الرئيسيةرئيسيمن الصمت إلى الصوت".. كيف تغير الفحوصات السمعية حياة الأطفال؟

من الصمت إلى الصوت”.. كيف تغير الفحوصات السمعية حياة الأطفال؟

* فياض: التدخل المبكر مفتاح لتحويل تحديات السمع والنطق إلى فرص للتطور لدى الأطفال

*تشخيص التوحد لا يتم قبل عمر 3 سنوات لكن التدخل المبكر يعزز فرص العلاج والتطور

* السماعات الطبية وزراعة القوقعة أحدثت نقلة نوعية في علاج فقدان السمع

رام الله – المحرر – ميرا فياض- يواجه العديد من الأطفال في فلسطين تحديات في مجالات السمع والنطق، حيث تؤثر اضطرابات اللغة والتأتأة ومشاكل السمع على حياتهم اليومية وقدرتهم على التواصل الاجتماعي.

ويُعتبر التشخيص المبكر مفتاحًا أساسيًا لتحسين فرص العلاج والتطور، خاصة بالنسبة للأطفال المصابين باضطراب طيف التوحد. ولإلقاء الضوء على أهمية الفحوصات السمعية المبكرة ودور التقنيات الحديثة في تحسين حياة هؤلاء الأطفال، أجرى موقع “المحرر” لقاءً مع أخصائية النطق والسمع مرام فياض، التي أكدت على ضرورة التدخل المبكر وتقديم المشورة للأسر للتعامل بفعالية مع التحديات المرتبطة بالنطق والسمع. وفيما يلي نص اللقاء:

عوامل ظهور مشاكل السمع والنطق

*تعتبر مشاكل النطق والسمع من القضايا المؤثرة في حياة الأفراد، برأيك، ما العوامل التي تساهم في ظهورها؟

هناك عدة عوامل تساهم في ظهور مشاكل السمع والنطق، مثل العوامل الوراثية، والتعرض للإصابات أو الالتهابات في الأذن خلال مرحلة الطفولة. قد يؤدي الإصابة ببعض الأمراض أثناء الحمل، مثل الحصبة الألمانية، إلى فقدان السمع لدى الطفل. ولا يمكننا إغفال التأثير السلبي للعوامل البيئية، خاصة التعرض للأصوات العالية لفترات طويلة. بالإضافة إلى ذلك، قلة الوعي بأهمية الفحوصات السمعية المبكرة تسهم في تفاقم هذه المشاكل وتأخير اكتشافها.

التدخل العلاجي ودور الأخصائي

*ما الدور الأساسي لك كأخصائية في النطق والسمع لتحسين قدرات التواصل لدى الأفراد؟

دوري يبدأ من التقييم الدقيق لحالات السمع والنطق، ثم وضع خطة علاجية مخصصة. يقوم أخصائي السمع بإجراء فحوصات سمعية لمختلف الأعمار لمعرفة ما إذا كان الطفل أو البالغ يحتاج إلى سماعات طبية أم إلى زراعة قوقعة. عندما يتحسن السمع يزداد قدرة الفرد على التواصل. أما أخصائي النطق فيقوم بإجراء تقييم لوضع حالة الطفل تحت مسمى معين مثل: مشاكل نطق أو لغة أو تأتأة أو بلع، ثم يقدم جلسات علاجية لتحسين المهارة المطلوبة، وتدريب المرضى على تقنيات تساعدهم في التواصل بشكل أفضل. كما أقدم الدعم والإرشاد للأهل لمساعدتهم في متابعة حالة أبنائهم وتشجيعهم على تحقيق التقدم.

فقدان السمع وتطور اللغة

*تُقدر منظمة الصحة العالمية بأن هناك نحو 466 مليون شخص حول العالم يعانون من فقدان السمع بدرجة ما، ما مدى تأثير فقدان السمع على تطور اللغة والنطق لدى الأطفال؟

فقدان السمع يؤثر بشكل كبير على تطور اللغة لدى الأطفال. إذا كان الطفل لا يستطيع سماع الأصوات والكلمات بشكل جيد، فسيكون من الصعب عليه تعلم اللغة والنطق بشكل سليم. الأطفال يتعلمون من خلال الاستماع إلى البيئة المحيطة بهم، وعندما يكون هناك خلل في السمع، يتأثر اكتسابهم للغة بشكل كبير، ما قد يؤثر لاحقًا على أدائهم الأكاديمي والاجتماعي.

*ما التدابير العلاجية المتاحة في مرحلة مبكرة لتحسين التواصل لدى الأطفال؟

التدخل المبكر هو الأساس في علاج مشاكل النطق والسمع. تشمل التدابير العلاجية استخدام السماعات الطبية في الحالات التي تحتاج لذلك، وعمل جلسات تأهيل سمعي ما بعد زراعة القوقعة. كما نقوم بجلسات علاج النطق لتحسين مهارات اللغة والتواصل لدى الأطفال، بالإضافة إلى توفير بيئة داعمة في المنزل والمدرسة لتعزيز التطور اللغوي.

