الرئيسيةرئيسي"التنمية الاجتماعية": نسبة العنف ضد المرأة في فلسطين مرتفعة ومقلقة

“التنمية الاجتماعية”: نسبة العنف ضد المرأة في فلسطين مرتفعة ومقلقة

*جيبات تؤكد لـ”المحرر” أن القوانين السارية لا تخدم النساء ويجب إقرار قانون حماية الأسرة

*الخوف من الانتقام و”الوصمة الاجتماعية” من أهم الأسباب التي تحول دون طلب المرأة المعنفة للمساعدة

رام الله-المحرر- دنيا حسين-في وقتٍ تتزايد فيه التحديات أمام النساء الفلسطينيات، سواء في ظل الاحتلال أو في السياق الاجتماعي المعقد، تبرز ضرورة تعزيز جهود حماية حقوق المرأة وتمكينها. وتعدّ وزارة التنمية الاجتماعية من بين الجهات المعنية لهذا الموضوع، التي تعمل على تأطير سياسات وبرامج تهدف إلى تحسين وضع النساء في المجتمع الفلسطيني.

 في هذا السياق، أجرى “المحرر” لقاء مع هبة جيبات رئيس وحدة المرأة والنوع الاجتماعي في الوزارة، لإلقاء الضوء على واقع حماية النساء في فلسطين، والتحديات التي تواجه “المعنفات”، وسبل الحدّ من تلك الظاهرة.

 تؤكد جيبات أنه رغم عدم وجود أرقام دقيقة، غير أن المؤشرات تظهر أن العنف الممارس بحق المرأة في ارتفاع، مطالبة بإقرار قانون حماية الأسرة لتلافي النقص الموجود في القوانين السارية حالية، والتي تتابين فيها النصوص بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. وفيما يلي نص الحوار:

*مؤشرات مقلقة  

*ما نسبة النساء المعنفات في فلسطين؟

للأسف، لا يوجد رقم دقيق يمثل نسبة العنف ضد المرأة في فلسطين، في أحدث إحصائيات صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني رصدنا أعداد النساء اللواتي طلبن تدخلات الحماية من الوزارة وتمت الاستجابة إليهن، يتبين أنه  عام 2022 تمت الاستجابة إلى(935) سيدة تعرضت للعنف، وتم التعامل معهن من قبل مرشدات حماية المرأة الموجودات في (11) مدرية تابعة للوزارة في مختلف المحافظات.

في عام 2023 تم رصد(908) حالات، وهو عدد أقل من العام الذي سبقه، لكنه لا يعني أن ممارسة العنف قلت، وهذا سببه أنه في نهاية العام 2023 وتحديداً بعد اندلاع الحرب، أصبح من الصعب على النساء الوصول إلى مراكز الشكاوى.

ومنذ بداية هذا العام الجاري حتى شهر حزيران الماضي تم التعامل مع (533) حالة، ومع نهاية العام سيتم إصدار التقرير الإحصائي الأخير. ويعود عدم توفر رقم دقيق حول حالات العنف ضد المرأة لعدة أسباب:

  1. صعوبة تعريف العنف: العنف ضد المرأة يأخذ أشكالاً متعددة، من الجسدي إلى النفسي والجنسي، وقد لا يتم الإبلاغ عن العديد من الحالات.
  2. صعوبة جمع البيانات: هناك تحديات في جمع بيانات دقيقة عن العنف، خاصة أن العديد من الضحايا يخشون الإبلاغ عن الحوادث بسبب وصمة العار أو الخوف من الانتقام.
  3. تغير الأرقام بمرور الوقت: تتغير الأرقام والإحصاءات بشكل مستمر مع إجراء المزيد من الدراسات والمُسوح.

ومع ذلك، فإن الإحصاءات المتاحة تشير إلى أن نسبة العنف ضد المرأة في فلسطين مرتفعة ومقلقة. تؤكد هذه الإحصاءات على أن العنف النفسي هو الشكل الأكثر شيوعًا للعنف الذي تتعرض له النساء، وأن هناك عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية تساهم في تفاقم هذه المشكلة.

 العنف النفسي الأكثر شيوعاً

*ما أشكال العنف الذي يمارس بحق الفلسطينيات، وأيُها أكثر شيوعاً؟

  1. عنف الاحتلال: المتمثل ” بالجسدي، وشمل: الاحتجاز القسري، والتنكيل على الحواجز، والتحرش الجنسي اللفظي أو الجسدي أو الإيحاء، والنفسي” .
  2. العنف الأسري والمجتمعي: ويتمثل بـ: الاغتصاب، والتحرش الجنسي واللفظي، والإجبار على الزواج، والإجبار على العمل بالبغاء، والعنف النفسي، والعنف الجسدي، والاستغلال الجنسي، والعنف الاقتصادي.
  3. العنف الأكثر الممارس عليهن هو العنف النفسي.

