دبي-المحرر-سجى ياسين-هل يمكن أن يتخيل أحد فصولاً دراسية بلا كتب تقليدية، تُستبدل بتقنيات الواقع الافتراضي وأجهزة ذكية؟ أو أن يصبح الذكاء الاصطناعي شريكاً للمعلم في تقييم أداء الطلاب وتطوير مهاراتهم؟
في دولة الإمارات، لم يعد هذا المستقبل مجرد خيال، بل أصبح واقعاً ملموساً، التعليم هنا لم يعد مجرد تلقين للمعلومات، بل رحلة مليئة بالإبداع والتكنولوجيا تُعدّ الأجيال لمواجهة تحديات عالم يتغير بوتيرة غير مسبوقة، فما سر هذا التحول؟ وكيف استطاعت الإمارات أن تُحوّل رؤيتها الطموحة إلى إنجازات حقيقية؟
التحول الرقمي في التعليم
أبرزت الإمارات أهمية التحول الرقمي في التعليم من خلال منصات مثل “مدرسة” وهي مكتبة إلكترونية تحتوي على آلاف الدروس المجانية باللغة العربية، حيث تعزز من تجربة التعلم للطلاب وتساهم في تطوير المهارات والمعرفة بشكل مرن وفعال، بالإضافة إلى خدمات التعليم عن بُعد التي أثبتت نجاحها خلال الجائحة، فقد لعبت دوراً حيوياً في ضمان استمرارية التعليم، حيث تم تحويل الدروس إلى بيئات افتراضية مكنت الطلاب من متابعة تعليمهم عن بُعد حيث أصبح الطلاب قادرين على التعلم في أي وقت وأي مكان مما أثبت مرونة النظام التعليمي الإماراتي.
تقول الطالبة آية السرطاوي (23) عاماً، وهي طالبة تدرس الهندسة الإلكترونية في جامعة الإمارات، “جائحة كورونا جعلت التعليم عن بُعد واقعاً لا خياراً، كانت البداية صعبة بسبب انعدام التجربة السابقة، ولكن مع الوقت أصبحنا أكثر تأقلماً واعتماداً على أنفسنا، وتعلمنا كيف نستفيد من منصات التعليم الإلكتروني بشكل يتيح لنا الدراسة بمرونة أكبر مما عزز ثقتنا بمهاراتنا وقدرتنا على البحث والابتكار”.
خلال فترة التعليم عن بُعد، لعب أولياء الأمور دوراً محورياً في دعم العملية التعليمية، حيث أصبحت مسؤوليتهم أكبر من أي وقت مضى، لم يقتصر دورهم على توفير الأجهزة الإلكترونية وشبكة الإنترنت لأبنائهم، بل امتد ليشمل متابعة التقدم الدراسي، وتنظيم أوقات الدراسة، ومساعدتهم على التغلب على التحديات التي واجهوها، كانت تجربة التعليم عن بُعد بمثابة اختبار للأسر، حيث أظهرت قدرة أولياء الأمور على التكيف مع متطلبات جديدة ومرهقة أحيانا.
تقول ايمان أبو السعود (38) عاماً، والدة لطفلين في المرحلة الابتدائية “نحن كأولياء أمور، وجدنا أنفسنا معلمين بديلين، نحاول تبسيط المعلومات لأبنائنا ونساعدهم على التركيز أثناء الحصص الافتراضية، تطلب منا ذلك بذل جهد أكبر لدعم أبنائنا وضمان متابعتهم للدروس ورغم صعوبة الموازنة بين العمل ومتابعة الدراسة، إلى أنها كانت تجربة جعلتنا أكثر قرباً من تفاصيل تعلمهم”.
بالمجمل، عززت تجربة التعليم عن بُعد شراكة حقيقية بين الأسرة والمدرسة، ووضعت أولياء الأمور في قلب العملية التعليمية، وعلى الرغم من التحديات، أسهمت هذه التجربة في تقوية العلاقة بين الأهل وأبنائهم وتعزيز وعيهم بأهمية دورهم في تحقيق نجاحهم التعليمي.
المناهج الدراسية المبتكرة
تعمل الإمارات على تطوير المناهج الدراسية لتلائم متطلبات العصر الحديث، حيث تعمل على تعليم البرمجة من سن مبكرة، وتضمين موضوعات مثل الذكاء الاصطناعي والتفكير النقدي، من خلال تشجيع الطلاب على التفكير بشكل إبداعي وتحليل القضايا من زوايا متعددة والتركيز على المهارات العملية والمعرفية بدلاً من الاعتماد على الحفظ والتلقين.
يقول الطالب عمر علوان (17) عاماً، طالب في المرحلة الثانوية في إحدى المدارس في دبي” الدروس التي تركز على حل المشكلات، مثل تصميم حلول لمشاكل بيئية في مادة العلوم، تجعلنا نخرج من إطار الحفظ والتلقين، وتجعلنا نتعلم كيف نستخدم عقولنا بحلولاً إبداعية وغير تقليدية، مما يساعد على التفكير خارج الصندوق، وينمي مهارات مفيدة تستمر معنا طوال حياتنا”.
بنية تحتية ذكية ومدارس مستدامة
تسعى دولة الامارات إلى دمج التكنولوجيا مع الاستدامة لتوفير بيئة تعليمية متطورة تلبي احتياجات المستقبل، كتوفير مختبرات علمية متطورة، ومساحات مفتوحة لتحفيز الإبداع والابتكار، وأنظمة تعتمد على الطاقة الشمسية وتكنولوجيا صديقة للبيئة.
تعبر الطالبة روان أبو عمرة (24) عاماً، وهي طالبة علوم مخبرية في جامعة الإمارات، عن رأيها قائلة “أدهشتني فكرة المدارس المستدامة التي تعتمد على تقنيات حديثة مثل استخدام الألواح الشمسية وتقنيات إعادة التدوير، هذه المدارس ليست فقط صديقة للبيئة، بل توفر بيئة تعليمية تحفز على الابتكار وتجعلنا ندرك أهمية المساهمة في بناء مستقبل مستدام”.
وأضافت قائلة “أصبح التعليم أكثر ارتباطاً بالحياة العملية، مما يساعدنا على فهم المواد الدراسية بطريقة أعمق ويعدنا للتحضير للحياة الجامعية وسوق العمل والابتكار في المستقبل”.
إن التعليم الحديث في الإمارات، يمثل خطوة هامة نحو تحقيق التميز الأكاديمي، مع تعاون الطلاب، المعلمين، وأولياء الأمور، يواصل القطاع التعليمي في الإمارات سعيه لبناء بيئة تعليمية متقدمة تدعم الابتكار وتنمي مهارات الجيل المقبل، مما يعزز من قدرة البلاد على مواجهة تحديات المستقبل بثقة.
*ضمن مساق “الكتابة الإعلامية” لطلبة برنامج التعليم الدولي