بقلم : ليدا يوسف*
منذ نحو عقدين من الزمن، والشعب الفلسطيني يعاني من آثار الانقسام السياسي بين حركتي “فتح” و”حماس”، هذا الانقسام لم يكن مجرد خلاف في الآراء أو الاستراتيجيات، بل تطور ليصبح عائقًا كبيرًا أمام تحقيق الأهداف الوطنية، ما أثر بشكل مباشر على حياة الشعب الفلسطيني من النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية.
الأثر السياسي: الانقسام السياسي أضعف الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية، ما جعل تحقيق أهداف الشعب الفلسطيني أكثر صعوبة، كما أدى الانقسام إلى وجود حكومتين متنافستين؛ واحدة في الضفة الغربية تحت قيادة حركة “فتح”، والأخرى في قطاع غزة تحت قيادة حركة “حماس”، هذا الوضع المعقد أضعف الوحدة الوطنية، وأثر سلبًا على قدرة الفلسطينيين على التحدث بصوت واحد في المحافل الدولية ،أيضًا أدى الانقسام إلى تقليص فعالية المفاوضات مع إسرائيل، والقدرة على تشكيل قوة لضغط تحريك العملية السياسية التي دخلت في حالة جمود تام.
الأثر الاجتماعي: تسبب الانقسام في خلق فجوة كبيرة بين الفلسطينيين، العائلات والأصدقاء الذين ينتمون إلى فصائل مختلفة وجدوا أنفسهم في مواجهات متكررة، ما أدى إلى تفكك النسيج الاجتماعي، وزيادة التوترات الداخلية، بالإضافة إلى ذلك، أدى الانقسام إلى زيادة عدم الثقة بين مختلف شرائح المجتمع، ما أثر سلبًا على التعاون والتكامل الاجتماعي، وتفاقمت المشاكل الاجتماعية مع ظهور تعصب سياسي زاد من الاستقطاب بين الفصائل وأتباعها.
الأثر الاقتصادي: أثر الانقسام بشكل كبير على الاقتصاد الفلسطيني الذي يعاني أصلاً من التحديات، وقطع الاتصال بين الضفة الغربية وقطاع غزة وأدىذلك إلى تراجع التبادل التجاري وتقليل التعاون الاقتصادي بين الجانبين. أيضًا، حالت النزاعات الداخلية دون تنفيذ مشاريع التنمية والاستثمار بشكل فعال، ما زاد من معدلات الفقر والبطالة في كلا المنطقتين. كما تعرضت البنية التحتية للدمار في غزة بسبب الحروب المتكررة، ومع غياب الوحدة والتنسيق، أصبح من الصعب إعادة بناء ما تم تدميره.
الخدمات والاحتياجات الأساسية:الانقسام أثر بشكل كبير على تقديم الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، حكومتا الضفة الغربية وغزة تعملان بشكل منفصل، ما أدى إلى ازدواجية في الإدارة وتبديد للموارد، هذا الوضع انعكس سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمواطنين الذين يعانون من نقص في الرعاية الصحية والتعليمية. على سبيل المثال، هناك تفاوت في الخدمات الصحية المتاحة في غزة مقارنة بالضفة الغربية، ما يزيد من معاناة السكان في كلا الجانبين.
المقاومة والنضال المشترك: أثر الانقسام أيضًا على جهود المقاومة والنضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، فالتنسيق بين الفصائل في الأنشطة المقاومة أصبح معقدًا وأقل فعالية بسبب الانقسام، كما أصبح هناك غياب لاستراتيجية نضالية موحدة، ما أدى إلى تبديد الجهود، وإضعاف الموقف الفلسطيني في مواجهة السياسات الإسرائيلية التوسعية، بالإضافة إلى تفتيت الجهود المشتركة التي كانت تساعد في السابق على تحقيق مكاسب سياسية وإنسانية أصبحت ضعيفة، مما زاد من تعقيد الأوضاع.
إن آثار الانقسام الفلسطيني تتجاوز الخلافات السياسية لتصل إلى جوانب الحياة اليومية كافة للشعب الفلسطيني، لذا فإن تحقيق الوحدة الوطنية يتطلب جهودًا مشتركة من جميع الأطراف والفصائل للتركيز على الأهداف الوطنية المشتركة، والعمل بروح من التضامن والتعاون، بدون الوحدة الوطنية، وسيظل الشعب الفلسطيني يعاني من التحديات المستمرة التي تعيق تحقيق السلام والاستقرار والازدهار، فالوحدة ليست فقط ضرورة سياسية فحسب، بل هي أيضًا حاجة اجتماعية واقتصادية لضمان مستقبل أفضل للشعب الفلسطيني.
الوحدة هي الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف الوطنية، وتحسين الأوضاع الحياتية للشعب الفلسطيني، لذا يجب أن تكون أولوية قصوى لكل القادة والفصائل والشعب الفلسطيني ككل.
*طالبة في كلية الإعلام-جامعة “القدس المفتوحة”