رام ﷲ- المحرر- نفت مصادر متطابقة، أن تكون الحكومة بصدد الحصول على قرض مجمع جدید من البنوك، أو جدولة القرض المجمع الممنوح في كانون الأول عام 2023، لتأمین سیولة مالیة تساعد على الاستمرار بصرف نسبة 70% من رواتب الموظفین، وحصول أكثر من ثلثیھم عملیا على راتبھم كاملاً، علماً أن ھذه النسبة ساھمت خلال الأشھر الأخیرة باستقرار نسبي في أداء القطاع العام في المحافظات الشمالیة، وأدت إلى تحریك السوق في اقتصاد یواجه انكماشاً بنسبة 26% بحسب التقریر الأخیر الصادر عن البنك الدولي.
تقول المصادر ذاتھا إن الوقت المتاح عملیاً للحصول على ھكذا قرض (حتى 31 كانون الأول) آخذ بالنفاد.
وعلیه، فإن عدم وجود مفاوضات جدیة حول تسھیلات ائتمانیة جدیدة تمنحھا البنوك للحكومة، یعني أن ھذا المسار لم یعد قائماً عملیاً في ھذه المرحلة على الأقل، بما في ذلك إمكانیة منح قرض لسداد الأقساط المستحقة على الموظفین المقترضین وصرف نسبة مماثلة لغیر المقترضین كجزء من المستحقات المالیة للموظفین في ذمة وزارة المالیة.
یشار إلى أن مناقشات أولیة جرت بالفعل بین الجھاز المصرفي والحكومة على عدة سیناریوھات بتسھیلات ائتمانیة، لكنھا لم تتقدم للوصول إلى تصور قابل للتنفیذ نظراً لاعتبارات عدیدة، من أھمھا مخاطر التركیز الائتماني، وضبابیة المرحلة سیاسیاً، وانعكاسات ذلك على الصعیدین المالي والاقتصادي.
وساھمت منحة الاتحاد الأوروبي لفلسطین بقیمة (400) ملیون یورو، في تخفیف حدة الأزمة المالیة الناتجة عن قرصنة الحكومة الإسرائیلیة لما یعادل 60% من أموال المقاصة، والتي انخفضت سقوفھا الشھریة بنسبة 30% بسبب تداعیات الحرب.
وقد حول الأوروبیون الدفعة الأخیرة من المنحة الشھر الماضي، وقد تم استخدام جزء من الدفعة في سداد راتب شھر تشرین الأول الماضي.
وینوي الاتحاد الأوروبي تجدید شراكته الاستراتیجیة مع الحكومة الفلسطینیة من خلال رزمة مساعدات مالیة بقیمة (2) ملیار یورو للعامین المقبلین، الأمر الذي سیعزز الاستدامة المالیة، ولكن الأمر برمته سیخضع لتصویت البرلمان الأوروبي في نیسان 2025، الأمر الذي دفع الحكومة للبحث عن مصادر تمویل جدیدة تساھم في الحفاظ على نسبة الصرف من الراتب حتى ذلك الوقت.
بلغة الأرقام
حسب مصادر وزارة المالیة، یبلغ معدل أموال المقاصة المتاحة شھریاً بعد القرصنة الإسرائیلیة (380) ملیون شیقل، بینما یصل معدل الجبایة المحلیة في أحسن الأحوال إلى (180) ملیون شیقل، یضاف إلى ذلك المبلغ المتاح من المنحة الأوروبیة شھریاً ویبلغ (150) ملیون شیقل والمنحة السعودیة البالغة(10) ملایین دولار شھریاً.
وبالنظر إلى إجمالي الإیرادات الشھریة المؤكدة، فإن إجمالي المبلغ المتاح شھریاً یصل إلى (750) ملیون شیقل، في حین أن صرف نسبة 70% من الراتب تحتاج إلى مبلغ (890) ملیون شیقل، بالإضافة إلى (200) ملیون شیقل أخرى من النفقات التشغیلیة، الأمرالذي یعني صعوبة بالغة في تأمین الرواتب بالنسبة المعتادة ما لم یتم التحرك سریعا لتجنید إیرادات جدیدة.
