*المواطن يطالب الإعلام بمعالجة كل القضايا لكنه لا يريد أن يدافع عن حقوقه
*الصحفيون رغم كل الظروف يؤدون رسالتهم لنقل الحقيقة إلى العالم
أريحا-المحرر-نانسي نجوم-في ظل التحديات اليومية التي يواجهها الشعب الفلسطيني، تبرز الصحافة كأداة محورية لنقل صوت المظلومين، وكشف الحقائق أمام العالم. الصحافة الفلسطينية ليست مجرد مهنة؛ بل هي واجب وطني، ورسالة إنسانية تنتصر للحق والحقيقة.
في هذا الحديث يسلط الإعلامي عماد أبو سمبل الضوء على واقع العمل الصحفي في فلسطين، مؤكداً أنه يوجد في فلسطين هامش إعلامي، ولكن الصحفي الفلسطيني يجب أن يمتلك الجرأة لطرح المواضيع، انطلاقاً من دور الصحافة في المساءلة والاستقصاء.
وانتقد أبو سمبل وهو عضو مجلس إداري في نقابة الصحفيين آليات توزيع منحة الاتحاد الدولي للصحفيين وشملت (22) مؤسسة إعلامية، مشيراً إلى غياب الشفافية والعدالة عن آليات التوزيع. وفيما يلي نص الحوار:
الإعلام يمتلك هامشاً
* أنت من الصحفيين المخضرمين في أريحا وتخوض تجربة برنامج مساءلة عبر راديو الريحان، ما هي قدرة الإعلام الفلسطيني على إحداث التغيير وتحقيق الإصلاح المطلوب في ظل الظروف الحالية سياسياً وأمنياً؟
هناك هامش للإعلام الفلسطيني في معالجة القضايا المختلفة، وإحداث التغيير يكون بتسليط الضوء على القضايا التي تهم المواطن، مثل القضايا اليومية كمشاكل المياه والكهرباء وخدمات البلديات وغيرها؛ وهذه عادةً ما يتم تناولها في الإعلام بشكل كبير، ولكن إن كنّا نتحدث عن مشاكل وقضايا سياسية فإن الإعلام الفلسطيني يستطيع أن يعلق ويسلط الضوء عليها، ولكن بسبب ظروف الاحتلال الاسرائيلي فإنه من الصعب تغييرها.
هناك بعض القضايا نسلط الضوء عليها، لكن المواطن للأسف لا يريد التغيير، بمعنى أن المواطن يريد من الإعلام أن يتحدث في كل القضايا، وهو في الواقع لا يريد أن يدافع عن حقوقه، مثلا هناك قضايا أطرحها مباشرة على الهواء؛ وأقول عندما يسكت المواطن عن حقه فإن المسؤول يشعر بأنه فعل الصواب، وكل شيء يقوم به سليم، لأنه لا يوجد شكاوى من المواطنين، وهذا خطأ كبير كون أن المواطن يتنازل عن حقوقه الحياتيه التي ينبغي على المؤسسات الحكومية والخدمية والخاصة توفيرها.
ثمن نقل الحقيقة
*الصحفي الفلسطيني دفع حياته ثمناً دفاعاً عن الحقيقة، لماذا برأيك إسرائيل أوغلت في قتل الصحفيين خلال هذه الحرب خاصة في قطاع غزة؟
الصحفي الفلسطيني كان ولا يزال وسيظل يدفع ثمن نقل الصورة، ومعاناة شعب يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ (76)عاماً، فهو سابقاً دفع ثمناً في الماضي، وسيدفعه مستقبلاً، ولكن هذا لن يثني الصحفيين الفلسطينيين عن إيصال الحقيقه للعالم بأسره، وتسليط الضوء على القضايا التي نعانيها بسبب الاحتلال.
كما يعمد الاحتلال إلى اسكات الصحفيين وإخافتهم، لثنيهم عن تسليط الضوء على ما يقوم به تحديداً في قطاع غزة والضفة الغربية، ولكن في الوقت ذاته، شاهدنا كيف قضى صحفيون وبرز آخرون جدد، فإن رحل صحفيون سيظهر زملاء لهم مرة أخرى لينقلوا الحقيقة، لأن هذا الشعب لن يكلّ ولن يملّ، وهي ليست شعارات فقط، فالشعب لن يتنازل عن حقوقه وحريته.
