الرئيسيةقصص"الملكة".. من مصممة جرافيك إلى مديرة مخرجي تلفزيون فلسطين

“الملكة”.. من مصممة جرافيك إلى مديرة مخرجي تلفزيون فلسطين

رام الله-المحرر-باسم حسيبا- لم تُفكر روان الأسعد (37) عاماً ابنة مدينة القدس أن تصبح مذيعة أو مقدمة برامج أو حتى الظهور على الشاشة. كان طموحها وهدفها بعيدين كل البعد عمّا حدث معها، وكأن القدر كان يلعب لعبته، فمشت معه دون أن تناقشه.

ومن هوسها بالرسم وحلمها أن تصبح مصممة أزياء، شجعها والدها على دراسة تخصص تصميم الجرافيك إيماناً بأنها ستبدع فيه، وتخرجت من جامعة فلسطين التقنية بدرجة امتياز، وفي مراحل تدريبها الأولى استطاعت أن تحصل على وظيفة مميزة في شركة (A2Z)  لما تمتلكه من مهارات ومواهب، وبعد عامين ونصف العام حصلت على وظيفة (senior designer) في شركة (الناشر)، انتقالاً لشركة (اسبيتاني) الكائنة في القدس.

مرحلة جديدة

في العام 2010 أنشأت الأسعد موقعاً إلكترونيا باسم (Rawan Asaad.co) لتعرض عليه كل تصاميمها، فنشرته على linked in) ( وعلى كل مواقع التواصل الاجتماعي، فبدأ رجال الأعمال العرب بالتواصل معها، وكانت (221) أول شركة سعودية تتعامل معها في التصميم، حيث استمرت بالعمل معها لفترة طويلة، ومن أهم الصفقات التي حققتها، صفقة مع طارق نور وهو من أهم رجال الإعلام في الوطن العربي، حيث أشرفت على تصميم ملاعب كرة القدم وشعارات الأماكن في قطر تحضيرا لكأس العالم بعد عشر سنوات.

ومن هنا، فُتحت أمامها الطريق الإعلامية، إذ تتلمذت في مصر على يد طارق نور. وعملت على الكثير من البرامج، والبروموهات وإعلانات رمضان، وتعمّقت في الوسط الفنّي والصحفي كمنتجة مستفيدة من خبراتها في التصميم.

العودة إلى الدّيار

وفي عمر(27) عاماً عادت الأسعد إلى فلسطين ليستقطبها رجل الأعمال الفلسطيني بشار المصري فور وصولها، لتشغل منصب Mrketing Comunication Director لمدينة روابي، والتي كانت في أوج طلعتها. واستمرت تسعة شهورٍ حتى قدّمت استقالتها من روابي.

لم يمرّ وقت طويل بعدها حتى خرجت بفكرة جديدة تخطو بها نحو حلمها في عالم الفن، فاستثمرت موقعاً إلكترونيا آخر باسم ( canvasati) لبيع لوحات فنية بأسعار تناسب معدل دخل الفرد الفلسطيني، وفي الوقت نفسه تشبهه، أو لوحات حسب الطلب. ثم عملت على تشغيل المشروع بأيادي الشباب الفلسطيني لدعمهم وتكبير المشروع في الوقت ذاته، فأطلق فنانو البلد التشكيليون عليها إشاعة (صاحبة الفن الصيني) أي الرّخيص.

بالرغم من ذلك، بدأ الإعلام المحلّي بالسماع عنها، فكتبوا عنها مقالات وعملوا معها مقابلات صحفية كثيرة لتصبح نجمة ذلك الوقت.

 

لقب الملكة

في العام 2016 رشّحت الأسعد نفسها لبرنامج (ملكة المسؤولية الاجتماعية والعمل الإبداعي في الوطن العربي) والتابع لجامعة الدول العربية. لتنافس (25) ألف امرأة على مستوى الوطن العربي.

من هناك، روّجت الأسعد لفكرة(canvasati)، ونافست به نفسها وبقيّة المشتركين. لتجد دعماً من الدكتور نبيل شعث والذي أوصى بها رئيس دولة فلسطين محمود عباس، حيث التقت به لمدة ساعتين ونصف للحديث عن حياتها وفكرة مشروعها. كان دعم الرئيس لها بمثابة اللقب، كونها أول امرأة تتلقى دعماً من عضو برلماني، أو رئيس.

في نهاية 2016 توّجت بالنيابة عن دولة فلسطين كملكة المسؤولية الاجتماعية، ثم مددت رحلتها في القاهرة آنذاك، لتتلقى لاحقاً اتصالاً هاتفياً من سفير فلسطين في القاهرة – ذياب اللوح ليخبرها برغبة الرئيس (أبو مازن) حالاً لرؤيتها.

مرسوم رئاسي

جاء مرسوم رئاسي بدايةَ العام 2017 بتعيينها مذيعة لتلفزيون فلسطين، حيث لم يكن أبداً في حسبانها وتخيّلها.

بدأت بعدها في تقديم البرامج وأولها (أنا فلسطيني) والذي سلّطت به الضوء على الهوية الوطنية الفلسطينية، من السلام الوطني وتاريخه، إلى تفاصيل دقيقة في الهوية، ثم برنامج (لهجة المخيم) ناقشت فيه كبار السن الذين عاشوا النكبة عن قضية اللجوء.

وكان أبرز وأكبر برنامج أعدته وقدّمته (بيادق) الذي قررت به محاورة أعضاء اللجنة المركزية والمحافظين والمجلس الثوري على طاولة الشطرنج، وتسألهم عن حالهم بعيداً الصورة النمطيّة المعروفة عنهم.

تطوّر عملها كإعلامية إلى دعم الكثير من القضايا الاجتماعية، وأبرزها الجرائم الإلكترونية بالتعاون مع الشرطة الفلسطينية في برنامج (الشبكة) والذي يدعم حماية المواطنين خاصة النساء والأطفال.

بعيداً عن الشاشة

بحثاً عن الأمل، قررت الأسعد الانتقال من الحديث عنه إلى إخراجه، وعلى أساسه تطورت مهنتها من مقدمة برامج إلى مخرجة للعديد من الأعمال، ليصل القدر بها إلى نائبة مدير المخرجين، وحالياً مديرة المخرجين في تلفزيون فلسطين.

بالرغم من كل الصعوبات التي مرت بها على الصعيدين المهني والخاص، وكونها موظفة في هيئة الإذاعة التلفزيون، تعاني كما يعاني باقي الموظفين الحكوميين من الأزمات المادّية، إلا أنها واقعة في حب مهنتها ومكان وجودها، ومع بداية الرابع من كانون الثاني تُكمل الأسعد عامها التاسع في الهيئة بكل عطاء وحب وبذل.

 

المقالة القادمة
المقالة السابقة