*تنتج الصحون والأواني وبلاط السيراميك وتركز على طباعة نباتات القرى المهجرة
القدس المحتلة-المحرر- إياد الطويل-من مدينة القدس المحتلة، تنطلق رحلة الفنانة المقدسية سندس الرجبي لتحول الطين إلى فن ينبض بالروح والهوية الفلسطينية. سندس، التي دمجت الطبيعة مع السيراميك، استطاعت أن تصنع بصمة خاصة بها عبر طباعة أوراق النباتات المهجرة من قرى القدس على الطين، لتخلق قطعًا فنية تحمل في تفاصيلها حكايات الأرض والانتماء.”المحرر” التقى الفنانة سندس، وفيما يلي نص الحوار:
*كيف تعرفين نفسك كفنانة؟
“أنا سندس الرجبي، فنانة تشكيلية من مدينة القدس. حصلت على بكالوريوس الفنون التشكيلية من جامعة النجاح عام 2014. بعد التخرج، عملت في عدة مؤسسات بالقدس، وبدأت رحلتي مع السيراميك خلال سفرتي إلى تركيا عام 2017، في مدينة إزنيق، حيث التحقت بدورة مكثفة في الخزف. بعدها، تطوعت في ترميم الزخارف داخل قبة الصخرة في المسجد الأقصى. وفي عام 2020، أسست استوديو الفن والسيراميك الذي نتواجد فيه اليوم”.
*حدثينا عن أعمالك وفكرة طباعة أوراق النباتات على الطين؟
“أعتبر هذه الغرفة الصغيرة عالمي الخاص، فهي جزء من روحي وكياني. هنا أطبق أفكاري من خلال دمج فن الرسم والطباعة على السيراميك. بدأت بتعليم نفسي هذا الفن، ومع مرور السنوات طورت أفكاري. اليوم، أنتج الصحون والأواني وبلاط السيراميك، وأركز بشكل خاص على طباعة نباتات القرى المهجرة”.
*لماذا اخترتِ نباتات القرى المهجرة، ولماذا الطين بالتحديد؟
“ارتباطي كفلسطينية مقدسية بالقرى المهجرة قوي جدًا. من صغري كنت أزور هذه القرى وأقرأ عنها. رغم أنني لست من عائلة مهجرة، إلا أن ما حدث بتلك القرى يمس كل إنسان فلسطيني. بدأت أجمع أوراق النباتات مثل التين والصبار والعنب من هذه القرى. أحببت فكرة أن النباتات التي تنمو من الأرض يمكن طباعتها على الطين، وكأنني أقول “من الطين إلى الطين”.
*ما الأوراق التي تستخدمينها عادةً في الطباعة؟
“بدأت بورق التين، وكنت منبهرة بالتفاصيل التي ظهرت بعد الطباعة. اليوم أركز على أوراق الأشجار المثمرة التي زرعها أصحاب الأرض الأصليون قبل تهجيرهم، مثل الصبار والتين والعنب. أحب أن أربط بين الشجرة والأرض، فكل ورقة تحمل رمزية عميقة”.
*ما مراحل إنتاج قطعة السيراميك؟
“القطعة تمر بثماني مراحل. أولاً، أستخدم الطين الطري لطباعة الورقة وتشكيل القطعة. بعد أن تنشف، تدخل الحرق الأول على حرارة (900) درجة لتصبح كالحجر. بعدها أبدأ مرحلة التلوين، وهو عالم كبير من الإبداع، ثم تدخل الحرق الثاني على حرارة (1200) درجة. جميع القطع صالحة للاستخدام في الأكل والشرب”.
*ما التحديات التي تواجهكِ في هذا المجال؟
“أهم تحدي هو المنافسة، لأن صناعة الخزف جزء من التراث الفلسطيني منذ مئات السنين، مثل خزف الخليل وخزف الأرمن. التحدي الآخر هو أنني أعمل في غرفة صغيرة في منزلي بمساحة 4×4، وأعتمد بشكل كبير على التسويق الإلكتروني، وأتمنى أن أمتلك مشغلًا خاصًا في البلدة القديمة”.
*ما هي رسالتك من خلال هذا المشروع؟
“رسالتي أن أنشر الحكاية الفلسطينية الأصيلة عبر الفن، وتسليط الضوء على القرى المهجرة في القدس، والتي تبلغ 37 قرية. نعيش اليوم ظروفًا تشبه تهجير عام 1948. أزور هذه القرى وأوثق نباتاتها، وأحاول أن أكون حلقة وصل بين أهلها المهجرين وأرضهم.”
*كيف يتفاعل الجمهور مع أعمالكِ؟
“شعرت بنجاح مشروعي عندما بدأت أتلقى ردود فعل من الناس. هذه الردود، التي تعكس ارتباطهم الروحي والوطني بالقطع التي أعمل على تشكيلها ، هي ما يدفعني للاستمرار. أشعر أن كل قطعة تحمل قصة تُقدَّر من قبل من يقتنيها”.
*أين ترين نفسكِ في المستقبل؟
“أتمنى أن أمتلك مشغلًا مستقلًا أستقبل فيه الناس وأعرفهم بمشروعي. هدفي أن أوصل رسالتي إلى العالم، خاصة لكل مغترب فلسطيني وأي شخص مهتم بالقضية الفلسطينية”.
تجسد سندس الرجبي من خلال فنها قصة حب وانتماء للأرض، حيث تدمج بين الطين والنبات لتروي حكاية القرى المهجرة في القدس. إنها ليست مجرد فن، بل رسالة صمود وذاكرة لا تنطفئ، تتنقل من الطين إلى الطين، وتحمل معها روح الأرض الفلسطينية.