ما العمل؟
یفید مصدر دبلوماسي، بأن السلطة الوطنیة الفلسطینیة توجھت إلى مملكة النرویج لمنحھا قرض/ منحة، بقیمة (450) ملیون دولار، لمساعدة الحكومة الفلسطینیة على تحقیق الاستدامة المالیة إلى حین تصویت البرلمان الأوروبي على رزمة المساعدات الجدیدة، وتجدر الإشارة ھنا إلى أن حكومة الاحتلال الإسرائیلي وبموجب اتفاق تم التوصل إلیه في الأشھر الأولى من الحرب كانت تقومب تحویل المبلغ الذي تتم قرصنته شھریاً تحت مسمى نفقات السلطة على قطاع غزة والبالغ (275) ملیون شیقل شھریاً إلى حساب مصرفي في النرویج، وتم ذلك لعدة أشھر قبل إعلان وزیر المالیة الإسرائیلى المتطرف بتسلئیل سموتریتش وقف العمل بھذه الآلیة واحتفاظ إسرائیل بالمبالغ الخاضعة للقرصنة.
ولا یبدو -في ھذه المرحلة على الأقل- أن ھناك نتیجة نھائیة للمساعي الھادفة لتأمین قرض من النرویج بضمان الأموال الفلسطینیة، التي وصلت إلى الحساب المصرفي ھناك بموجب الاتفاق المشار إلیه، لكن المصدر نفسه یؤكد أن المباحثات ما زالت مستمرة.
مسار آخر
ورد في البیان الصادر عن الاجتماع الأسبوعي لمجلس الوزراء، الثلاثاء الماضي، ما یلي: “وصادق مجلس الوزراء على مذكرة التفاھم بشأن التسویة المالیة لشركة كھرباء محافظة القدس الأمر الذي سیساھم في حل مشكلة صافي الإقراض خصوصًا اقتطاع الاحتلال الشھر الماضي لحوالي (100) ملیون شیقل كسداد دیون شركة الكھرباء من أموال المقاصة، وقبلھا اقتطاع (120) ملیون شیقل.
وبالتزامن مع المصادقة على مذكرة التفاھم، یجري تحضیر لمذكرات تفاھم مع بقیة شركات موزعي الكھرباء والتي تشكل حوالي نصف مبلغ صافي الإقراض، فیما یستمر العمل على حل مشكلة التقَاَص مع الھیئات المحلیة لحل النصف الآخر من مشكلة صافي الإقراض. إذ یعتبر إنجاز ھذا الملف من ضمن أھم الخطوات الإصلاحیة التي تبتنھا الحكومة وبالتالي تعزیز جودة الخدمات”.
حول خلفیة ھذا التصریح یفید مصدر مطلع، بأن ھناك مساعي لسداد الدیون المترتبة على شركة كھرباء القدس لصالح الشركة القطریة الإسرائیلیة، والبالغة بحسب المصدر قرابة (900) ملیون شیقل.
ونظراً لوصول المحادثات مع الأطراف الدولیة الوسیطة والضاغطة، یمتنع المصدر عن ذكر مزید من التفاصیل، لكن نجاح ھذا المسار من شأنه أن یحرر جزءاً من أموال المقاصة المحتجزة لدى الاحتلال الإسرائیلي، على أن تسد الحكومة الدیون المترتبة علیھا بدلاً من استھلاك الوزارات والمؤسسات المدنیة والأمنیة في مناطق امتیاز الشركة.
ویسمح ھذا المسار أیضاً بحصول شركة كھرباء القدس على قرض مجمع جدید بضمان الحكومة، بما یوفر سیولة نقدیة للمالیة العامة خلال المرحلة المقبلة.