حماية المرأة في القانون

*إلى أي حد تحمي القوانين السارية في فلسطين النساء من العنف؟

الأنظمة النافذة التي يتم العمل وفقها لحماية النساء المعنفات هي:

  1. نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات رقم (28) لسنة 2022م.
  2. قرار مجلس الوزراء رقم (9) لسنة 2011م بنظام مراكز حماية المرأة المعنفة.
  3. الاستراتيجية الوطنية لمناهضة العنف ضد المرأة في فلسطين للأعوام 2023م-2030م

القانون المعمول به هو قانون العقوبات، وتختلف الرؤية القانونية فيه بين الضفة الغربية وقطاع غزة، من حيث السياسة العقابية، والتوجهات العامة في التجريم، وطرق التعامل مع المجرم. في الضفة  يطبق القانون الاردني رقم(16) لعام 1960، بينما يطبق في قطاع غزة قانون العقوبات لعام 1936، وفي القدس المحتلة يتم تطبيق القانون الجنائي الإسرائيلي، وهناك اختلاف في فلسفة هذه القوانين وتوجهاتها،  وفي أغلب الأحيان يتم تحميل السناء مسؤولية أية انحرافات، ولذلك هناك قصور في التشريعات، ويوجد صعوبات قانونية تواجه المرشدات عند التعامل مع الضحايا، لذا يجب  إقرار  قانون حماية الأسرة من العنف، فقانون العقوبات الساري قديم، ولا يخدم مصلحة النساء والفتيات.

إجراءات لحماية المرأة

*ما الاجراءات التي تتبعونها لحماية النساء،وما الخدمات التي تقدم لهن؟

يتم أخذ التدابير والاجراءات اللازمة التي تهدف إلى توفير الأمن والأمان، والسلامة الجسدية، والجنسية، والنفسية، والحماية الواجبة للنساء ضحايا العنف، مع عدم الاخلال بحقها في الحياة.

والخدمات التي تقدم لهن هي:

  1. الحماية عن طريق التحويل إلى مراكز الحماية التي توفر خدمة الايواء أو الحماية داخل الأسرة بعيداً عن من مصدر الاعتداء.
  2. تقديم خدمات الدعم والمساعدة القانونية النظامية والشرعية حسب طبيعة كل حالة، بالشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني
  3. تقديم خدمات الإرشاد والدعم، والتأهيل النفسي، والاجتماعي، للضحية ولأسرتها، وفقاً لخطة التدخل، وإشراك مرتكب العنف ببرامج تأهيل نفسي أو اجتماعي، بالتعاون مع المؤسسات المختصة، بما فيها مؤسسات المجتمع المدني.
  4. تمكين الضحية، وإعادة دمجها في أسرتها بعد التحقق من زوال الخطر.

 تعاون بين الحكومة والمجتمع المدني  

  *كيف تقيمين التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني لضمان فعالية إجراءات الحماية؟

يوجد تعاون وتنسيق مع مؤسسات المجتمع المدني، وهم شركاء في نظام التحويل الوطني للنساء المعنفات، ويوجد مذكرات تفاهم، واتفاقيات موقعة مع عدة مؤسسات، وكل مؤسسة تقدم خدمات في مجال عملها واختصاصها.

“الوقاية خير من العلاج”

*ما الحلول القانونية والاجتماعية والاقتصادية للحد من ظاهرة العنف ضد النساء؟

منّ أفضل الحلول للحدّ من ظاهرة العنف بحق النساء هي الوقاية منه، ومنع حدوثه منذ البداية، ويكون ذلك من خلال معالجة أسبابه التي تقوم على الأعراف الاجتماعية الخاطئة، والتمييز بين الجنسين، وذلك من خلال: تحقيق المساواة بين الجنسين،وتمكين المرأة في المجتمع، ومنحها جميع حقوقها الإنسانية، ومراجعة القوانين والأنظمة النافذة وتعديلها، بما يتلاءم مع قضايا النساء ضحايا العنف.

