كيوان، المحاسب في أحد مشاتل قلقيلية الواقعة خلف الجدار، أن تلك المشاتل تعتمد بشكل أساسي على التجارة بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل صعوبة تلبية احتياجات السوق المحلي.
تقوم هذه المشاتل بزراعة الأشجار القصيرة، وأنواع مختلفة من الورود، وتقديم خدمات زينة الحدائق. إلا أن القيود المفروضة على حركة البضائع خلف الجدار تؤدي إلى صعوبات في توزيع المنتجات الفلسطينية في الأسواق المحلية.
ويضيف كيوان أن الزبائن الإسرائيليين، الذين هم مزارعون يعملون في تشجير الحدائق، قد بدأوا بالتحول إلى مشاتل يملكها إسرائيليون، مع خوف من التعامل مع الفلسطينيين في ظل تشويه السمعة التي يعمل عليها الإعلام الإسرائيلي،مما يخلق حاجزاً نفسياً وعملياً بين العمال الفلسطينيين والزبائن. ومع ذلك، فإن هذا التحول رفع التكاليف على المزارعين الإسرائيليين، لكن هاجس عدم التعامل مع الفلسطينيين دفعهم لقبول هذه التكاليف الإضافية.
رغم التحديات الكبيرة، يظل القطاع الزراعي في قرية حبلة عنواناً للصمود. يتعاون المزارعون هنا لدعم بعضهم وتعزيز الإنتاج، لكن القيود الاحتلالية تعيق قدرتهم على النمو. يحتاجون إلى دعم أكبر من المؤسسات المحلية والدولية لضمان حقوقهم، ومواصلة النهوض بالزراعة كمصدر للعيش والاستدامة.