نابلس- المحرر-بيسان إبراهيم وتالا أحمد و بهاء شراب وعبد اللٌه نوباني
على مداخل مدينة نابلس وفي محيطها، تنتصب حواجز الاحتلال كجدران فصل صامتة، لكنها تنطق بمعاناة مواطني المدينة يوميًا. ليس مجرد نقاط تفتيش وحسب، بل أدوات لعزل المدينة عن محيطها، تعرقل حركة المواطنين، وتعطل أعمالهم، وتقيد حياتهم تحت ذرائع أمنية.
منذ سنوات، تحرم حواجز الاحتلال المواطنين من أبسط حقوقهم، وباتت رمزاً للاضطهاد الذي يلاحق كل خطوة وكل حلم، حيث تتحول الشوارع إلى ساحات معركة يعيش فيها المواطنون صراعاً يوميا من أجل البقاء والكرامة. وفي كل منعطف، يتردد صدى الانتظار المرير والقلق المتواصل، الذي لا ينتهي تحت وطأة الاحتلال.
وفي هذا السياق، يقول محمد نصّار(20) عامًا من بلدة مادما جنوب نابلس”قبل أن أخرج من منزلي متجهاً إلى الجامعة، أبحث عن أية معلومة قد تفيدني من أجل تفادي خطر الوقوع في شباك الحواجز الإسرائيلية التي تقطع أوصال الطرق”.
يبرز حاجز “المربعة” الواقع جنوب شرق مدينة نابلس والذي يغلق بشكل مفاجئ دون وقت محدد، ما يحول التنقل اليومي إلى معاناة حقيقية. ويتمثل ذلك بإجبار المواطنين على الانتظار لساعات طويلة، في ظروف لا يسمح فيها حتى لسيارات الإسعاف المرور، ما يشكل خطراً على حياة المرضى.
يقول بهاء شراب “في ظل الحصار المفروض على مدينة نابلس، يعاني سائقو الباصات والمركبات العمومية من صعوبة نقل الأهالي إلى بلداتهم وقراهم بسبب الأزمات المرورية الخانقة التي تسببها الإجراءات المشددة على الحواجز، وخصوصاً حاجز (عورتا) حيث يتعرض الركاب للتفتيش المتكرر، والإجراءات الأمنية التي قد تكون مهينة للجميع دون استثناء، واعتقال بعضهم بسبب تحميل جوالاتهم لبعض مواقع التواصل الاجتماعي التي تُعدّ استفزازية لهم، مثل تطبيق التيليغرام”.
يشير ميسر الأزعر(36) عاماً والذي يعمل على خط نابلس- رام الله إلى موقف صعب واجهه على طريق السعادين الذي استخدمه من أجل تخطي حاجز (المربعة)، منوهاً إلى أن جنود الاحتلال أوقفوه بشكل مفاجئ بعد أن خرجوا من بين أشجار الزيتون . ويقول” صادروا مفتاح مركبتي، وبقيت متوقفاً أربع ساعات، من الساعة الثامنة صباحاً حتى الثانية عشر ظهراً، قبل أن أتمكن من استعادة المفتاح ومتابعة طريقي”.
يلفت محمد الشحروري (أبو توفيق) مدير شركة لصناعة الحلويات إلى أن المواطنين والمستهلكين للبضائع أصبح لديهم تخوف كبير من القدوم الى نابلس بسبب تشديد الخناق على الحواجز التي شلت الحركة الاقتصادية في نابلس .
وفي هذا السياق، يشير الخبير الاقتصادي مؤيد عفانة إلى أن مدينة نابلس تعاني منذ عام 2022 من حصار مستمر من قبل قوات الاحتلال ،ومنذ السابع من أكتوبر 20023 ازداد الحصار على هذه المدينة بشكل أكبر حيث يوجد أربعة حواجز عسكرية لقوات الاحتلال تعمل بشكل واضح على تدمير الوضع الاقتصادي.
وينوه إلى أن الحواجز تسببت بتراجع اقتصاد المدينية بنحو 50%، قائلاً إن مدينة نابلس تعتمد بشكل مباشر على مركزين أساسين في التجارة: الأول سكان الريف، والثاني فلسطينيي 48، لافتاً إلى أنه في هذا الوضع الصعب باتت نابلس تفتقد اليوم للزوار، إذ أصبحت المدينة تعتمد على نفسها فقط نتيجة هذه الحواجز العسكرية المحيطة بها.
يبين شاهر سعد الأمين العام للاتحاد العام لنقابات العمال في فلسطين إن حواجز الاحتلال في الضفة الغربية تخالف كافة المعايير والاتفاقيات الدولية، وهي من أكبر التحديات نتيجة القيود التي تفرضها على انتقال الفلسطينيين بين القرى والمدن، ما يؤخر إمكانية الوصول إلى الخدمات الأساسية المتعلقة بالعمل أو غيرها من الشؤون الخاصة للمواطنين.
وبحسب إحصائيات صادرة عن هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، هناك ما يقارب(898) حاجزًا نصبها الاحتلال الإسرائيلي مؤخرًا منذ أحداث السابع من أكتوبر/تشرين الثاني 2023، بهدف عزل مناطق الضفة الغربية وتحويلها إلى سجون كبيرة بلا جدران.
تمثل الحواجز الإسرائيلية على مداخل مدينة نابلس إحدى أبرز أدوات التضييق على حياة الفلسطينيين، حيث تعيق حركة المواطنين، وتؤثر سلبًا على الاقتصاد، والخدمات الطبية، والتعليم. ورغم محاولات الأهالي للتأقلم مع هذه الظروف القاسية، يبقى تأثير هذه الحواجز عائقًا مستمرًا أمام الحياة اليومية، ما يجعلها عنواناً لسياسة العقاب الجماعي التي تفرضها سلطات الاحتلال الاسرائيلي، ومع استمرار هذه الإجراءات، تبقى معاناة الفلسطينيين شاهدة على هذا الظلم والعيش المرير.