الرئيسيةرئيسيالأسير محمود الشرباتي يُصارع المرض والقهر والإهمال

الأسير محمود الشرباتي يُصارع المرض والقهر والإهمال

رام الله-المحرر- ليث وشحة– في مدينة القدس، حيث تنبض الحجارة بالكرامة، وتبكي الأزقة على أبنائها، هناك قصة تختصر وجع الأسرى، وتفضح قسوة الاحتلال. إنها قصة الأسير المقدسي محمود أيمن الشرباتي ابن الـ(19)عاماً الذي يقبع خلف القضبان منذ خمسة شهور، يُصارع المرض والقهر والإهمال، ويُحرم حتى من حقه في أن يرى وجوه أحبّته.
منذ لحظة اعتقاله، فرض الاحتلال الإسرائيلي عزلاً تامًا على عائلة محمود، حيث مُنع ذووه من زيارته أو الاطمئنان عليه، ضمن سياسة ممنهجة تستهدف الأسرى نفسيًا واجتماعيًا. لم يُسمح لأمٍ أن تحتضن ابنها، ولا لأبٍ أن يربّت على كتفه، بل اقتصرت الاتصالات فقط على المحامي، الذي كان النافذة الوحيدة التي تطل منها العائلة على ابنها الأسير.
وعبر تواصل الأهل مع المحامي، تمكنوا أخيرًا وبعد جهد من الحصول على موافقة الاحتلال لزيارة محدودة لثلاثة من أفراد العائلة من الدرجة الأولى فقط، ولمدة لا تتجاوز(40) دقيقة بعد شهورٍ من الغياب، أربعون دقيقة محمّلة بالشوق، بالدموع، بالأسئلة، وبالصدمة.
لقد كان اللقاء مؤلمًا بكل تفاصيله. تغيّرت ملامح محمود بشكل واضح، بدا هزيلاً، وظهر الشحوب على وجهه النحيل، وعلامات المرض والاعتقال القاسي ارتسمت في جسده ووجهه. لم يكن ذلك الشاب الذي غادر البيت ضاحكًا قبل شهور ، بدا شابًا أنهكته المعاناة، وحطّمت القيود روحه وملامحه.
الأهل تحدثوا بقلوب تنزف وجعًا على حالته، حيث أكدوا أنه يعاني من مرض “الجرب” الذي أصيب به نتيجة انعدام النظافة داخل الزنازين، ومن “الأميبيا” التي أدت إلى جفاف شديد في جسده، وسط إهمال طبي متعمّد من قبل إدارة السجن.
وما يزيد من قساوة المشهد أن محمود يتعرض لضغوط جسدية ونفسية متواصلة، منها حرمانه المتكرر من الاستحمام كحق إنساني بسيط. الاحتلال لا يكتفي بتقييد حريته، بل يُمعن في إذلاله ومنعه من ممارسة حقه في النظافة الشخصية، ما أدى إلى تفاقم حالته الصحية والنفسية. إنها سياسة ممنهجة تُمارسها إدارة السجون ضد الأسرى الفلسطينيين بهدف كسرهم وإنهاكهم.
وأكدت العائلة أن محمود تعرض للتنكيل الجسدي والضرب أثناء التحقيق، وقد ظهرت آثار ذلك على جسده، ما يُثبت حجم الانتهاك الذي تعرض له، والذي يُضاف إلى سلسلة طويلة من الجرائم المرتكبة بحقه.
رغم كل هذا، يبقى محمود شامخًا، يُقاوم بصمته، يُقاتل بإيمانه، ويُواصل نضاله من خلف القضبا نمحمود ليس مجرد أسير، بل هو شهيد حيّ على ظلم الاحتلال، ورمز من رموز الصمود المقدسي.
صوته لا يصل، لكن قضيته تنبض في  القلوب، ووجعه أمانة في الأعناق، وصرخته يجب أن تملأ كل المنابر لتُعبر عن  عن قهر  بلا حدود يجري في الظلمات، يمارسه من سقطت من قواميسه كل معاني الإنسانية.