الأطفال ضحايا للعنف ضد النساء

*ما أثر العنف الذي تواجهه النساء على الأسرة وأطفالهن بشكل خاص؟

يعاني الأطفال الذين يشهدون أو يتعرضون للعنف الأسري من آثار نفسية واجتماعية خطيرة، قد تؤثر على نموهم وتطورهم على المدى الطويل ومن هذه الآثار:

  1. الاضطرابات النفسية: مثل الاكتئاب، والقلق، وانخفاض الثقة بالنفس.
  2. مشاكل سلوكية: سلوكيات عدوانية أو انطوائية، أو مشاكل في التركيز والتعلم.
  3. صعوبات في تكوين العلاقات.
  4. تأخر النمو: قد يتأثر نمو الطفل البدني والعقلي، بسبب التوتر والإجهاد المستمرين، وزيادة خطر التعرض للعنف قد يصبح الأطفال أكثر عرضة للتعرض للعنف بأنواعه المختلفة، سواء داخل الأسرة أو خارجها.
  5. مشاكل صحية: قد يعاني الأطفال من مشاكل صحية جسدية ونفسية، مثل الصداع، وآلام المعدة، واضطرابات النوم.
  6. تفكك الأسرة: قد يؤدي العنف المستمر إلى انفصال الوالدين أو الطلاق، ما يؤثر سلبًا على استقرار الأسرة.وقد يكرر الأطفال الذين يشهدون العنف في المنزل هذا السلوك في علاقاتهم المستقبلية.
  7. صعوبات مالية: قد يتسبب العنف بصعوبات مالية للأسرة، بسبب تكاليف العلاج النفسي والقانوني.

صمت وخوف

*ما التحديات التي تواجه النساء بخصوص الإبلاغ عن العنف الذي يتعرضن له؟

تواجه النساء في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك فلسطين، العديد من التحديات التي تمنعهن من التعبير عن العنف الذي يتعرضن له. هذه التحديات مجتمعة تخلق بيئة من الصمت والخوف، تمنع الضحايا من طلب المساعدة ومن أبرز التحديات:

  1. الخوف من الانتقام: تخشى العديد من النساء من أن يتعرضن للانتقام من قبل المعتدي إذا كشفن عن العنف، خاصة إذا كان المعتدي شخصًا ذا سيطرة في العائلة أو المجتمع.
  2. الخوف من الوصمة الاجتماعية: تخجل النساء من الإبلاغ عن العنف خوفًا من أن يتم وصمهن أو عائلاتهن بالعار في المجتمع.
  3. الاعتماد المالي: تعتمد العديد من النساء اقتصاديًا على أزواجهن أو أسرتهن، ما يجعلهن يخشين فقدان الدعم المالي إذا تحدثن عن العنف.
  4. الخوف من الإجراءات القانونية: قد تخشى النساء من التعرض للإجراءات القانونية أو الاجتماعية إذا تقدمن بشكوى، خاصة إذا كان هناك نقص في الثقة في النظام القضائي.
  5. عدم الوعي بحقوقهن: قد لا تكون النساء على دراية بحقوقهن القانونية أو بالخدمات المتاحة لهن، مما يجعلهن يشعرن بالعجز وعدم القدرة على تغيير وضعهن.
  6. العلاقات المعقدة: قد يكون لدى النساء علاقات معقدة مع الجاني، ما يجعلهن يترددون في اتخاذ إجراءات ضده.
  7. الخوف على الأطفال: قد تخشى النساء من أن يؤثر الإبلاغ عن العنف على أطفالهن، أو أن يتم فصلهم عنهم أو نزعهم منهم.

إجراءات بحق المعتدي

*هل هناك تدابير أو إجراءات إصلاحية وقانونية مع المعتدي؟

تختلف التدابير والإجراءات المتخذة ضد المعتدي على المرأة حسب طبيعة الجريمة أو الاعتداء،  وحسب النصوص القانونية المتباينة بين الضفة الغربية وقطاع غزة والقدس. ومع ذلك، هناك بعض الإجراءات العامة التي تهدف إلى حماية المرأة، ومعاقبة الجاني وإصلاحه، وهي تشمل:

  1. الإجراءات القانونية.
  2. التحقيق الشامل: إجراء تحقيق دقيق وشامل لجمع الأدلة وتحديد هوية الجاني.
  3. المقاضاة: تقديم الجاني للمحاكمة ومعاقبته وفقًا للقوانين السارية.
  4. الحبس: قد يتم الحكم على الجاني بالحبس، وخاصة في الجرائم الجسيمة.
  5. الغرامات المالية: فرض غرامات مالية على الجاني لتعويض الضحية عن الأضرار التي لحقت بها.
  6. إخضاع الجاني لبرامج إعادة تأهيل نفسية وسلوكية لتغيير سلوكه العنيف.
  7. تقديم العلاج النفسي للجاني لتحديد الأسباب الكامنة وراء سلوكه العنيف وعلاجه.