نابلس-المحرر-ميس شافعي– منذ(17) شهراً، لم يسلم الكل الفلسطيني من بطش الاحتلال وجرائمه، والتي كانت أكثر وضوحاً على الأسرى بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، حيث شنت قوات الاحتلال حملات اعتقال طالت الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني بمختلف أطيافه السياسية، ولم يقتصر الأمر على الاعتقال، حيث مارست قوات الاحتلال أبشع طرق التعذيب وأقساها بحق الأسرى في السجون.
تنوعت أساليب التعذيب التي استخدمها الاحتلال بحق الأسرى، حيث لم تترك أسلوباً لم تمارسه معهم، بدءاً من حرمانهم من جميع مقومات الحياة البسيطة التي كانت متوفرة في غرفهم، إلى التعذيب حد الموت، حيث وثقت مؤسسات الأسرى على مدى عدة أشهر شهادات مروعة من أسرى مفرج عنهم تمثلت بقمعهم والاعتداء عليهم وهم مكبلو الأيدي والأرجل، وحرمانهم من الطعام والملابس، واستخدام كل أنواع التعذيب النفسي والجسدي المتعارف عليها في السجون، وسحب جميع الاستحقاقات التي حققتها الحركة الأسيرة خلال السنوات الماضية.
الآلاف من المواطنين تم اعتقالهم خلال الحرب من مدن الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم تتوقف الاعتقالات حتى يومنا هذا، حيث تداهم قوات الاحتلال مدن الضفة وتعتقل العشرات يومياً، ويترافق مع هذه الاعتقالات تخريب في المنازل، وسرقة مبالغ مالية ومصادرة مركبات أحياناً.
وأوضحت مؤسسات الأسرى في آخر إحصائية لها صدرت في تاريخ 2025-3-6 أن عدد الأسرى في سجون الاحتلال وصل أكثر من(9500) أسير فلسطيني ممن عرفت هوياتهم، حيث إن هذه الإحصائية لا تشمل كافة معتقلي غزة، وتحديداً ممن يتواجدون في المعسكرات التابعة لقوات الاحتلال.
ووصل عدد الأسرى الأطفال المعلومة هوياتهم إلى نحو(350) طفلاً، فيما بلغ عدد الأسرى الإداريين أكثر من (3405) أسرى، غالبيهم اعتقلوا خلال الحرب، وتم تمديد اعتقالهم لأكثر من مرة.
“حبة أكمول علاج لكل الأمراض، و ما بتوخذها إلا إذا وصلت لمرحلة الموت”، هذه كانت شهادة أحد الأسرى المفرج عنهم من سجون الاحتلال. من الناحية الصحية يعاني الأسرى من انعدام الرعاية الصحية وعدم توفير الأدوية، إضافة إلى تفشي مرض “سكابيوس” بشكل كبير في صفوف الأسرى نتيجة انعدام النظافة ومنع الأسرى من الاستحمام وتغيير ملابسهم.
“الضرب يصاحب الأسرى في كل الأوقات”. أفاد عدد كبير من الأسرى المفرج عنهم ومن حرروا بصفقة التبادل بأن عمليات الضرب كانت في كل الأوقات منذ بدء عملية الاعتقال حتى لحظات الإفراج .وأكد بعض المحررين أنه تم الاعتداء عليهم أمام ممثلي الصليب الأحمر، إضافة إلى ذلك كشفت شهادات الأسرى بأن قوات الاحتلال لم توفر أي أداة للقمع إلا واستخدمتها، حيث استعملت الغاز السام وقنابل الصوت أثناء حملات قمع الأسرى، واستعملت العصي الحديدية والهراوات لضرب الأسرى، ما تسبب بإصابة العديد منهم بالكسور.
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، فقد حاربت إدارة السجون المعتقلين بالطعام، حيث قلصت وجبات الطعام لبعض اللقيمات لتساعد الأسرى بالبقاء على قيد الحياة، إضافة إلى سحبها جميع ملابس الأسرى، وإبقاء لبسة واحدة فقط للاستخدام، إضافة إلى منع الأسرى من حلق شعرهم أو لحاهم حيث خرج العديد بمناظر تشبه أهل الكهف بشعر ولحية طيلة، ووجه شاحب، ونزول كبير بالأوزان.
العنف و الدموية السمة الأساسية للوضع في السجون منذ السابع من أكتوبر، حيث أعلنت مؤسسات الأسرى عن استشهاد (61) أسيراً -ممن عرفت هوياتهم- من معتقلي الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو الرقم الأعلى في تاريخ الحركة الأسيرة. خلال الأسبوعين الماضيين، أعلن عن استشهاد (4) أسرى في سجون الاحتلال نتيجة التعذيب، وكان من ضمن الأسرى الذين استشهدوا الأسير مصعب هنية، والذي إفاد أسير محرر ممن عاشوا معه في سجون الاحتلال أنه تعرض للتعذيب والاغتصاب بأداة حادة، ما أدى إلى إصابته بنزيف حاد على مدى أكثر من شهرين إلى أن أعلن عن استشهاده.
على جانب آخر، لم تسلم الأسيرات من الخطوات القمعية خلال الاعتقال، وحتى بعد نقلهن لسجن الدامون (السجن المخصص للأسيرات الفلسطينيات)، حيث أوضحت عدد من الأسيرات الإجراءات العقابية التي كانت تتم بحقهن، وأهمها عزلهن بشكل كامل عن العالم الخارجي، وسحب جميع الملابس التي كانت بحوزتهن، حتى أنه في بعض الأحيان تم سحب اللبس الشرعي لعدد من الأسيرات، عدا عن كميات الأكل القليلة جداً وسيئة الطعم، حتى أن جزءاً منها لا يصلح للاستخدام الآدمي وتعرض عدد منهن للعزل الانفرادي لمدة طويلة.