العلاج النفسي وتأثيره على التأتأة

*تقدر جمعية التأتأة الأمريكية بأن حوالي 5% من الأطفال يواجهون مشاكل في التأتأة خلال طفولتهم، كيف يمكن أن يساعد العلاج النفسي في التعامل مع الضغوط النفسية المرتبطة بالتأتأة؟

السبب الأساسي في التأتأة هو جيني وراثي، وقد تكون العوامل الخارجية مثل الضغوط النفسية أو الخوف أو ضعف شخصية الطفل قد أدت إلى ظهور التأتأة. وبالتالي، جميع هذه العوامل تزيد من شدة التأتأة وتظهرها، ولكنها ليست السبب الأساسي. يتم ملاحظتها من قبل الأهل عند الخوف أو الضغط النفسي، ولذلك يربطون ظهور التأتأة بهذه العوامل. يتم علاج التأتأة من خلال جلسات النطق حيث يقوم أخصائي النطق بتعليم الطفل مجموعة من الاستراتيجيات للعمل على تقليل التأتأة. لا يوجد علاج نهائي للتأتأة، ولكنها مجموعة من الاستراتيجيات التي يتعلمها الطفل ويعممها في الحياة الواقعية.

التشخيص المبكر في حالات التوحد

*أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن اضطراب طيف التوحد يظهر غالبًا قبل سن الثالثة. كيف يمكن للتشخيص المبكر أن يساعد في تحسين نتائج العلاج؟

أظهرت الدراسات أن التوحد لا يمكن تشخيصه إلا بعد 3 سنوات، ولكن أعراضه تظهر قبل ذلك. يُعتبر التشخيص المبكر العامل الأهم في تحسين فرص علاج الأطفال المصابين بالتوحد. كلما كان التدخل أسرع، زادت فرص تطوير مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الطفل. العلاج المبكر يمكن أن يساعد في تحسين اللغة والنطق، ويساهم في تعديل السلوكيات وتحسين التفاعل مع الآخرين.

نصيحة للأهل

*ما الخطوات التي يجب على الأهل اتخاذها فور ملاحظة الأعراض؟

يجب على الأهل مراقبة تطور طفلهم منذ الولادة ومقارنته بتطور الطفل الطبيعي. وإذا لاحظوا أي تأخر في التحدث أو عدم استجابة للأصوات، يجب استشارة أخصائي سمعيات في أقرب وقت. وقد تم مؤخرًا في فلسطين إجراء فحوصات سمعية للمواليد لمعرفة ما إذا كان الطفل يعاني من مشكلة سمعية أم لا بشكل أولي، وهي خطوة ضرورية لضمان الكشف المبكر عن المشكلة والبدء في علاجها. وفي حالة تأخر الطفل في الكلام أو قلب الكلمات بطريقة غير صحيحة أو مشاكل البلع والتأتأة أو ظهور مشاكل تواصلية منذ الصغر أو أي حركات نمطية مثل تدوير عجلة السيارة أثناء اللعب أو الرفرفة في اليد، جميعها علامات تدلّ على أنه يجب على الأهل التوجه إلى أقرب أخصائي نطق للبدء في العلاج.

*ما النصيحة التي تقدمينها للأسر؟

أريد أن أنصح الأهل بعدم الانتظار حتى تظهر مشكلة واضحة، بل المبادرة بإجراء الفحوصات السمعية والنطقية بشكل مبكر، خاصة إذا كان هناك تاريخ عائلي لمشاكل السمع أو النطق. كما أشجعهم على التفاعل المستمر مع الطفل وتوفير بيئة داعمة تحفز على التواصل. الدعم المبكر والرعاية المستمرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في حياة الطفل، وتساعده على تجاوز الصعوبات وتحقيق تطور ملموس في مهاراته اللغوية والتواصلية.

دور التقنيات الحديثة في علاج فقدان السمع

*مع التطور المستمر في الطب، ظهرت السماعات الطبية وتقنية زراعة القوقعة. كيف يمكن لهذه التقنيات أن تسهم في تحسين السمع لدى الأطفال؟

السماعات الطبية وزراعة القوقعة أحدثت نقلة نوعية في علاج فقدان السمع. السماعات الطبية تساعد على تضخيم الأصوات للمرضى الذين يعانون من فقدان سمع بدرجات خفيفة إلى متوسطة. أما تقنية زراعة القوقعة، فتساعد في حالات فقدان السمع الشديد أو في حالة وجود مشكلة في العصب السمعي، حيث تتيح للطفل سماع الأصوات بشكل أقرب للطبيعي مع متابعة أخصائي نطق للبدء في جلسات للتأهيل السمعي، ما يعزز من تعلم اللغة والتواصل.

*كيف يمكن تحديد ما إذا كان الطفل بحاجة إلى استخدام سماعات طبية أو زرع قوقعة؟

يتم تحديد الخيار الأفضل بناءً على درجة فقدان السمع وتقييم شامل من قبل أخصائي السمعيات. في حال كان فقدان السمع طفيفًا إلى متوسط، فإن السماعات الطبية قد تكون كافية. أما إذا كان الفقدان شديدًا ولا يستجيب الطفل للسماعة (فترة تصل من 3 إلى 6 شهور)، فقد يكون زراعة القوقعة هو الخيار الأمثل، ويقوم أخصائي السمعيات بإجراء التقارير المناسبة للبدء في زراعة القوقعة.