المطلوب الكثير من نقابة الصحفيين
*أنت عضو مجلس إداري في نقابة الصحفيين الفلسطينيين، ما هو المطلوب من نقابة الصحفيين خلال هذه المرحلة الصعبة؟
المطلوب كثير، لكن كَنقابة لا تستطيع أن تقدم الكثير للصحافين الفلسطينيين ، لأنه لا يوجد لديها ميزانيات مخصصة من جهة معينه لدعم الصحفيين، ولكن مطلوب منها مثلاً إنشاء صندوق للصحفيين الفلسطينين على غرار صندوق المحامين أو صندوق المهندسين ؛ مطلوب منها صندوق تقاعد، وأيضاً توفير معدات للصحفيين في أماكن تواجد عملهم للمنتسبين لها.
في الواقع يوجد الكثير من المطالب للصحفيين ؛ ولكن في ظل الظروف الحالية، وفي ظل الظروف الصعبة التي نعيشها تبقى قلة الموارد المالية تلعب دوراً في خفض سقف التوقعات، والبعض لديه علامات استفهام، ويطرح أسئلة كثيرة حول دور نقابة الصحفيين، ولكن في نهاية المطاف هي جسم يعمل على حماية الصحفيين بطريقة أو بأخرى، وإن لم تحمهم من الاحتلال، لكن يمكنها أن تدافع عنهم أمام السلطة الوطنية وغيرها من المؤسسات إذا ما واجهوا صعوبات.
انتقادات على منحة لوسائل الإعلام
*هناك الكثير من الانتقادات على منحة الاتحاد الدولي للصحفيين التي وزعت مؤخراً بقيمة مليون دولار وآليات توزيعها، أليس قطاع غزة أحق بالمنحة وهو لم يحصل سوى على (6) منح من أصل (22) منحة تم توزيعها؟
نعم، كان هناك انتقادات واسعة، وأنا أيضاً من الأشخاص الذين انتقدوا هذا الموضوع، وما زلت أنتقده، لم تتوفر الشفافية والعدالة في توزيع هذه المنحة، فالنقابة والاتحاد الدولي يقولان إنهما أعلنا عنها، ولكن هذا غير كاف، كان يجب أن تتواصل النقابة والاتحاد الدولي للصحفيين مباشرة مع المؤسسات الإعلامية وتخبرهم بتفاصيلها وتطلع على أحوال المؤسسات عن قرب، ولكن عندما لا تقدم مؤسسة إعلامية لن تستطيع أن تلوم نقابة الصحفيين بأي شكل من الأشكال، ولكن أن تتوزع بهذه الطريقة فهذا خظأ كبير، وبرأيي أنه تم استثناء محافظات بالكامل من هذه المنحة، بما فيها محافظة أريحا والأغوار، وخاصة إذاعة راديو الريحان، فهي الإذاعة الوحيدة المتخصصة في السياحة في الوطن، وفي الوقت نفسه تم إعطاء منح لإذاعات لا يوجد لها متابعون، وفي بعض الأحيان يتوقف بثها، ولهذا أقرّ بأن الانتقادات التي وجهت لآليات التوزيع محقة.
المجلس الإداري للنقابة بلا اجتماعات
*لماذا لم تعقد نقابة الصحفيين منذ آخر انتخابات أي اجتماع للمجلس الإداري الذي يُعد بمثابة برلمان النقابة؟
أنا أتحمل جزء من المسؤولية، كوني عضواً في المجلس الإداري، فرئيس المجلس الإداري لم يدع لعقد أي اجتماع، وهو يتحمل المسؤولية الكاملة عن ذلك، فهذا المجلس بمثابة برلمان للنقابة، وأعتقد أنه من الضرورة الآن الإسراع في عقد اجتماع خاصة بعد ما حصل في منحة الاتحاد الدولي للصحفيين، وتوزيع حوالي مليون دولار على مؤسسات إعلامية منها غير فعالة وغير مؤثرة.
لا مانع من الجرأة الصحفية
* كيف يمكن للإعلامي الفلسطيني أن يكون أكثر جرأة، سواء من حيث المساءلة أومن حيث تعزيز الاستقصاء لإصلاح واقع الحال؟
في الواقع لا أحد يمنع الصحفي الفلسطيني بأن يكون صحفياً جريئاً، أو أن يقوم بأي عمل استقصائي لأي موضوع كان في فلسطين أو خارجها، فهذا يعود إلى الصحفي نفسه، هناك هامش من الحرية موجود، لا أقول بأن البيئة مثالية، ولكن لدينا مساحة حرية جيدة، وأنا شخصياً خضت أكثر من تجربة في تحقيقات استقصائية ونشرتها الصحف الفلسطينية منها “الحياة الجديدة” رغم أنها رسمية، إذ نشرت تحقيقات أظهرت فساداً في بعض الدوائر الرسمية الحرية متوفرة، والجرأة يجب أن يمتلكها الصحفي نفسه، وهو الذي يستطيع أن يقول بأنه جريء، وأن يشتغل لدعم الفرضيات في تحقيقاته.